الجمعة 3 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
روزاليوسف وحكومة محمد محمود باشا

روزاليوسف وحكومة محمد محمود باشا

منذ صدرت صحيفة الأهرام فى أغسطس عام 1875 من القرن الماضى حرصت على أن تلتزم الحياد التام وألا تزج بنفسها فى الخلافات الحزبية والصراعات السياسية فى مصر، لكنها عدلت عن هذا الحياد تماما فى أزمة مصادرة «روزاليوسف» عدد 134 فى يوليو سنة 1928 وقررت تغطية الموضوع يوما بيوم.



ويروى د.يونان لبيب رزق مظاهر هذا الاهتمام فى مقاله الشهير «قضية العدد 134 من روزاليوسف» فيقول:

تابعت الأهرام القضية جلسة بجلسة من داخل المحكمة بعد أن لجأت السيدة «روزاليوسف» للقضاء ثم أفسحت صفحاتها سواء للجوانب القانونية التى تفرعت عن القضية أو للجانب الخاص بما تمثله من انتهاك لحرية الصحافة!

واستشعارًا من الجمهور بأهمية القضية تذكر الأهرام أن الجلسة التى انعقدت صباح يوم الأربعاء 4 يوليو قد غُضت بجمهور كبير من مختلف الطبقات وأنها قد امتلأت عن آخرها قبل بدء الجلسة بأكثر من ساعة! وكانت خطة محامى الحكومة «يوسف قسيس بك» واضحة منذ اللحظة الأولى.. اللعب بعنصر الوقت حتى يصبح العدد 134 من المجلة بعدئذ مثل الطبيخ البايت الذى يعافه القراء!

وكان مفهوما أن تقوم مرافعة محامى روزاليوسف - الأستاذ راغب إسكندر - على إفساد خطة الحكومة بإضاعة الوقت وتحدث عن المجلة، وأنها كما فى صلب غلافها جريدة سياسية انتقادية مسرحية مصورة تصدر مرة فى الأسبوع، وقد صدر منها 133 عددا ويعرف الجميع مبدأها، وفى محاولة لفضح سياسات حكومة محمد محمود باشا- رئيس الحكومة- روى «راغب بك» قصة للدلالة على سوء نية رجالها قال: إنهم أرادوا من المجلة أن تتغير وجروا وراءها ولم يأنفوا أن يطلبوا من سيدة عند نصف الليل أن تقابل موظفا فى الداخلية فرفضت الطلب ثم مُنيت بكل ما فى يد الحكومة دون جدوى!

وخلص- المحامى- من كل ذلك إلى القول إنه كان المفروض إذا رغبت الحكومة اللجوء إلى السبيل القانونى الصحيح أن ترفع الدعوى العمومية على السيدة «فاطمة اليوسف» بمقتضى قانون العقوبات إن وجدت نصا يساعدها على ذلك، وفى هذه الحالة أيضا لا يمكن للنيابة أن تمر بحجز الأعداد بل إن ذلك من حق المحكمة دون سواها!

وانتهت الجلسة حوالى الواحدة ظهرا وخلت المحكمة للمداولة لنحو ساعة شاطت أعصاب الجمهور الحاضر خلالها حتى خرج رئيسها «أحمد فخرى بك» من غرفة المداولة فى الثانية ظهرا، ونطق بالحكم الذى قضى برفض أحد دفاع الحكومة وقبول  الآخر، وبعدم اختصاص المحاكم الأهلية بنظر القضية وإلزام المدعية - روزاليوسف- بالمصاريف!

ولم يكن الحضور سعداء بهذه النتيجة ولا صاحبة المجلة طبعا، والتى قررت أن تخوض المعركة حتى آخرها!

قبل انقضاء أربع وعشرين ساعة كان «راغب بك إسكندر» يتوجه إلى محكمة الاستئناف متذرعًا بأن حكم المحكمة الجزئية قائم على غير أساس ولعدة أسباب.

وكانت جلسة محكمة الاستئناف التى انعقدت فى يوم الاثنين 9 يوليو ذات طابع مختلف، فمن ناحية أرادت الحكومة أن تجهض القضية برمتها بدفن جسم الجريمة وأن الطلب الذى رُفعت به القضية هو رد نسخ العدد 134 من مجلة روزاليوسف، وإذا كانت هذه النسخ قد صودرت فهى غير موجودة وتكون الدعوة لا أساس لها.

وتستمر مفاجآت دفاع «روزاليوسف» فى قاعة المحكمة وكان الرأى العام يتابعها باهتمام وشغف.

وللذكريات بقية!