الخميس 2 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«عقدة الناجى» قد تلاحقك بسبب الأحداث فى فلسطين.. كيف تتغلب عليها؟

على الرغم من كونه لا يعد تشخيصًا طبيًا فى حد ذاته، إلا أن عقدة الناجى تعد مشكلة نفسية تؤرق حياة الكثيرين فى الوقت الحالى فى ظل الأحداث المؤسفة والحزينة التى يشهدها أهالى قطاع غزة بفلسطين، فلا يعرفوا كيف يمارسوا حياتهم وغيرهم يتم إبادتهم وقتلهم وهم أبرياء عزل، وترتبط العديد من الاضطرابات النفسية المصاحبة لها كاضطراب القلق المعمم وكرب ما بعد الصدمة واضطرابات النوم واضطراب الهلع، إنه ذنب الناجى أو ما يطلق عليه «عقدة الناجي» والذى يرتبط فى الغالب بسمات الشخصية الحساسة والعاطفية صاحبة الضمير اليقظ والشخصية الاعتمادية والشخصية القلقة ومن اعتاد باستمرار على جلد الذات.



يقول دكتور ريمون ميشيل ثابت استشارى الصحة النفسية والإرشاد الزواجى والأسرى أن هناك اضطرابًا خاصًا بالصحة النفسية متعارف عليه لدى الأطباء والمختصيين النفسيين يسمى اضطراب الكارب التالى للصدمة، تعد عقدة الناجى إحدى أعراضه، وقد يحدث للفرد ذلك بشكل مباشر بعد التعرض لحادث أليم أو صدمة نفسية شديدة مثل الموت المفاجئ أو فقدان عزيز فى حادث أو بعد التعرض لحادث سرقة أو قتل، إما أن يحدث ذلك بشكل مباشر أمام الشخص أو بطريقة غير مباشرة عن طريق مشاهدة شخص آخر يتعرض لذلك الأمر، كما قد يتأثر الشخص بعد التعرض للحادث أو مشاهدته بعدة أشهر وليس بالضرورة بشكل فورى ومباشر، يراود الشخص حينها شعور شديد بالذنب تجاه الآخر، لماذا أنا وحدى من نجوت؟ ويصاحب ذلك دائمًا أفكار سلبية عن الذات، ليس من حقى أن أشعر بالسعادة أو أجد معنى للحياة بعد ذلك، ويلى ذلك مجموعة من الأفكار الانتحارية أو الوسواسية والتى لا يستطع فيها الشخص مقاومة أفكاره المتكررة والمستمرة بخصوص الأمر ولا يستطيع التوقف عن التفكير وحينها يمكن أن يصاب بأحد الاضطرابات المتعلقة بالمزاج التى تحتاج إلى التدخل من مختص للمساعدة.

وأوضح د.ميشسل أنه عادة يصاحب عقدة الناجى بعض الأعراض الجسدية المتعلقة بالمرض النفسى والتى تسمى الأمراض السيكوسوماتية مثل التعب والإرهاق حتى فى أوقات الراحة، الشعور بالإعياء والصداع، آلام البطن والقولون وألم أسفل الظهر، زيادة ضربات القلب وارتفاع ضغط الدم بسبب التوتر وتعرق اليدين وما إلى غير ذلك ليس لوجود سبب عضوى ولكن تأثر الجسد بحالة النفس، وفى تلك الحالة قد يحتاج الشخص إلى تناول العقاقير المضادة للاكتئاب بمباشرة الطبيب النفسى بعد تقييم الأعراض من حيث مدتها وشدتها.

وأكد أنه قد لا يحتاج الشخص إلى العلاج وقد يتأقلم ويكيف مع الوضع ويتخطى الصدمة النفسية إذا وضع الحزن والألم فى موضعه الصحيح ولكن إذا منع الألم الشخص من ممارسة حياته الطبيعية بشكل متواصل لفترة تزيد عن أسبوعين فمن الأفضل التحدث عن مشاعره وألمه مع المختص النفسى لطلب المساعدة.

ولعلاج عقدة ذنب الناجى ينصح د.ميشيل أنه يجب أولًا على الفرد التسليم لأقدار الله واليقين أن لكل إنسان عمر محدد قد عينه الله ولكن كل هذه أسباب فقط وهذا جزء من العلاج النفسى نطلق عليه المطمئنات وهو جزء من العلاج المعرفى السلوكى لاضطراب ما بعد الصدمة، إن سمحت لنفسك بالحزن لبعض الوقت فهذا أمر طبيعى لأن الحزن جزء من العواطف الإنسانية الطبيعية ولكن عليك أن تمنح نفسك الفرصة بأن تجتاز الصدمة، مارس رياضة المشى فى الطبيعة بشكل يومي، دون مشاعرك وعواطفك السلبية فى ورقة وقم بالتخلص منها فهذا يجعلها تنحصر وتضعف، لا تستسلم للفكرة بل انتهرها وافعل شيئًا آخر يشغل عقلك، حاول أن تشغل وقتك بما هو مفيد وابتعد عن متابعة أخبار الحوادث، قد يساعد البعض ممن قد أصيبوا بعقدة الناجى تطبيق منهج الشفاء النفسى بواسطة الأخصائى المختص فى العلاج النفسى المعرفى أو على الأقل أن يبدأ بمبادرة قراءة كتاب واحد عن موضوع شفاء النفس والتخلص من عقدة الذنب وجلد الذات ففى ذلك يجد الإنسان خيرًا بإذن الله.

ولفت إلى أن البعض قد يحتاج للانتظام على تناول العقاقيرالنفسية لمدة أطول إذا زاد الأمر عن ستة أشهر ولم يستطع الإنسان تجاوز الصدمة وهنا يفضل مباشرة الطبيب النفسى الذى يستطيع تقديم المساعدة النفسية بحسب احتياجك.