الجمعة 3 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
أكتوبر من الأزل إلى الأبد

أكتوبر من الأزل إلى الأبد

الذكريات العطرة والأماكن الطيبة دائما وأبدًا تظل فى القلب والعقل.. وسيناء الحبيبة لها منزلة عظيمة عند الله وعند الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم ودمائهم الطاهرة الزكية فداءً لها وتحرير مدنها.. هنا فى العريش لنا ذكريات وفى الشيخ زويد ونخل وبئر العبد وفى الحسنة والمساعيد.. ومن الشمال إلى الجنوب فى طابا ونويبع وسانت كاترين وشرم الشيخ والطور ودهب وأبورديس ورأس سدر كل أرض سيناء تشهد على عظمة جند مصر ورجال الوطن الشرفاء فى كل مجالٍ. شهر أكتوبر يأتى ويحمل معه أسعد لحظات مرت على هذا الوطن نصر أكتوبر العظيم.



قبل الحديث عن الحرب وبعدها معركة السلام، شاهدتُ بعض الأفلام التسجيلية عن كيفية عبور مصر من الهزيمة فى يونيو 67 إلى النصر فى 73، نكسة 67 هذا التاريخ الأسود الذى تعرض فيه جيشنا إلى هزيمة نفسية قبل الهزيمة العسكرية. 

وخرج الرئيس جمال عبد الناصر ليعلن مسئوليته عن الهزيمة وخرج له الشعب ليقول كلمته بأن الهزيمة ليست آخر الدنيا وأن تصليح الأخطاء من الممكن أن تأتى بالنصر المبين، وخيرًا فعل عبد الناصر، أعاد ترتيب أوراقه من جديد، وبدأ فى جولات مباشرة على جبهة القتال، يلتقى القادة والضباط والجنود ويشد من أزرهم، ويربط على قلوبهم، حتى إن آخر لقاء له مع رجاله من القوات المسلحة فى السويس كان فى شهر أغسطس عام 70  قبل وفاته فى سبتمبر من نفس العام. 

يذكر التاريخ المقولة الخالدة للرئيس السادات عندما قال: «إن شعبنا سيظل مدينًا لهؤلاء الأبطال الذين صمدوا وضحوا فى سبيل عِزة الوطن و كرامته».

تولى الرئيس الراحل الشهيد محمد أنور السادات بطل الحرب والسلام المسئولية واستعد الجيش المصرى لتحرير تراب الوطن من أيدى العدو، وأثبتت العسكرية المصرية بأنها درع وسيف هذه الأمة وقت الصعاب والشدائد، عبرنا الهزيمة بنصر أكتوبر.. وحطمنا طموح العدو بصيحة الله أكبر.. الله أكبر بها نصر الله رسوله الكريم وأصحابه العظماء يوم معركة بدر الكبرى، ويوم فتح مكة، مرورًا بفتح الأندلس، وفتح عمورية، ووصولًا إلى معركتى حطين، وعين جالوت، وحرب أكتوبر المجيدة.

كتب الله على مصر وشعبها أن تظل فى رباط «من الأزل إلى الأبد» وهذا قدر الله علينا.. فى طريقى إلى أبعد النقاط الحدودية لهذا الوطن أستشعر عظمة مصر، وأنها بالفعل دولة كبيرة خلقت وولدت وصنعت لكى يتجلى على أرضها الخلاق العظيم، فى إشارة إلى أن هذه الأرض لها خصوصية عظيمة لا يعلمها غير الله وبعض من عباده الصالحين. 

الصحافة العالمية كانت تتابع العبور العظيم فقالت التايمز البريطانية: «كانت الصورة التى قدمتها الصحافة العالمية للمقاتل العربى عقب حرب 67، هى صورة مليئة بالسلبيات، وتعطى الانطباع باستحالة المواجهة العسكرية الناجحة من جانب العرب لقوة إسرائيل العسكرية، وعلى ذلك يمكن أن نفهم مدى التغيير الذى حدث عقب أن أثبت المقاتل العربى والمصرى، وجوده وقدراته وكيف نقلت الصحافة العالمية هذا التغيير إلى  الرأى العام العالمى. 

ومن التايمز إلى الواشنطن بوست التى كتبت فى صدر صفحتها الأولى: «إن المصريين والسوريين يظهرون كفاءة عالية وتنظيمًا وشجاعة، لقد حقق العرب نصرًا نفيسًا ستكون له آثاره النفسية.. إن احتفاظ المصريين بالضفة الشرقية للقناة يعد نصرًا ضخمًا لا مثيل له تحطمت معه أوهام الإسرائيليين بأن العرب لا يصلحون للحرب».

أما صحيفة معاريف الإسرائيلية فقالت: «إن صفارة الإنذار التى دوت فى الساعة الثانية إلا عشر دقائق ظهر السادس من أكتوبر 1973 كانت تمثل فى معناها أكثر من مجرد إنذار لمواطنى إسرائيل بالنزول إلى المخابئ حيث كانت بمثابة الصيحة التى تتردد عندما يتم دفن الميت وكان الميت حينذاك هو الجمهورية الإسرائيلية الأولى، وعندما انتهت الحرب بدأ العد من جديد وبدأ تاريخ جديد فبعد ربع قرن من قيام دولة إسرائيل، باتت أعمدة ودعائم إسرائيل القديمة حطامًا ملقى على جانب الطريق».

السؤال الذى يلوح فى الأفق فى هذا التوقيت الصعب على الأمة المصرية.. هل نستطيع الآن أن نعبر بهذا الوطن إلى بر الأمان؟

50  عامًا مرت على حرب العزة والكرامة والصمود والتحدى.. نتذكر فيها كل شهداء مصر الذين آمنوا بأن الحفاظ على حدود الوطن والاستشهاد من أجل ترابه هو قمة السعادة وأن الفوز  بلقب «الشهيد» هو قمة الإيمان بالله. 

الحروب العسكرية فى العصور المقبلة لها أساليب وخطط ومعارك ليست بالسلاح وإنما بأمور أخرى كثيرة.. علينا أن ننتبه جيدًا لأن العدو لايزال عينه علينا.. يخطط ويدبر ومعه كارهون لنا من نفس طينته الخبيثة..  تحيا مصر