الجمعة 3 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الصحافة القومية «حائط صد» فى معركة الوعى

الصحافة القومية «حائط صد» فى معركة الوعى

التاريخ يؤكد أن الصحافة القومية عاشت لتبقى رغم كل المحاولات التى تريد النيل منها مؤخرًا.. أتابع مثل زملائى تصريحات من هنا وهناك، تتحدث بصورة سلبية عن الصحافة الورقية تارة، وعن الصحف والمؤسسات القومية تارة أخرى.. لم أسمع أو أشاهد أحدًا من هؤلاء الزملاء الأعزاء تحدث عن دور الصحافة الوطنية فى مقاومة الاحتلال، والاستعمار وكشف الفساد والفاسدين فى العصور المظلمة من تاريخ هذه الأمة، كفاح الصحفيين فى المؤسسات القومية كان ينطلق من قوة الحبر والورق فى الصحف المصرية ليظهر الحقيقة للرأى العام. 



■ ■ ■

مؤمن بأن معركة الوعى فى هذا العصر ليست بسيطة أو سهلة كما يعتقد البعض.. الحروب الحديثة للجيلين الرابع والخامس، الشائعات التى تروج ليل نهار على منصات التواصل الاجتماعى، تحتاج إلى صحافة قومية قوية مؤمنة بأن الدفاع عن مكتسبات هذا الوطن، والمحافظة على قيم وأخلاق المصريين واجب مقدس.

منذ عشرات السنين تنطلق من داخل جدران المؤسسات الصحفية القومية، نضال أساتذة المهنة، الذين خاضوا معركة الدفاع عن الوطن بعقولهم، وأقلامهم المستنيرة على الرغم من ضعف الإمكانات المتعلقة بالطباعة، والتحرير مقارنة بالتطور الهائل الحادث فى صناعة الصحافة والإعلام  هذه الأيام. 

الصحافة المصرية وتحديدًا القومية الورقية تمكنت من تحقيق تأثير كبير، داخل المجتمع المصرى على مر التاريخ.. لم أكتب خبرًا طوال حياتى المهنية، يخوض فى أعراض الناس، أو فى الحياة الخاصة للاعب كرة قدم، أو ممثل، أو حتى شخصية تعمل بالسياسة.. دائمًا ما تحكمنا قواعد مهنية تتعلق بالنشر وقَسم الحفاظ على شرف المهنة. 

المؤسسات الصحفية «الأهرام والأخبار والجمهورية وروزاليوسف ودارالهلال ودار المعارف» خرّجت كُتابًا وصحفيين كانوا بحق أساطير هذه المهنة فى مصر وفى الوطن العربى كله، حتى أن المصطلح الدارج بأن «روزاليوسف» فاترينة الصحافة العربية، سمعته من زميل صحفى خليجى منذ سنوات طويلة. 

الصحف الخاصة فى مراحلها الأولى، يرجع الفضل قولًا واحدًا إلى عمالقة الصحافة القومية فى خروجها إلى النور، والتاريخ يؤكد ذلك دون مجاملة أو محاباة لأحد.. وكل كوادر الصحافة الخاصة، تعلموا أصول المهنة بحق من «أسطوات» الصحافة القومية خلال العشرين عامًا الأخيرة. 

■ ■ ■

وتبقى الصحف والمؤسسات القومية الأكثر استقرارًا للعاملين فيها، بداية من التحرير، والادارة، وانتهاء بالزملاء العاملين فى قطاع المطابع الموجودة داخل كل المؤسسات الصحفية. 

كان لى شرف اللقاء العام الماضى مع الكاتب الكبير الأستاذ عبده مباشر، فى حفل تكريم أقيم بمناسبة العيد القومى لمحافظة السويس.. تحدث أقدم المراسلين العسكريين عن مهنة الصحافة، وحبه وتقديره لصاحبة الجلالة، ومهمته الصحفية على الجبهة فى حروب الاستنزاف وحرب أكتوبر المجيدة.. وكيف أن مصر كلها كانت تتشوق لسماع أخبار الجبهة والعمليات العسكرية خلف خطوط العدو. 

