مجدافى بقبضتى وعينى على صغيرتى
يكتبه أحمد عاطف آدم
تحية طيبة من القلب لبريد روزا وبعد... أنا سيدة فى العقد الخامس من العمر أعيش بالقاهرة، وموظفة بالقطاع الخاص، أرسل لكم سيدى الفاضل مشكلة ابنة احدى شقيقاتي، التى تزوجت منذ ثلاث سنوات من ابن شقيقتى الكبرى رحمها الله، الفتاة اعتبرها أقرب بنات العائلة إلى قلبى ومن المتابعات الجيدات لبريد روزا مثلي، وحتمًا ستقرأ نصيحتك لها أستاذ أحمد، حكايتها تبدأ بقصة حب جارفة ربطتها بابن خالتها منذ الصغر، هو حاصل على مؤهل عال ويكبرها بأربعة أعوام، يعمل بإحدى المهن التى تدر عليه دخلًا محدودًا، تزوجا منذ عامين وأنجبا طفلة لا يتجاوز عمرها بضعة أشهر، أمها تمتاز بالطيبة الشديدة والعطاء وحسن الخلق والجمال أيضًا، لذا كانت مرغوبة من خُطاب كثيرين - لكنها صارعت إرادة والدها الذى لم يوافق فى باديء الأمر على اختيارها، ثم تركها فى النهاية تتزوج الإنسان الذى اختاره قلبها - ورغم فشله فى وظائف كثيرة، وامتلاكه لشقة فقط ببيت عائلته، إلا أنه تميز بالقدرة الشديدة على الإقناع والاستحواذ،، ونحن جميعًا لا نبخل عليهما بالدعم حسب قدرة كل أفراد العائلة، حتى تستقيم أمورهما وهم لايزالون حديثى العهد بالزواج - لكن ابن شقيقتى استغل كل مظاهر الدعم الذى يحظى به، وأراد أن يفكر خارج الصندوق كما يقولون - فاجئنا جميعًا أو فجعنا منذ ثلاثة أشهر برغبته فى الزواج من مطلقة شابة، تكبره بخمسة أعوام، لا تنجب، وهذا سبب انفصالها، أعلن تلك الرغبة بطريقة مذلة لزوجته، معللاً السبب بأن والدها وهو جارنا، يعمل بإحدى الدول الأوروبية ويمتلك تجارة خاصة، وعده بتقديم أوراقه لاصطحابه فى رحلة عمل هناك، ستشهد تدشين مشروع يديره مع ابنته لاحقًا، ولا يطلب منه أن يطلق زوجته الأولى - بل يستمر معها إذا أرادت، وهو معجب بشخصيته الطموحة ولا يرى غضاضه فى أن يتزوج مرة ثانية،،، فى الجهه المقابلة فإن ابنة شقيقتى صاحبة الشأن، ترفض بشدة أن يكون لها شريكة فى زوجها، وأخبرته برغبتها الملحة فى الانفصال، كقرار نهائى لا رجعة فيه، بعد أن فشل خالها وهو صديق حماها فى إقناع زوجها بالعودة لصوابه، والأخير نجح كعادته فى كسب ثقة بعض ممن يؤمنون بطريقة تفكيره الملتوية، لخلق فرصة جديدة لنفسه على حساب ابنة خالته وطفلته الصغيرة، ضاربًا مشاعر رفيقة دربه وحبيبته عرض الحائط، بعد رفضها وإهمالها كل طلبات الزواج من شباب كانوا أكثر جاهزيه منه، ونحن حاولنا بشتى الطرق إقناعها بالعدول عن فكرة الطلاق، إلا أن مخاوفها من زوجها تظل منطقية، منها فرضية سفره خارج البلاد وعدم سؤاله عنها وعن ابنته لمصلحة زوجته الجديدة، كامتداد طبيعى لتوجهاته غير المتوقعة، كذلك فإنها ترى فكرة السفر وتركها وحيدة تعد ظالمة فى حد ذاتها، لأنها رضيت بظروفه على حالها، وكانت لا تتخيل مشاركة إنسانة أخرى لها فيه، كما تتعجب من قراره، رغم حبه الشديد لها، وتخطيطهما قبل أشهر لتحسين ظروفهما، بطرق أخرى لا تعرف الانتهازية والنفعية، مثل بحثها عن فرصة عمل لمكاتفته - والمحزن سيدى الفاضل أنه تعامل مع رد فعلها بلا رحمة، حيث تركها تذهب لبيت والدتها هى ورضيعتها المسكينة تلازمها دموعها طوال الوقت، حتى وصل بها الحال للمتابعة عند طبيبة نفسية وعمل جلسات علاج مكثفة لحالة الاكتئاب الحاد التى أصابتها، خشية تمكن شيطانها منها وتنفيذ تهديدها بالانتحار، إذا استمر أهلها فى مطالبتها بالموافقة على قرار زوجها، وهى تتميز بقوة الإيمان والقرب من الله - لكننا نقف مكتوفى الأيدى أمام ذبول جسدها وضغوطها النفسية المنهكة، التى تتعرض لها من أهله للقبول بالأمر الواقع.. فبماذا تنصحها!؟
