الإثنين 6 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

بريد روزا

أصعب أنواع القهر

كم هى محزنة قصتى التى أسردها لكم بدموعي، علِّى ارتاح قليلًا من ملاحقة ضميرى المطعون بخنجر خيانتي، لرفيق دربى ونفسى وأهلى - بل إن بيئتى الصالحة التى نشأت فيها بصعيد مصر، لم تسلم هى الأخرى من أذاى وطمسى لهويتها،، قل ما شئت سيدى الفاضل بحقي، فلن أعترض.. أنا سيدة متزوجة منذ ١٥ عاما من قريبي، الذى اعتبره أخا قبل أن يكون زوجًا لي، تربينا معًا منذ الصغر وتعلق قلبينا بحبنا، ثم تقدم لى وتزوجنا وأنجبنا ٤ أطفال، ورغم أننا فى رغد من العيش بحكم عمل زوجى بالتجارة، وتنقله بين محافظات مصر ليأتى بالخير الوفير من كل مكان، إلا أننا لم نحقق رغبة الأهل فى إنجاب المزيد من الأبناء حتى نستطيع تربيتهم على الوجه الأكمل،، انشغلت فى بداية زواجى بالسعى لإرضاء شريك حياتى وجعله مستقرًا، واثقًا فى نفسه، بدعمى اللامحدود له، ثم تغيرت أحوالى وتبدلت عاداتى كليًا بين عشية وضحاها، لم أعد مهتمة بمتابعة أبنائى كما كنت فى السابق، وأهملت الطاعات والتقرب إلى الله، بعد دخول رجل غريب حياتي، ودلوفه من أحد أبواب الشيطان، حيث جمعتنا عيادة طبيب النساء الخاص بي، وكنت حينها بصحبة والدتى لمتابعة حملي، فى طفلى الثالث منذ خمس سنوات مضت، بينما حضر هو مع زوجته التى تبادلت معى أطراف الحديث، عن مصاعب أول حمل، وطلب هو منى نصحها بحكم خبرتي، لم أتردد فى دعمها ببعض التوجيهات، والممارسات اليومية التى تخفف عنها تلك الضغوط جسديًا ونفسيًا،، وفى نهاية جلستنا طلبت تلك الزوجة رقم هاتفي، وبنفس العفوية أخبرتها به، وحفظت رقمها معى أيضًا، بعد عدة أيام وجدت زوجها يتصل ويخبرنى بأنها إنسانة خجولة، لا تحب أن تضايق أحد، وهو يجدها تعانى خلال فترة الحمل والشهور الأخيرة، لذا يريد أن يعرف ماذا يجب أن تفعل لكى تتخطى تلك المرحلة، ثم بدأ يتحدث عن أمور حياته ويسألنى عن زوجى وظروف عمله، لم أكن أعلم بأنه يتودد بخبث.. ومع الأيام اتصلت بزوجته لأطمئن عليها فرد هو بدلًا منها، سألته أين هى فتحجج بأنها خارج البيت، وانعطف بمسار الحديث وطال حوارنا، ثم تكررت رسائله على تطبيق الواتس لزيادة جرعة تقربه مني، فى إحدى المكالمات الهاتفية استطاع تخمين ما أمر به من مشاكل وخلافات مع زوجي، بعد أن قرر الأخير السفر لإحدى الدول العربية وفتح سوق عمل جديد هناك، يرتبط بالتصنيع الزراعى - كان وجه الخلاف بيننا هو تركه مسئولية تربية الأبناء لى بضعة أشهر، ورغم طمأنته لي، لم أقبل بأى ترضية، حتى سافر ومكث بتلك الدولة بضعة أشهر، دشن خلالها مصنعه الأول وحقق أرباحًا لا بأس بها، وأنا بدأت فى رحلة أخرى من الضياع مع هذا الرجل، الذى تخطت معه الأحاديث الهاتفية كل الحدود، ووصلت للمقابلات عدة مرات بأحدى المدن البعيدة عن مدينتنا، حيث يعمل هناك - ولا أخفيك سرًا أستاذ أحمد بأننى أخطأت معه مرة واحدة فى شقته، عندما استغل غياب زوجته بذهابها لزيارة أهلها، ثم تراجعت بعدها عن هذا الطريق الذى لم أعتاده من قبل، وكم يعلم الله بأننى اكتب إليك وأنا أبكى مرارة هذا الخطأ، عزائى أن ضميرى استفاق فى الوقت المناسب، وأصبحت لا أترك فرضًا من الصلاة، استقمت بشكل لم يسبق له مثيل - لكننى منذ تلك الواقعة المريرة التى مر عليها ٤ أعوام، وأنا لازلت أعانى من انفلات أعصابى لأتفه الأسباب، حتى جاء اليوم الذى قهرتنى فيه حيرتى بعد مرض زوجى الشديد، وعودته من آخر رحلة سفر يعانى من آلام شديدة بالبطن، ذهب على أثرها لأحد الأطباء، وبعد عدة فحوصات دقيقة، اتضح إصابته بورم خبيث فى مراحل متقدمة، لتنعكس اتجاهات عقارب ساعة الاستقرار وحب الحياة وعشق النجاح لديه، وتتحول لحسرة على دنو الأجل، وهو ما أكده الطبيب المعالج، بأننى مطالبة بإبعاده عن كل الضغوط النفسية، وهذا ما أفعله الآن بشتى الطرق، لربما تحدث المعجزة ويشفيه الله بقدرته - لكن نوع هذا الورم شرس ومضاعفاته سريعة،،، المشكلة هى أن زوجى فاجأنى بما لم أكن أتوقعه عندما أخبرنى بأن حاسة الرجل عنده، تؤكد بأن سبب تغير حالى معه منذ سنوات، لم يكن بسبب سفره، وإنما لدخول رجل آخر حياتي، وبأنه سيسامحنى وهو على فراش الموت ويُشْهِد الله على ذلك، شريطة مصارحتى له بكل تفاصيل خيانتي، أيًا كانت درجتها - وإلا فإن الله هو حسبه ونعم الوكيل، إن لم أنفذ رغبته وأخفيت عنه ولو جزء من الحقيقة، وهذه دعوة مظلوم صبر بضع سنوات على الخديعة لأجل أبنائه،، هنا دارت الدنيا بي، ووجدتنى أبكى بشدة دون النطق بكلمة، غير مجرد نظرات مختلطة من الندم والحسرة، لكنه سدد الطعنة الأخيرة لقلبى الموجوع واحتضننى بين ضلوعه، معتقدًا بأن بكائى هو لشعورى بالظلم، فتظاهرت بذلك، واعتذر هو مبررًا موقفه وطريقة تفكيره بظروف مرضه، الذى يشكل ضغطًا رهيبًا على نفسيته المحبطة رغم شدة تدينه وإيمانه بالله،، لذا خففت عنه وأكدت بأننى لم ولن أفكر يوم فى خيانته، فابتسم وصدق كلامى - لكننى فى حيرة شديدة بين إطلاعه على تفاصيل خيانتى والظفر بعفوه قبل فراقه المحتوم بتأكيد الأطباء، أم أكتم فى نفسى وأعيش عذاب ضميرى مدى حياتي، وكأنه انتحار بالموت قهرًا، وانتظار الانتقام والعذاب الأكبر من الله فى الدنيا والآخرة،، فبماذا تنصحني!؟ 



