الأحد 28 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
غباء الذكاء الاصطناعى

غباء الذكاء الاصطناعى

أتذكر نكتة قديمة عن طالب يقوم بتجربة عملية على أحد الضفادع فى المعمل حيث قام بربط الضفدعة إلى لوح خشبى ثم قام بالخبط على طرف اللوح فوجد الضفدعة تنتفض، فقام بعد ذلك بقطع يدها اليمنى ثم أعاد الطرق فانتفضت الضفدعة مرة أخرى، أعاد الطرق بعد أن قطع يدها اليسرى ثم رجلها اليمنى ولكن عندما قام بقطع رجلها اليسرى وعاود الطرق فلم تتحرك الضفدعة وهنا قام بتدوين نتيجة التجربة كما يلى «عندما نقطع للضفدعة أرجلها الأربع فإنها لا تسمع».



النكتة السابقة على سذاجتها توضح ـــ إلى حد كبير ـــ كيف يمكن لأنظمة الذكاء الاصطناعى أن تخرج باستنتاجات نتيجة التحليل الخاطئ للمعلومات والظواهر، من الممكن أن توجد تلك الأنظمة ارتباط بين أطباء الأسنان والأحذية البنية أو بين سيارات الدفع الرباعى والمغنى الأمريكى مايكل جاكسون... إلخ.

هذا الأمر يختلف كثيرًا عما يقوم به البشر وما يصلون إليه من نتائج لتحليلهم لنفس البيانات، فالكثير من الروابط غير حقيقية وغير منطقية مهما بدت متكررة وهذا الأمر يقوم به البشر بطريقة تلقائية فيقومون باستبعاد الكثير من العلاقات المشابهة وفى نفس الوقت وللأسف قد يهملون ارتباطًا مهمًا لعدم اقتناعهم بأهميته أو لعدم إحساسهم بدرجة قوته.

من الأمور التى قد يغفلها الذكاء الاصطناعى أيضًا ما هو مرتبط بثقافة البشر وعاداتهم وتقاليدهم وهى تختلف اختلافًا كبيرًا بين المجتمعات المختلفة، أتذكر منذ عدة أعوام وقبل حلول شهر رمضان المعظم أن امتلأت صفحات تطبيق التواصل الاجتماعى الشهير الـ «فيس بوك» بسيل من الإعلانات التى تعرض لعدد كبير من الكتب الدينية وموسوعات التفاسير وكتب التراث المختلفة، سيل استمر لعدة أيام وفى تقديرى أن السبب وراء ذلك هو نتيجة وصل إليها التطبيق من خلال استخدامه لخوارزميات الذكاء الاصطناعى فى التسويق الالكترونى للكتب، أن قام بانتقاء المستخدمين من المسلمين وقام بتوجيه إعلانات كثيرة تظهر فى صفحاتهم وأثناء تجولهم فى التطبيق تستعرض تلك الإصدارات الدينية والحقيقة أن هذا الاستنتاج على الرغم من أنه يبدو صحيحا فإنه ليس صحيحًا تمامًا، فهذا الشهر يرتبط بأمور أخرى ربما تكون أكثر أهمية وأكثر إلحاحًا على جموع المسلمين مثل تلك المرتبطة بالمأكولات والمشروبات خاصة ياميش رمضان أو تلك المرتبطة برحلات العمرة أو مقاطع الفيديو المصورة المرتبطة بفتاوى الصيام والقيام وقراءة القرآن والدعاء وما إلى ذلك وهى أمور لم تكن أنظمة الذكاء الاصطناعى تضعها فى الحسبان مثلما وضعت الكتب والموسوعات وهو ما أدى إلى تلك النتيجة المضحكة التى سرعان ما تم تداركها بأن اختفت بعد أيام معدودة نتيجة تدخل عنصر بشرى أكثر قربًا من طبيعة المجتمعات الإسلامية فى هذا الشهر.

المثال السابق على طرافته يوضح كيف أن الأمر يجب ألا يترك للذكاء الاصطناعى تمامًا ولا يجب الوثوق فيما يقترحه أو ما يحاول أن يؤثر به على الإنسان، فالإنسان كان وسيظل هو السيد والقائد وستظل أى أداة أخرى مجرد أداة مساعدة ربما تقوم بالأعمال البسيطة ثم تنتهى مهمتها عند تقديم مقترحات يقوم العقل البشرى بتقييمها قبل أن نصل إلى مرحلة الفعل والتنفيذ.