الأحد 28 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
يوم من عمره (10)

يوم من عمره (10)

كم أشعر بالسعادة بعد أن استعدت مكانتى وقدرى بعد سنوات من التهميش والإهمال، اليوم أصبح الجميع يبحثون عنى فى كل مكان، البعض يفعل ذلك لكى يستفيد استفادة مباشرة ،ربما يجد لدى بعضا من المتعة التى يفتقدها بشدة، البعض الآخر يفعل ذلك لأغراض اقتصادية حيث يقوم بتسليمى إلى أحد التجار نظير مبلغ من المال، لا يعرف هذا الباحث ما سيفعل التاجر الآخر على وجه الدقة ولكنه يعرف أن لى قيمة يبحث عنها الجميع. أتذكر سنوات ماضية كنت مثارا للسخرية، كان الباحثون عنى يوصمون بالفقر والتشرد، كنت ضيفا معتادا فى الكثير من النكات والمشاهد الدرامية الساخرة، ناهيك عن المعاملة السيئة فى المنازل والشوارع والطرقات من الكبار والبالغين، ربما استمر بعض الأطفال فى البحث عنى لاختلاس لحظات مسروقة من اللذة بتقليد الكبار. أساليب البحث عنى واصطيادى لم تختلف كثيرا من بلد لآخر، البعض كان يستخدم يديه المجردتين، البعض الآخر كان يستخدم عصا طويلة تنتهى بسن معدنى حاد، فى جميع الأحوال لم أستطع أن اعترض أو أتوارى جانبا.



بالرغم من أن هيئتى لم تتغير كثيرا إلا أن حجمى كان يختلف من مكان لآخر، ربما أكون أكبر حجما لدى الأغنياء ويتضاءل هذا الحجم لدى الفقراء، لدى بعض العلامات البسيطة التى تدل على نوعيتى ومدى جودتى وارتفاع سعرى، بعضها علامة صفراء أو زرقاء أو ذهبية، إضافة إلى هذا فإن بعض العلامات الأخرى كانت تدل هل كان مالكى الأصلى رجلا أم امرأة. بدايات ظهورى كانت تعتمد على القوى العاملة اليدوية، كان هذا قبل دخولى إلى مجال التصنيع وبكميات كبيرة، ليس لدى أعداء كُثر، الرطوبة والماء كفيلين بإفسادى تماما، ربما بعض الحشرات والقوارض أيضا، ولكن من يملكنى كان يعرف جيدا كيف يحافظ على من تلك العوامل جميعا.

كنت شاهدا على لحظات الفرح والحزن والألم واللذة والأمل واليأس والميلاد والموت أيضا، شاركت أصحابى كل تلك اللحظات بكل إخلاص وتفانى، ولكن للأسف ومنذ سنوات قليلة و مع دخول العالم فى العصر الإلكترونى، القانى بعض الأصدقاء بعيدا إلى غير رجعة، مستبدلين خدماتى بنسخة أخرى إلكترونية متطورة، لا تعتمد على النيران كما كنت أعتمد ولكن تعتمد على الشحن الكهربائى.

ارتفاع سعرى مؤخرًا أدخلنى فى دائرة الاقتصاد الدائرى، إعادة التدوير كما يحلو للخبراء أن يطلقوا عليها، اعترف أننى سبب دمار الكثير من البشر ولكننى لم أكن مخطئا، الخطيئة ملتصقة بمن ابتكرنى، والخطأ ملتصق بمن يستعملنى، تاب الله عليكم جميعًا منى. (صفحة من مذكرات عقب سيجارة)