إمضاء ه. س

 

عزيزتى ه. س تحية طيبة وبعد…

ربما تتفقين معى بأن زوجك الذى يشاركك القرابة العائلية وعشرة السنين والأبناء، وكذلك الارتباط العاطفى منذ الصغر - كان لا يستحق أن يُقْهَر ويُخدع من أقرب وأعز الناس إلى قلبه، وهى أنتِ،، والرسول الكريم سيدنا محمد ﷺ استعاذ بالله ضمن دعائه العظيم من شر قهر الرجال، قائلًا: «اللهم إنى أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال»، صدق رسولنا ﷺ، الذى جمع فى دعاءه أصعب الابتلاءات ليستجير إلى الله، ويلتمس رحمته سبحانه وتعالى، فى معافاته منها،، ولا شك أن من بين أبرز صور الآفات الإنسانية، هى قهر الأزواج بالخيانة لبعضهم البعض، لأنها تدمر الثقة بشريك الحياة، وتضع حاجز كبير ومنيع بين أطراف تلك العلاقة المقدسة، وهى إذا طالت الزوج من زوجته فإنها تكون أصعب أنواع القهر وأذلها، حيث تفتك برب الأسرة معنويًا، بلا أى مبرر مقبول على الإطلاق - ومهما كانت أسبابها، فالطلاق رغم أنه أبغض الحلال يظل حل مطروح - بدلًا من التنكيل بكرامة الأبناء، وقتل همتهم على خوض تجربة الارتباط بالجنس الآخر، عندما يحين أوانهم، ودفعهم لتأجيل التفكير فى الوصول لتلك المرحلة أو إلغائها كليًا، لأن ذكراها الأليمة تبقى محفورة فى ذاكرتهم كرمز لعلاقة وتجربة إنسانية صادمة وغير عادلة، ربما تعصف باستقرارهم يومًا ما، وهى تصنف كمشاعر سلبية مدفونة فى وجدانهم للأبد،، لذا لا انصحك بالاعتراف لزوجك بما حدث وهو يصارع المرض، شفاه الله وعافاه - ولتعلمى بأن تكذيبه أمامك لإحساسه شبه المؤكد بوقوعك فى المحظور - لا يعنى تبرئتك فى قرارة نفسه من تلك الشكوك على أساس ندمه كما تظاهر، بل لأنه لا يريد أن يتخيل تحوله لأشلاء رجل دمرته زوجته عن طيب خاطر،، هذا الميل اللاإرادى الذى سيطر عليه، يعد بمثابة رحمة من الله وشفقة على ظروفه، التى أصبحت لا تتحمل تلك الصدمة،،، لذا أرى بأنكِ يجب أن تطلبى العفو والمغفرة من الله الرءوف الرحيم، وليس من زوجك - ركزى فقط فى احتوائه وتعويضه عما فاته من طاعات وحقوق مهدرة، وادعى له بالشفاء العاجل، بدلًا من تأجيج مشاعره المنهكة.. وأخيرًا هناك نصيحة تأتى على قمة أولويات «بريد روزا» لهذا الأسبوع، أوجهها لكل النساء، مع تكرار ظاهرة استقطاب الرجال للمهيئات منهن للانهيار، سواء عن طريق منصات مواقع «الخراب الاجتماعي»، أو الاختلاط والاختلاء، بأى مكان خاص أو عام، بحجة الفتور العاطفى - وهنا تلام حواء لأنها هى من فتحت أبواب الشيطان على مصراعيها، لمن استهان بقربها من الله، واستباح تعب أبيها فى تربيتها، ليدنس شرفها، دون أدنى تفكير فيها، لذا كونى قوية فى محاربة نفسك الأمارة بالسوء، وانتِ أكثر دراية بسموم الرجال الغرباء، ولديكِ الدواء والترياق وهو التعفف ودرء الشبهات.

 دمتِ سعيدة وموفقة دائمًا ه. س