الجمعة 3 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
عبقرية محمد كريم الذى سبق عصره!

عبقرية محمد كريم الذى سبق عصره!

استغرق تصوير فيلم زينب الذى قام بإخراجه الفنان المبدع «محمد كريم» سنتين بالضبط ولم يكن التصوير يتم بشكل منتظم بل إن عدد أيام التصوير الفعلية لم يزد على 64 يومًا فقط.



ويكشف الناقد السينمائى سعد الدين توفيق فى كتابه قصة السينما فى مصر بعض كواليس الفيلم الذى قامت ببطولته بهيجة حافظ وسراج منير فتقول: اقتضى تصوير بعض المشاهد انتظار حلول فصل جديد من فصول السنة فمثلًا فى مشهد واحد تظهر زينب مع حبيبها الفلاح الفقير إبراهيم تحت شجرة جميز كبيرة وسط الحقول فى فصل الربيع وكل ما فى الأرض أخضر وجميل ويانع، وفى مشهد آخر فى نفس المكان نرى زينب وحدها حزينة تعيسة وحيدة بدون حبيبها لأنها أصبحت رغم إرادتها زوجة لفلاح ثرى وهنا نرى الطبيعة فى صورة مختلفة فأغصان الأشجار أصبحت عارية وكل ما كان أخضر يانعًا وجميلًا غدا داكنًا وقبيحًا!

وفى هذا الفيلم قدم محمد كريم فكرة مبتكرة وهى تقديم مشهد واحد ملون وهو مشهد زينب عندما ذهبت إلى السوق لتشترى بعض الحلى والملابس الملونة استعدادًا للفرح، وقد صُور المشهد كله على فيلم عادى أبيض وأسود ثم أرسل إلى باريس لتلوينه باليد فى معامل بايتيه وكان طول المشهد أربعمائة متر تكلف تلوين المتر الواحد جنيهًا كاملًا أى أن هذا المشهد وحده كلف المنتج ربع ميزانية الفيلم تقريبًا «تكلفة إنتاجه خمسمائة جنيه».

وكان محمد كريم هو أول مخرج مصرى أظهر القرية المصرية على الشاشة فقد تم تصوير مشاهد فيلم زينب سنة 1928 فى قرى الشرقية والقليوبية والفيوم وبصعوبة بالغة أمكن تصوير أبطال الفيلم فى شوارع القرية وأمام بيوت حقيقية.

أكثر من هذا أن محمد كريم سبق السينما الواقعية الإيطالية بربع قرن، فقد استخدم عددًا كبيرًا من الفلاحين الحقيقيين فى تمثيل الفيلم، بأن بعضهم قام بأدوار رئيسية مثل الشيخ حسن الكراملى ناظر الزراعة الذى قام بدور والد «زينب» وعندما أراد محمد كريم هذا الأب يبكى فى مشهد وفاة ابنته لم يستطع الشيخ حسن أن يبكى وصُور المنظر أكثر من مرة والشيخ حسن لا يستطيع أن يبكى وأخيرًا طلب محمد كريم من علوية جميل أن تجلس إلى جوار الكاميرا وعندما يدخل الأب إلى غرفة ابنته ويراها جثة هامدة تنطلق علوية فى الصراخ وتلطم وجهها وهى تقول: يا بنتى يا حبيبتى يا روح أمك يا زينب.

وما كاد الشيخ حسن يدخل الغرفة والكاميرا تدور حتى فوجئ بهذا الصراخ فانفجر باكيا وتم تصوير المشهد بنجاح!

وحقق فيلم زينب عند عرضه فى سينما متروبول فى عام 1930 نجاحًا هائلًا وقد أذهلت النتيجة أصحاب دور العرض وكانوا من الأجانب وكانوا يعتقدون أن المتفرجين لن يقبلوا على فيلم تجرى أحداثه فى الريف!