الإثنين 2 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
المأساة والإحصائية

المأساة والإحصائية

«عندما يموت شخص فإنها مأساة ولكن عندما يموت مليون شخص فهى مجرد إحصائية» هذه المقولة المنسوبة إلى الرئيس الروسى الراحل جوزيف ستالين مع ما تحمله من سخرية إلا أنها حقيقية نوعًا ما ولعل من أسباب صحتها أنه فى حالة موت إنسان واحد فإن التركيز فى الوصف سيكون منصبًا على هذا الشخص، كيف كان يحيا وكيف مات وماذا ترك وماذا كان يأمل فى أن يفعل إن استمر فى الحياة مع العديد من الصفات الرائعة لشخصيته ودماثة خلقه... إلخ.



أما فى حالة موت مليون إنسان فإن التركيز لن يكون بالطبع قادرًا على تتبعهم فردًا فردًا بنفس درجة العمق ولكن سيكتفى بذكر العدد وربما السبب أو الأسباب الرئيسية لموتهم وكفى، لذا فإن وقعها على النفس ربما يكون أقل بكثير من وقع قصة واحدة مفصلة تفصيلًا دقيقًا قادرًا على لمس المشاعر الإنسانية وتحريكها.

أمر مشابه لذلك ما نراه أحيانًا من ارتفاع أصوات قلة من أى جماعة مطالبين بأمر ما أو متبنيين لفكر ما على الرغم من مخالفته لملايين البشر ولكنها فردية السرد والوصف وتسليط الضوء، تلك التى تجعل البعض لا يستطيع أن يعلى حجم كل مجموعة وربما يميل إلى كفة الأقلية، تمامًا مثلما يذرف الدموع لمقتل شخص واحد ولا يتأثر نفس التاثر لمقتل مليون أو أكثر.

ربما هذا هو ما يجعلنا لا نتأثر كثيرًا عندما نعرف أن قتلى الحرب العاليمة الأولى يقدر عددهم ما بين الـ15 والـ20 مليونًا من الجنود ومثلهم من المدنيين أو أن قتلى الحرب العالمية الثانية فى حدود 15 مليون جندى و38 مليونًا من المدنيين، أو كما صور فيلم تايتانك قصة حب بين فتى وفتاة انتهت بغرقه ونجاة الفتاة على الرغم من غرق ما يزيد على 1500 شخص كانوا على متن السفينة.

إنه التركيز والتقريب وتسليط الضوء وتقريب العدسة المكبرة على حدث أو وفاة شخص مقارنة بالحديث عن ملايين الأحداث أو وفاة الملايين أيضًا.

وهذه الخدعة دائمًا ما تنجح فى لفت الأنظار وتحريك المشاعر ولا ينتبه إليها إلا من يستطيع أن ينظر إلى الأمور بعمق وتركيز.