وبعد الليل يجينا النور
كلما وجدت فرصة أكرر اعتذارى لكوكب الشرق السيدة أم كلثوم، فلم أكن من محبيها فى البداية ولكن أعتقد أن هذا يمكن أن أصنفه على أنه أحد أنواع «طيش الشباب» الذى تم تداركه مؤخرًا، وبهذه المناسبة خلال استماعى لرائعة بيرم التونسى «الحب كده» من تلحين رياض السنباطى، توقفت عند المقطع الذى يقول «وبعد الليل يجينا النور وبعد الغيم ربيع وزهور» حيث شعرت بمدى الأمل الذى تتركه تلك الكلمات الجميلة.
بنفس الأسلوب ولا أدرى لماذا قارنت بين «بعد الليل» و«بعد التريند»، فالتريندات حاليًا تقتحم شاشات الحواسيب والهواتف الذكية وشاشات التلفاز وصفحات الجرائد حتى إنها تصل إلى مسامع من لا يتعامل مع التكنولوجيا الحديثة أيضًا، وفى هذه المقارنة نظرت إلى خصائص التريند من حيث سرعة الانتشار وسرعة الخفوت والاضمحلال حتى يتم إلقاؤه فى مقبرة النسيان إلى الابد وهو ما يحدث دائمًا، ولكن لا ننتبه لهذا كثيرًا ،نظرا لأننا قبل أن نقوم بدفن التريند الميت، نبدأ فى الاهتمام بتريند، أو اكثر من التريندات الوليدة ونستمر هكذا فى تتبع دورة حياة التريند ،والتى تتشابه مع دورة حياة الذباب فى قصرها ،وهكذا دواليك بدون تفكر ،أو تركيز.
المنظور الآخر الذى لا أعتقد أننا نفكر فيه كثيرا هو منظور صاحب التريند، وهو الذى يكون غالبًا شخصا مجهولا منحه التريند السريع شهرة كبيرة فى فترة قصيرة جدا، وفى هذه الفترة تتصاعد أوهام وأحلام الشهرة والانتشار والمكسب والمجد المستمرة، مع كميات هائلة من دفقات الأدرينالين والسيراتونين تتحرك فى جسده، ولكن وللأسف فإنه بعد انتهاء التريند يستمر صاحبه فى محاولة إحيائه من خلال قبلات حياة وصدمات كهربائية؛ لكى يستمر وهى ما تفشل فى أغلب الحالات.
أين ذهب عامل النظافة ومحل الكشرى، أو الفتاة التى رقصت فى حفل تخرجها ،أو مطرب «شيماء» الذى كان يبحث عن الأوزة أسفل السيارات؟! هذه مجرد أمثلة لآلاف التريندات التى تموت وتخلف وراءها شخص متوتر، حالم ومتعطش لتريند جديد يعيد إليه الإحساس بالنشوة مرة أخرى ،وربما يقضى حياته كلها فى انتظار يوم لن يأى أبدا.
«وأهو من ده وده الحب كده، مش عايزة كلام، مش عايزة كلام الحب كده».