الجمعة 3 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الثقافة فى الصعيد

الثقافة فى الصعيد

على مدار ثلاثة أيام كنت ضيفًا على أهلنا فى صعيد مصر.. فى بداية الرحلة زرنا محافظة المنيا عروس الصعيد، وكان لمركز أبوقرقاص نصيب أن ننزل فى قرية ريحانة إحدى القرى الهادئة بأهلها الطيبين وأطفالها الأذكياء الفطنين أصحاب المواهب المتعددة فى الفن والشعر والإلقاء وحفظ القرآن الكريم، وأداء التواشيح الدينية وتقليد كبار القراء للقرآن الكريم فى مصر. 



فرحة أهالى القرية كانت تظهر فى كرم الضيافة وحسن الاستقبال، على الرغم من أننا قد أخذنا على أنفسنا عهدًا بألا نشرب شربة ماء عند أحد حتى لا نثقل على أهلنا فى القرى والنجوع بالصعيد.. قضينا عدة ساعات بين الأطفال أصحاب المواهب التى تريد أن يكتشفها المسئولون فى «الثقافة»، وبالفعل تم اكتشاف ما يقرب من ٣٠ طفلًا وطفلة لديهم مواهب متعددة وتحتاج إلى الرعاية من الدولة، متمثلة فى وزارة الثقافة خاصة إقليم وسط الصعيد الذى يقع فى نطاق مسئولياته أطفال وشباب محافظة المنيا. 

رغم عناء السفر ومشقته، ولكن بمجرد أن  تشاهد وتستمع إلى طفلة من ذوى الهمم وهى تغنى وتصدح النشيد الوطنى، أو أغنية وطنية تشعر بسعادة غامرة لا تستطيع أن توصفها.. أصحاب القلوب الطيبة، التى لا تعرف غير المحبة والسماح هم أقرب الناس إلى الله فى الأرض.. طفلة صغيرة عمرها ١٠ سنوات تقترب منى وتقول: «أنا بحب ربنا وبحب مصر يا عمو» قبلت يدها وشكرت والدتها أن غرست فيها محبة الله ومحبة الوطن وهذه نعمة تستوجب منا أن نزور هؤلاء الأطفال مرة شهريًا من خلال لقاء ثقافى أو ندوة تثقيفية نتحاور مع هؤلاء الملائكة فترقى قلوبنا ونشكر ربنا على نعمه التى لا تعد ولا تحصى. 

نزلنا ضيوفًا على اللواء عصام سعد محافظ أسيوط النشيط فى بداية اليوم الثانى من جولتنا فى صعيد مصر.. وهذا الرجل أعرفه منذ أكثر من ٢٠ عامًا وتربطه صداقة وزمالة مع رجال  أعرفهم جيدًا صدقوا ما عاهدوا الله عليه عندما كانوا يخدمون وطنهم فى كل شبر من أرض مصر خاصة سيناء الحبيبة.. أجريت حوارًا شاملًا لـ«روزاليوسف» يعد للنشر ووجدت فيه اهتمامًا شديدًا وتقديرًا لمفهوم الثقافة والفنون خاصة للأجيال الجديدة من الأطفال والشباب.. كانت إجابته عن سؤالى عن دعمه للثقافة فى أسيوط؟.. الرد كان  عمليًا بدعوتنا لحضور ختام الأنشطة الثقافية لطلاب المدارس فى المحافظة.. حوار  الوزير عصام سعد محافظ أسيوط كان قاطعًا عندما قال؟ إذا كنا نريد أجيالًا تحافظ على هذا الوطن فعلينا بالثقافة ولا شىء غير الثقافة فهى مفتاح كل الأبواب المغلقة فى الشارع.. وفى العمل وفى التعاملات بين الناس فى كل مكان. 

فى اليوم الثانى من الجولة ذهبنا إلى مدينة المراغة فى سوهاج بالقرب من نهر النيل، حيث بيت ثقافة المراغة احتفلنا باكتشاف عدد من الأطفال والشباب والفتيات فى الرسم والإلقاء والشعر.. أطفال من أسر كاملة تحفظ القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة، أولادنا من الإخوة المسيحيين يحفظون الترانيم والكتاب المقدس، ووجدت حالة من التناغم الروحى والمواطنة بكل معانيها السمحة  بين هؤلاء الأطفال جميعًا بحكم الجيرة والصداقة والمحبة بين أفراد المجتمع فى المراغة.. هذا النسيج الوطنى الخالص لن يستطيع أن يمزقه أحد بإذن الله طالما خرج الأطفال منذ الصغر يحبون بعضهم البعض كأنهم إخوة أو أبناء عم.. تظل مصر بخير بهؤلاء الأطفال وهذه القلوب النقية الطيبة المحبة لوطنها. 

انتقلنا من المراغة إلى قرية شطورة التابعة لمركز طهطا بمحافظة سوهاج وهذه القرية نموذج يدرس للقرى الأكثر تعليمًا وثقافة، وأطفالها لديهم مواهب متعددة، والأهم من المواهب من وجهة نظرى هذا البريق وهذا الطموح الذى شعرت به فى عيون أطفال قرية «شطورة» استمتعنا باحتفالية جميلة وسهرة فنية غنائية من أطفال القرية حتى منتصف الليل.. براعم صغيرة تجيد الشعر والغناء والتمثيل وفرقة قومية من وجهة نظرى تمثل واجهة طيبة لأطفال الصعيد بصفة عامة، وبراعم تحتاج إلى العناية والمتابعة بصفة خاصة فى مركز طهطا بمحافظة سوهاج. 

اليوم الثالث والأخير كان من نصيب محافظة الوادى الجديد عاصمة الثقافة المصرية لهذا العام وهذه المحافظة تستحق كل الاهتمام والرعاية، خاصة فى المجال الثقافى بعد ما رأيته من ثقافة عالية عند أطفال مدينة الخارجة حتى وصل الأمر إلى أن طفلة صغيرة أجرت معى حوارًا وحديثًا مطولًا عن المشروعات التى تقوم بها الدولة فى العديد من المحافظات المصرية فى الوجهين القبلى، والبحرى وتعجبت من سؤالها لى عندما قالت: كيف نجت مصر من مخطط ٢٥ يناير؟. وماذا سيقدم الرئيس عبدالفتاح السيسى لمصر بعد فوزه بالانتخابات الرئاسية المقبلة؟. 

معظم أسئلة هذه الطفلة لا يستطيع مذيع  أو مذيعة فى أحد البرامج التليفزيونية أن يكون على معرفة بها دون توجيه أو ترتيب.. وقد احتفظت بهذا الحوار بينى وهذه الموهبة التى تبشر بمذيعة محترفة فى المستقبل القريب بإذن الله وسأعرضه على صفحتى الشخصية على وسائل التواصل الاجتماعى. 

مصر قوة بشرية تفوق الوصف إذا تم توظيفها بشكل صحيح  وكل يوم يولد على أرضها الطيبة العباقرة والعلماء فى كل المجالات، وهذا هو سر عظمتها من قديم الأزل إلى وقتنا الحالى.. مهما مرت علينا الظروف تظل مصر مصدرة للعلم ،والعلماء، والفن، والأدباء والتنوير لكل أنحاء الدنيا شرقًا وغربًا..  تحيا مصر