لماذا ينكر الزملاء الذين يهاجمون الصحافة القومية هذا الدور الوطنى للكثيرين من أساتذة وكبار المهنة؟. 

وكيف قدمت هذه المؤسسات أساتذة استشهدوا من أجل نقل أخبار الحرب للمصريين، وكيف تركوا الاستقرار مع من يحبون وذهبوا إلى ساحات المعارك من أجل مهنة البحث عن المتاعب. 

«صاحبة الجلالة» شمسها لن تغيب وباقية لن تموت، مهما اشتدت الظروف لأنها باختصار جزء من الوطن والقوى الناعمة التى لا حدود لها، وحائط الصد المنيع للدفاع عن الأمن القومى المصرى وقت السلم والحرب.

صحيفة الأهرام المصرية من أقدم الصحف، صدرت  سنة 1875 كصحيفة أسبوعية كل سبت بالإسكندرية، ثم انتقلت للقاهرة عام  1898، وسارت  الأهرام فى فترة وجيزة واسعة الانتشار لدرجة أنها كانت أهم الصحف السياسية فى العالم دون مبالغة، وقد سعى الاحتلال الإنجليزى لمصر.

كما يسعى البعض الآن لمحاربة الصحافة القومية بل والمطالبة بتكفينها ودفنها إلى الأبد، وتنفيذ مخطط جديد يسعى لوقف مدد من نور ورافد من روافد القوى الناعمة التى أصبحت فى هذا العصر أقوى بكثير من المدافع وطلقات الرصاص. 

■ ■ ■

أتعجب كل يوم عندما أشاهد وأسمع من أشخاص المفترض فيهم أنهم نخبة مثقفة لهم تأثير فى الرأى العام بالكلمة يرفعون شعار «الموت للصحافة القومية». 

الصحافة القومية أيها السادة لعبت دورا كبيرا فى دعم الحركة الوطنية المصرية للتحرر من الاستعمار وتنوير المجتمع وكان لها دور كبير فى تغطية الحربين العالمية الأولى والثانية، ودورها يخلده التاريخ من ثورة يوليو المجيدة وحتى ثورة 30 يونيو. 

الحديث عن التاريخ الطويل للصحافة المصرية ودورها فى توثيق الأحداث المهمة التى مرت على المصريين يحتاج إلى سلسلة من المقالات. وبهذه المناسبة أروى تجربتى الشخصية على مدار 25 عاما فى بلاط صاحبة الجلالة.. هذه المهنة إذا تمكنت من قلبك وعقلك فى يوم من الأيام لن تستطيع أن تهرب من قدرك.. تبدع عندما تكتب مقالًا تدافع فيه عن الدولة الوطنية، أو تجرى حوارًا مع شخصية مهمة داخل المجتمع.. كنا نتبارى على السبق الصحفى فى الوزارات والمصالح والهيئات.. نكتب ونحلل الأخبار.. خرج من “روزاليوسف” ومن المؤسسات الصحفية القومية خلال العشر سنوات الأخيرة، قادة للرأى والفكر ورؤساء تحرير فى معظم الجرائد والمجلات والقنوات التليفزيونية، وللحقيقة فإن أبناء جيلى من “روزاليوسف” سيطروا على كل وسائل الإعلام فى السنوات الماضية. 

