الأحد 28 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
حتمية التلقيح

حتمية التلقيح

بالطبع لا أقصد هنا التلقيح بمعنى التخصيب الذى هو عملية تتم للإنسان والحيوان والنبات أيضا ولكن ما أقصده بتعبير «التلقيح» هو أن يتحدث الشخص بعبارات تحمل معنيين أو أكثر وفى الغالب يكون المعنى الظاهر والمباشر فى غاية العمومية ولا يشير إلى أى شخص أو حدث أو أمر آخر ولكن نيته تكون خلاف ذلك.



وفى عصور ما قبل عصر شبكات التواصل الاجتماعى كان فعل التلقيح يرتبط إلى حد ما بنوع عن الآخر كما كان يرتبط بصغار السن أكثر من الكبار وفى حالات أخرى كان يستخدم كنوع من المزاح والسخرية المستترة وفى جميع الحالات فإنه كان مرتبطا بالضعف والجبن عن المواجهة المباشرة.

أما فى عصر شبكات التواصل الاجتماعى والتى أتاحت لمستخدميها التعبير عن أفكارهم وآرائهم على مدار الساعة بكل حرية وبأشكال مختلفة من التعبير منها التعبير بالكتابة أو بمشاركة صورة أو مقطع فيديو من صنع المستخدم أو الاستشهاد بجزء من برنامج أو مسلسل تليفزيونى أو فيلم سينمائى أو مسرحية أو حتى أغنية أو ببعض من الأمثال الشعبية وأقوال الحكماء وصولا إلى الاستشهاد ببعض آيات من القرآن الكريم أو الكتاب المقدس.

ومع انتشار هذا الأسلوب فى الحوار فإن الجميع أصبح ينظر إلى المنشورات من منظور التلقيح أو لأن فلا يمكن أن يكون الغرض منها هو الغرض المباشر الذى يراه القارئ ويفهمه فنظرية المؤامرة تتداخل مع أسلوب التلقيح بصورة مفزعة جعلت من يقرأ ولا يعرف ما هو المقصود أو من هو المقصود أو ما هى المعانى الخفية، فإنه لا يستسلم إلى أن الأمر مباشر ولكنه يتهم قدراته العقلية على اكتشاف الغرض الخفى من وراء تلك الكلمات أو الصور، وهنا يتوجه إلى صاحب المنشور بسؤال مباشر قائلا: «تقصد إيه» أو «تقصد مين بكلامك ده؟» مضحيا بصورته كشخص ذكى ولماح فى سبيل التعرف على ما وراء الظواهر وصولا إلى أعماق النفوس البشرية وضمائرها.

والحقيقة فإننى أستطيع أن أزعم أننى لم ألجأ إلى أسلوب التلقيح إطلاقا- أو إلا قليلا- إلا أن الوضوح لم يحمينى من أن أكون فى موضع الاتهام والمساءلة وهو ما كنت أقابله بالكثير من الاعتراض ومحاولة توضيح الأمر للسائل بل وصل الأمر إلى اعتيادى على التصريح فى منشور سنوى بأننى لا أقصد أى معانى أو أشخاص أو أهداف خلاف ما يقرأه المتابعون، إلا أن تكرار هذا التبرير عاما بعد عام أوضح لى بما لا يدع مجالا للشك بأن إحساس المستخدمين بوجود التلقيح هو إحساس حتمى يصل إلى حد اليقين مهما حاولت أو بررت وعليه فإننى ومنذ عدة أعوام قررت أن أتوقف عن كتاية هذا المنشور وأن أتوقف عن التبرير وأستمتع بمحاولات البعض لاكتشاف ما ليس موجودا من الأساس حتى يصيبهم الإعياء أو يركنون إلى أى فكرة خاطئة ويسعدون بها. ربنا يهدى