الأحد 22 ديسمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
ثورة وغضب العقاد من «روزاليوسف»!

ثورة وغضب العقاد من «روزاليوسف»!

اطمأنت السيدة «روزاليوسف» على صدور العدد الأول من الجريدة صباح 25 فبراير سنة 1935 وأصبح بين أيدى الباعة فى شوارع وميادين القاهرة والمحافظات.



وحدث ما لم تتوقعه روزاليوسف على وجه الإطلاق فتقول: عدت إلى البيت حوالى الساعة السادسة صباحًا، بعد أن اطمأن قلبى إلى أن الجريدة اليومية قد ظهرت كما أحب، وأنها الآن فى السوق ينادى عليها الباعة ويتخاطفها القراء وكان فى همى أن أنام ساعتين أو ثلاثا قبل أن أعود إلى مكتبى وأستعد لإصدار العدد الثانى.

على أننى كنت فى حالة من التعب والإجهاد أصبح النوم معها مستحيلا، فقد كانت أعصابى من كثرة ما أجهدها السهر وأرهقها الترقب والتوجس والقلق منتبهة لا تريد أن تغفو، مشدودة لا تريد أن تسترخى وعبثا أحاول أن أغلق عينى وفى رأسى دوامة تهدر بحوادث الأمس وما أتوقعه من الغد.

مازلت حتى الآن أذكر هذا التليفون اللعين الذى دق فى هذه الساعة ليعيد إلىّ كل ما كنت أحاول أن أنساه من توتر وإرهاق بل لعلى لم أكره فى حياتى مكالمة تليفونية كما كرهت هذه المكالمة. ومضى التليفون يدق وأنا أنظر إليه فى حنق هل أحطمه؟ هل أوقع السماعة وألقيها جانبًا وأمضى فى محاولة الإمساك بالنوم؟ هل أضع السماعة على أذنى وألعن من يريد أن يكلمنى فى هذه الساعة مهما كان شخصه؟

ثم أغلق التليفون فى وجهه؟ ولكن من يدرى أليس ممكنًا أن يكون هناك شىء ما يتعلق بالجريدة؟ أليس ممكنا أن تكون قد جدت متاعب من أى نوع فى التوزيع أو فى غيره؟!

وتمضى السيدة «روزاليوسف» قائلة: واستسلمت للواقع ورفعت السماعة وقبل أن أضعها على أذنى كان قد ارتفع منها صوت الأستاذ «العقاد»الأجش يهدد فى لهجة غاضبة، وحسبت أن السماء قد انطبقت على الأرض حتى يحدثنى العقاد فى التليفون ساعة الفجر وبهذا الضجيج!

خير يا أستاذ عقاد؟! قال: هل قرأت الجرنال؟!

قلت قرأته، فأخذ يروى لى فى ثورة غضب هائلة ما يأتى: كانت الافتتاحية التى كتبها العقاد منشورة بالطبع فى الصفحة الأولى من الجريدة، وفى أسفل الصفحة الأولى وضعنا فيها بروازًا صغيرًا كلمة تقول: ابدأ بقراءة الصفحة الثانية! وهى الصفحة التى تحتوى على الأخبار السياسية الداخلية المهمة وعلى كلمتى وعلى مقال الدكتور محمود عزمى رئيس التحرير.

وانفجر العقاد: يعنى إيه ابدأ بقراءة الصفحة الثانية معناه إيه الكلام ده؟ «يعنى» عزمى عايز يقول إيه؟

عايزين تقولوا إن الصفحة الأولى مش مهمة.. عايزين تقولوا إن مقال «عزمى» أهم من مقال «العقاد»؟!

وتشرح «روزاليوسف» قائلة: وكان لنشر هذه الكلمة سبب آخر.. فقد أخرجنا الجريدة بتبويب جديد على الصحافة اليومية إذ جعلنا السياسة الداخلية تبدأ بعد الصفحة الأولى مباشرة لا فى الصفحات الوسط كما تعودت الصحف أن تفعل.. ولكى ننبه القارئ إلى ذلك كتبنا له أن يبدأ بقراءة الصفحة الثانية أى لا ينتقل مباشرة إلى صفحة الوسط.. ولم يدر بخلد أحد أن يقدم الصفحة الثانية على الأولى لأن هذا غير منطقى وغير معقول، وكانت كل هذه الأسباب فى رأسى المتعبة والعقاد يهدد بالاحتجاج ولكننى أعرف عن العقاد أن اقناعه بعكس رأيه أمر بالغ الصعوبة، أما محاولة اقناعه وهو فى ثورة غضب فتلك من المستحيلات. وعلى ذلك ضغطت أعصابى التى لم تعد تحتمل الضغط وبقيت أسمع ساكتة لقذائف غضبه!!

وللذكريات بقية وماذا فعلت السيدة روزاليوسف!!