والحقيقة أن من يعملون فى الصحف القومية، يتعرضون يوميًا لنقد مكتوم من الكثيرين.. جريمتنا الوحيدة أننا نكتب للدولة الوطنية ونقف خلف القيادة السياسية وندافع عن القيم والثوابت الوطنية، وندافع بكل إصرار وعزيمة عن مؤسسات الوطن جيشًا وشرطة.. وهنا أطرح سؤالا ماذا لو أغلقت المؤسسات الصحفية القومية أبوابها كما يطالب البعض؟.. هل تفعلها الصحف الخاصة المملوكة لبعض رجال الأعمال الذين ينفذون أجندات خاصة بمصالحهم وتدافع هى عن الدولة؟!.. أشك، صحيح هناك مشاكل تعانى منها الصحف القومية نتيجة ارتفاع أسعار الورق والأحبار والتى وصلت إلى أرقام فلكية خلال الثلاثة أعوام الأخيرة، ولكن يحسب للهيئة الوطنية للصحافة برئاسة المهندس عبد الصادق الشوربجى عندما قال فى تصريحات صحفية مؤخرًا، أن الهيئة وضعت استراتيجية متكاملة وشاملة تستهدف تعظيم الدور الاقتصادى للمؤسسات الصحفية القومية واستغلال أصولها الاستغلال الأمثل بما يضمن تحسين أوضاعها إلى الأفضل وزيادة مواردها وإننا قطعنا شوطًا كبيرًا فى ملف استغلال الأصول المملوكة للمؤسسات الصحفية القومية، ونعمل على زيادة الربحية وتحقيق عائد اقتصادى، وسوف نعظم دور وعائد الاستثمار فى المؤسسات بأفكار مبتكرة تعود بالنفع على أوضاع المؤسسات ودخول العاملين فيها صحفيين، وإداريين وعمالا، وبما يدعم أيضًا صناعة الصحافة والإعلام بشكل عام وأنه لا تفريط أو بيع لأصول المؤسسات الصحفية القومية ونسعى من خلال  خطة نستغل ونستثمر أصول المؤسسات القومية لمواجهة تحديات المهنة.. هناك وأنا أتابع نظام دقيق تقوم به الهئية الوطنية للصحافة بشأن القوائم المالية واجتماعات الجمعيات العمومية وأعضاء مجالس الإدارات وما يصدر من تصريحات يؤكد الحفاظ واستثمار الأصول الخاصة بكل المؤسسات القومية، وأعتقد أن الهيئة ستكشف خلال الأيام المقبلة عن مشروعات استثمارية عملاقة تساعد الصحافة على استمرار دورها الوطنى ونشر الوعى والتصدى للمشروعات والأجندات الخارجية، التى تحاول طمس الهوية الوطنية وتغير ثوابت المجتمع المصرى. 

■ ■ ■

الصحافة المصرية القومية خرجت أفضل الكتاب والمفكرين والصحفيين على مدار قرن كامل من الزمان.. هؤلاء العظماء كانوا ضمير الأمة وعنوان الحقيقة، أيقنوا أن هذه المهنة من المهن الخالدة التى لا يمكن أن تموت، وهبوا أقلامهم قبل عقولهم للدفاع عن الوطن وعن حقوق المصريين، ومعظم هؤلاء الأبطال خاضوا معارك بأقلامهم من أجل كلمة الحق وإظهار الحقيقة للرأى العام ولا نتعحب عندما نجلس مع أحد هؤلاء الأساتذة، فيحكى عن تاريخ طويل من النضال ضد الفساد وكم تعرض الكثيرون منهم للتهديدات بعد كشف وقائع كان لها تأثير على الواقع المصرى.. وأنا أعرف بعضا من هؤلاء عاشوا وماتوا مستورين، لم يمدوا أيديهم للحرام مهما اشتدت عليهم ظروف الحياة.. كل ركن وكل حجرة وكل مكتب فى المؤسسات الصحفية، يشهد على أن أبناء الصحافة القومية دفعوا ضريبة الانتماء لمهنة «الحبر والورق» وجاء بعد هؤلاء الرجال من تسلم الأمانة والراية جيل جديد يحمل فى عقله الفكرة، وفى قلبه الضمير النابض بالحق من أجل الوطن، ومن أجل إظهار الحقيقة، ومن أجل الدفاع عن مؤسسات الدولة المصرية فى كل العصور. 

بإذن الله ستظل الصحافة الورقية والمؤسسات الصحفية القومية خطًا أحمر، تقف سندًا وحصنًا للدفاع عن الأمن القومى المصرى.. تحيا مصر.