الجمعة 3 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الأهرام تساند وتؤيد «روزاليوسف»

الأهرام تساند وتؤيد «روزاليوسف»

ظلت قضية مصادرة «محمد محمود باشا» رئيس الحكومة لمجلة «روزاليوسف» تشغل الرأى العام والصحف لسنوات طويلة. ولم يكن معروفًا وقتها الكثير من الأسرار السياسية أو الصحفية، ومن بينها تخلى جريدة الأهرام عن حيادها التقليدى وعدم مشاركتها فى الجدل السياسى المحتدم بين التيارات السياسية والحكومة.



بعد نحو سبعين عامًا كشف د.يونان لبيب رزق فى مقاله «قضية العدد 134 من «روزاليوسف» الذى نشره فى الأهرام ضمن سلسلة مقالاته المهمة «الأهرام ديوان الحياة المعاصرة» وكتب يقول:

«فى الساعة التاسعة من صباح يوم السبت 30 يونيو سنة 1928 ذهب حضرة مأمور قسم عابدين ومعه نفر من ضباط ورجال البوليس واقتحم مطبعة «روزاليوسف» بغير إذن قانونى وجمع أعداد هذه الجريدة ومقدارها عشرون ألف نسخة، كما أخذ كليشيه فيه رمز سياسى وهو المنشور بصفحة 31 وعنوانه «من أجل رياسة الوزارة تنداس مصر وينتهك الدستور» واستولى على ذلك كله قوة واقتدارًا رغم معارضة صاحبة المجلة واحتجاجها بملكيتها لهذه الأعداد والكليشيه وان ليس لرجال البوليس السياسى أى حق قانونى فى دخول المطبعة والاستيلاء على ما تملكه الطالبة، وقد انصرف المأمور ومعه هذه الأعداد والكليشيه بدون أن يبين أى صفة قانونية تخول له ارتكاب مثل هذه الأعمال المخالفة للقانون والدستور مخالفة صريحة!

كان هذا نص الخبر الذى نشرته الأهرام فى عددها الصادر يوم الثلاثاء 3 يوليو عام 1928 قد اكتسب الحادث أهمية بالغة ليس فحسب فى تاريخ المجلة التى كانت لا تزال تحبو آنئذ فى عامها الثالث وإنما فى تاريخ الصحافة المصرية، الأمر الذى اكتسب معه مكانة بارزة فى متابعات الأهرام خلال صيف ذلك العام.

ويمضى د. يونان لبيب رزق قائلًا: إن حكومة محمد محمود لم تكن قد استوت على كرسى الوزارة سوى أسبوعًا واحدًا أو أقل قليلًا عند وقوع الحادث وكانت بداية مشئومة لعلاقتها بالصحف المعارضة، فقد كانت «روزاليوسف» محسوبة على الوفد وقتئذ وذلك عندما التهمت هذه المجلة الصغيرة بكل ما أضحى ينبئ به ذلك من سياسات قمعية تنوى الوزارة الجديدة اتباعها حيال الصحافة، ولعل ذلك يفسر موقف الأهرام فهى وإن كانت تتمسك بحيادها طول الوقت، ورغم المخاوف من الإجراءات القمعية التى بدت فى قضية «روزاليوسف» من صاحب القبضة الحديدية الذى كشر عن أنيابه، إلا إنها قبلت أن تركب المخاطرة دفاعًا عن المجلة الصغيرة، ليس هذا انحيازًا لحرية الصحافة وإنما قبل ذلك انتصارًا للدستور الذى كان قد عطله «محمد محمود باشا» بمعاونة الملك فؤاد!

لعل مما ساعد «داود بركات» ورجاله على اتخاذ هذا الموقف اطمئنانهم لرسوخ قدم الأهرام، إلى الحد الذى لم يكن يتصور أحد معه أن يركب «محمد محمود» متن الشطط فيقترب منها ـ وهو ما تنبهت إليه الوثائق السرية البريطانية فبعد أن أشارت إلى أن جريدتنا الأكبر عمرًا ـ أكثر من نصف قرن وقتئذ ـ ذكرت أنها الأكثر توزيعًا، فيما سجلته فى احصاء عن أحد تقاريرها عن الصحافة المصرية.

جاء فى هذا الاحصاء أن الأهرام كانت توزع وقتئذ 23 ألف «ثلاثة وعشرين ألفًا» نسخة يليها المقطم بـ20 ألفًا بعدهما الصحف الحزبية: السياسة الناطقة بلسان الأحرار رغم كل ما تملكه من أسباب القوة عشرة آلاف نسخة، البلاغ الوفدية ثمانية آلاف، الأخبار ستة آلاف كوكب الشرق أربعة آلاف ومثلها لوادى النيل وأخيرًا الجريدة الناطقة بلسان الحزب الملكى والمسماة بالاتحاد ولم تكن توزع أكثر من ثلاثة آلاف نسخة».

وللذكريات بقية!