بين السبق والصدق
فى علوم الإعلام نعرف جميعا أن من يسبق بالخبر يكون هو الأكثر مشاهدة والأكثر قيمة ويرفع ذلك من أسهم المؤسسة الإعلامية أو الجريدة أو القناة التى تقوم بذلك ومع زيادة المشاهدات تكون فرصة تلك المؤسسة فى الحصول على إعلانات أكبر من غيرها، وليس السبق فقط هو ما تبحث عنه المؤسسات بل إنها تبحث أيضا عما يطلق عليه التفرد، وهو ما يحدث فى الأحداث المفاجئة أو التى تكون أدوات تلك الوكالة الإعلامية حاضرة فيها بالصدفة.
وفى بعض الحالات يقوم أفراد عاديين ببيع المادة الإعلامية التى رصدوها إلى إحدى تلك المؤسسات لتصبح صاحبة الحق الوحيد فى بث هذا المحتوى ويكون على باقى المؤسسات النقل عنها مثلما هو الحال فيما تقوم به مجموعات الباباراتزى التى تقوم باختلاس عدسات مصوريها لتسجيل لقطة أو مشهد لم يستطع غيرهم الوصول إليه.
نتذكر كم كان هذا المبدأ حاضا وبقوة فى أحداث مثل تفجير برجى التجارة فى الحادى عشر من سبتمبر 2001 والأمثلة غير ذلك كثيرة ومتعددة، يكفى أن نعرف أن الأمر يتجاوز تاريخ الحدث فعلى سبيل المثال فإن أول فيلم لهذه الحادث والذى تم تصويره بواسطة مصور فرنسى محترم تم بيعه فى مزاد عام 2021 بما قيمته 3.4 مليون دولار.
الصدق على الجانب الأخر أو التحقق من الخبر أو النبأ يكون هو العامل الثانى وربما الأكثر أهمية من السبق والذى يؤثر على مصداقية المؤسسة الإعلامية فيما تقوم بنشره، فالكثير من الأنباء والأخبار لا تكون صحيحة وتندرج تحت بند الشائعات أو الأخبار المغلوطة ولذلك فإنه يتعين على المؤسسات التحقق من الخبر قبل نشره وهذه العملية يجب أن تتم بأسرع وقت ممكن حتى يستمر السبق لهذه المؤسسة قائما وموجودا.
والآن فى عصر شبكات التواصل الاجتماعى والتى تحول فيها كل المستخدمين إلى وسائل إعلامية متنقلة تقوم بنقل الأخبار والأنباء وتقوم بتوليد ونشر الاخبار أيضا ولذا فإن على المستخدمين الاهتمام بإجراءات التحقق وذلك حتى لا يتحولوا إلى مروجى للشائعات أو الأخبار المغلوطة وهو ما يفقدهم المصداقية بين الأصدقاء والمستخدمين الآخرين أيضا.
الأمثلة على هذا كثيرة ولذا يجب أن يتعلم الجميع تلك المهارة ولا ينظرون إليها على أنها من أحد مقتضيات العمل لهيئاء الإعلام فقط بل يجب أن يتسم بها الجميع وإلا فإن الحقيقة ستمتزج بالزيف وبالخيال وهنا قد تضيع الكثير من الحقائق أيضا.