الأربعاء 17 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
ورقة التوت الرقمية

ورقة التوت الرقمية

أظهرت الأحداث الأخيرة مدى التفاوت بين شبكات التواصل الاجتماعى فيما تسميه «سياسات الاستخدام» والمقصود بها ما تحدده كل شركة من سياسات لنشر المحتوى بواسطة المستخدمين والتى تشير كل سياسة منها الى مجموعة من القواعد العامة و«العايمة» أيضا.



تلك السياسات فى مجملها تبدو رائعة تحافظ على القيم التى لا يختلف عليها أحد، حيث تشير تلك الشبكات إلى أنها تحارب كل محتوى عنيف أو شاذ بما فيها المنشورات التى تشجع على الإرهاب وتروج له أو تلك التى تحتوى على خطاب كراهية لأى فئة أو عرق أو دين مع عدم الإخلال بحق التعبير الجاد المتوازن كلما أمكن ذلك.

ولكن للأسف أثبتت الأحداث الأخيرة للمستخدمين جميعا أن هذا الأمر ليس كما يبدو  كما تحاول تلك الشبكات الإيحاء به، فالانحياز لطرف على حساب طرف آخر، حتى من يحاول أن يبدو متوازنا فى وجهة نظره بأنه ضد العنف وأن الطرفين على خطأ وأن العنف لا يجب أن يقاوم بالعنف المضاد فنجد أن تلك الآراء المتوازنة يتم حجبها أيضا حتى لا يتبقى إلا صوت واحد هو صوت الإدانة لطرف والترحيب بكل ما يفعله الطرف الآخر مهما كان قاسيا أو وحشيا.

ولا يقتصر الأمر على خوارزميات تلك الشبكات وحسب فمنذ عدة أيام نشر بادى كوسجريف الرئيس التنفيذى لمؤتمر Web Summit وهى قمة لتكنولوجيا المعلومات تعقد كل عام منذ 2009 فى لشبونة، حيث قام بتدوين بعض المنشورات والتى أدان فيها العنف من الطرفين فما كان من كبرى الشركات العاملة فى مجال التكنولوجيا والتى كان من المزمع مشاركتها فى مؤتمر هذا العام أن قامت بالإعلان عن امتناعها عن المشاركة فى أى فاعليات خاصة بتلك المنظمة على الإطلاق مما دفع المدير التنفيذى إلى التخلى عن منصبه تماما وسيتم قريبا تعيين مدير تنفيذى آخر، وذلك لضمان بقاء المؤسسة وأنشطتها وعدم تعرضها لأى خسارة مالية.

عودة إلى شبكات التواصل الاجتماعى حيث نجد أن ايلون ماسك مالك شركة اكس تم اتهامه بأن شركته لا تقوم بتنفيذ سياسات استخدام محكمة مما يسمح بوجود منشورات تخالف السياسات المعلنة من قبل شركة مارك زوكربيرج منافسه العتيد وعلى إثر ذلك هدد ايلون ماسك بسحب أنشطة شركته من دول الاتحاد الأوروبى جميعها.

هذه المرة نستطيع وبكل ثقة ان نقول إن جميع المستخدمين قد شعروا بتلك الانحيازات، ربما لأول مرة تمس الجميع، فالجميع مرسل ومستقبل على عكس وسائل الإعلام التقليدية القديمة حينما كان الناس مستقبلين فقط لما يبث اليهم من محتوى إعلامى والحقيقة أن هذه الحرب الرقمية تهدف إلى طمس الحقائق وتكوين تاريخ رقمى جديد يعكس وجهة نظر واحدة ويتعاطف مع طرف واحد على حساب المجتمع الدولى ككل.