الإثنين 7 أكتوبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
غرفة زجاجية تطل على ميدان عام

غرفة زجاجية تطل على ميدان عام

هذا التعبير هو بالضبط ما يمكن أن نصف به الأسلوب الأمثل للتعامل مع تطبيقات الإنترنت على هواتفنا الذكية وحواسبنا الآلية، فمهما تحدث الخبراء عن وسائل التأمين والخطوات التنفيذية لتحقيقها على أى مستوى فإن الخطورة لا تزال قائمة، الخطورة ليست فقط من المهاجمين والمخترقين الذين يستطيعون الدخول إلى الأنظمة الرقمية والعبث بالبيانات الموجودة بها سواء بالإتلاف أو المحو أو التغيير أو التعطيل وحسب، بل إن الخطورة تكمن أيضًا من مقدمى تلك الخدمات ذاتهم، فالمتابع لأخبار أمن المعلومات- الأمن السيبرانى- يجد الكثير من تلك الأخبار تتحدث عن انتهاك تطبيق أو أكثر لخصوصية المستخدمين، بين أن يقوم باستغلال بياناتهم الشخصية وأسلوب تفاعلهم على شبكة الإنترنت من أجل تحسين خططه التسويقية أو لمعاونة المعلنين الذين يدفعون له مبالغ طائلة من أجل وصول منتجاتهم للملايين من البشر، أو أن يتم استغلال بعض أو كل تلك البيانات من أجل تحقيق خطط أخرى مرتبطة بتحليل تلك البيانات والتعرف على أنماط وخصائص مجتمعية مقسمة على الفئات العمرية والنوع والمستوى التعليمى ومتوسط الدخل والحالة الاجتماعية وخلافه، وفى تقديرى إن الأخبار المستمرة عن انتهاك البيانات الشخصية لملايين من المستخدمين فى تطبيق أو آخر ليست إلا قمة جبل الجليد Tip Of The Iceberg فما يعلن لا يزيد على 10% من إجمالى الانتهاكات، أمر مماثل يحدث فى حالة الإعلان عن التعرض لهجوم إلكترونى أو اختراق لمنظومة من المنظومات، فالتفسيرات والمبررات التى يخرج بها أصحاب تلك المنظومات بها القليل من الحقيقة والكثير من المواربة، «عطل فنى جارى علاجه وتلافيه» هى من الجمل الشهيرة والمكررة، قرأناها كثيرا حتى من خلال المتحدث الرسمى لأكبر شركات تطبيقات التواصل الاجتماعى «فيس بوك» ولكن القليل يصدق والكثير يتشكك وهم محقون.



وهنا يأتى السؤال المنطقى: «إذا كانت الأمور بهذه الخطورة، فما العمل؟»، وببساطة يمكن القول إنه لا يوجد حل آمن بدرجة 100% ولكن فى جميع الأحوال فإن ما يتم وضعه من إجراءات ستقلل احتمالية الاختراق أو الانتهاك ولكن لن تمنعها تمامًا، مثلما تضع قفلًا كبيرًا على باب منزلك وتقوم بتأمين النوافذ بأسياخ حديدية، هذا سيقلل احتمالية تعرض المنزل للسرقة ولكن لن يحميه تمامًا.

نفس الأمر يتم عبر الشبكات والأنظمة، الإجراء الأول هو عدم ترك أى بينات أو ملفات أو وسائط متعددة مهمة أو حساسة على أى جهاز متصل بالشبكات، تلك الملفات يجب عزلها على وسيط - فلاشة أو أسطوانة أو قرص صلب- غير متصل بشبكة الإنترنت، كما أن كلمات السر يجب أن تكون طويلة ومعقدة ويتم تغييرها بدورية لا تزيد على شهر وألا تتكرر كلمة السر ذاتها لأكثر من تطبيق، وقبل هذا وبعده يجب دائمًا توخى الحذر فيما تقول وتفعل، تمامًا كأنك تسكن فى غرفة زجاجية تطل على ميدان عام.