إمضاء ك. ه
عزيزتى ك. ه تحية طيبة وبعد…
بداية أشكرك بشدة على مشاعر الأمومة العظيمة، التى دفعتك لإرسال تلك الأحداث بحميمية راقية، كما أشكركما على متابعة رسالة «بريد روزا» الأسبوعية، متمنيًا ان تقرأ ابنة شقيقتك ردى عليها، وأدعو الله العلى القدير أن يلهمها الصواب ويعوضها خيرًا إن شاء الله هى وطفلتها، كما أنصحها باعتبار الأمر غير صادم لدرجة تفكيرها فى إزهاق روحها، وبأنه كأى رد فعل غير متوقع، قد نفاجأ به من أعز الناس، وربما منا شخصيًا - بلا سبب معلوم، لأننا بشر نصيب ونخطئ، والنفس البشرية معقدة بطبيعتها،، لذا دعيه يتزوج ويجرب الطريق الجديد الذى يرى فيه الخير لنفسه، ولتعلمى بأن الطلاق كما أنه أبغض الحلال إذا استحالت العشرة بين الزوجين، هو فى نفس الوقت نوع من التنفيس عن المشاعر المكبوتة، والاعتراض المشروع - بدلًا من الشروع فى فعل أبغض الحرام مثل الانتحار كفرًا بقدر الله.. والصبر على زوجك بعض الوقت أرى فيه قمة الصواب من أجل عدم مفاجأة ابنتك مستقبلًا، بحقيقة أن أمها منفصلة عن أبيها، وهو متزوج بغيرها، ويعيش بعيدًا عنها للأبد، بلا بارقة أمل فى لم شمل الأسرة والاستمتاع بدفئها، وأدعوكِ لمتابعة رد فعله تجاهكما بعد أن يحقق أمانيه التى يصبو إليها، وهل سيفى بوعده وسيكون عادلًا أم لا، كما أنه من حقك مطالبته بتدبير أمور سفرك عندما تحين الفرصة، وأن يؤكد على زوجته الجديدة تلك النقطة والرضا بها - لأنها من المفترض إدراكها لحقوقك تجاهه وتسليمها بها، وإذا لم يوافق على تلك الوعود، ولم يبد تجاوبًا واضحًا، أو لم يف بمسئولياته تجاهك أياً كان شكلها المحدد برضاكما، يمكنك حينها بداية حياة جديدة مع طفلتك الجميلة بلا أى تعقيد، ودون التنازل عن حقوقك القانونية، فى حالة الانفصال، وهى حقوق شرعية واجبة لا تخصك وحدك بل وتخص طفلتك، ابحثى عن عمل مناسب، يدر عليكِ دخلًا ويساعدك على تحمل أعباء الحياة، وينسيكِ كل ما يعكر صفو حياتك، كما انصحك بعدم ترك صغيرتك لأبيها، لأن تركيبة زوجته الجديدة الأنانية، تدفعها لإهمال رعاية الطفلة وتوجيهها، حتى تصبح إنسانة صالحة ومتزنة، ولا غضاضة فى زواجك من إنسان يراعى الله فيكِ، عندما تأتى الفرصة الثانية من الزواج، وتأنى هذه المرة، حتى لا تندمى مجددًا.. يقول الكاتب الأمريكى «روبرت شولر» مقولة محفزة ورائعة هى: «لا تستسلم عند منتصف الطريق - بل ركز على ربح النصف الثانى».. والنصف الثانى من طريقك أرى فيه يداكِ ممدودتين بثقة وإيمان، قبضتيهما تمسك بمجداف مركبك، عين على طفلتك والأخرى تعاين بر الأمان، فلا تتردى فى طرد كل وساوس الشيطان، وتمسكى بالإيمان بالله، وتدبر حكمته من تبدل أقداره، يقول الحق سبحانه وتعالى بسورة القمر - بسم الله الرحمن الرحيم «إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ» صدق الله العظيم.. وأخيرًأ أنصح كل زوج مسئول أو شاب مقبل على الزواج، بأن لا يفكر فى استخدام استراتيجية «الاستقرار العاصف» التى ترتكز على تحقيق الأمانى من منظور أحادى متشبع بالأنانية، وعدم مراعاة مشاعر رفيقة دربه وأم أولاده، لأن تلك الشركة تأسست على الود والبر لا الذل والقهر.
دمتما بخير وسعادة دائمة ك. ه