الأحد 28 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الارتباط والعلاقة السببية

الارتباط والعلاقة السببية

إحدى سمات السطحية واللاعقلانية التى يعتمد عليها خبراء التسويق والإعلان هى الخلط بين الارتباط والسببية، دعونا نأخذ مثالا بسيطا لتوضيح هذه الفكرة، ففى فترة السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضى انتشرت وبقوة إعلانات لأنواع شهيرة من السجائر الأجنبية هذه الإعلانات نرى بها رجلا وسيما من رعاة البقر يرتدى ملابس جذابة ويقوم باشعال التبغ فى تلذذ واستمتاع، أمثلة أخرى عندما يتم استقدام نجمات السينما الفاتنات للقيام بالإعلان عن مستحضرات التجميل والعناية بالبشرة والشعر، هذا الارتباط الذى حاولت شركات الدعاية والإعلان ترسيخها فى اذهان الجمهور نجحت بصورة كبيرة فى زيادة المبيعات لتلك المنتجات لعدة أسباب ليس منها فائدة المنتج ولكن اغلبها أسباب عاطقية ونفسية منها الارتباط بالنجم القائم بالإعلان أو الإحساس بان استخدام المنتج الذى يستخدمه نجم وسيم قد يضفى جاذبية على صاحبه دون النظر إلى الفائدة وصولا إلى الترويج لمنتج يضر بالصحة ويسبب الوفاة.



الأخطر من هذا الارتباط الواهى غير الحقيقى هو اعتقاد البعض بوجود علاقة سببية بين المنتج وبين النجم المعلن عنه فالبعض قد يعتقد أن المدخنين هم الأكثر جاذبية ووسامة أو أن بشرة النجمات أو حتى ملامح وجوههن هى نتيجة لاستخدام المنتج.

مثال آخر قد نجده متحققا عندما نقوم بتحليل البيانات الكبيرة Big data Analysis والتى اتاحها لنا عصر المعلومات والشبكات، فعلى سبيل المثال وجد ارتباط بين من يحتسى كاسا واحدا من الخمر يوميا وبين التمتع بصحة جيدة وقوام ممشوق، هذا الارتباط لا يعنى بالضرورة- أو قد لا يعنى على الاطلاق-أنه لكى تحصل على قوام ممشوق وصحة جيدة يتعين عليك أن تحتسى الخمر يوميا، ولكنها الارتباطات التى لا يوجد لها أى علاقة بان تكون سببا، ففى هذا الاطار لم يتحدث أحد عن الأسباب الحقيقية للقوام الممشوق والصحة الجيدة فلا حديث عن عوامل الوراثة والتركيبة الجينية ولا عن ممارسة الرياضة أو الأكل الصحى والنوم الكافى أو تغذية العقل بالقراءة والروح بالقرب من الله. أتمنى أن ننظر إلى الأمور هكذا خاصة الشباب وصغار السن، يجب عليهم التفرقة بين الارتباط وبين العلاقة السببية وكما يقول المثل «إذا عرف السبب بطل العجب».