الخميس 27 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
وأخيرًا عودة روزاليوسف للصدور!

وأخيرًا عودة روزاليوسف للصدور!

وأخيرا صدرت روزاليوسف بعد فترة تعطيلها بقرار مجلس الوزراء، كان العدد يحمل رقم 185 وصدر فى 30 أغسطس سنة 1931، كما وعدت القراء بالضبط.



كانت السيدة روزاليوسف فى الإسكندرية وكما روت فيما بعد فى مذكراتها: كنت بالإسكندرية أصطاف على قدر الحال، فاستقبلت العدد الجديد فى قهوة «الجراند تريانون» فأخذت بيدى رزمة من أعداد المجلة وقمت أوزعها بنفسى وفى عينى دموع وابتسام، هذا والجمهور يصفق ويهتف، وتقدمت فى شبه زفة حتى شارع الكورنيش ويا لها من هزة ويا لها من نشوة!!

وجاءت افتتاحية روزاليوسف بكلمات من نار فتقول: بعد شهرين اثنين أو أقل تستقبل جريدة - مجلة - روزاليوسف عامها السابع إن لم يجد لها قانون المطبوعات فى هذين الشهرين فتوى من فتاوى «أبى معشر» يرسلها بها إلى القبر من جديد!

ومعنى هذا أن عمر جريدة روزاليوسف اليوم خمسة أعوام وعشرة شهور كان يجب أن تصدر فيها حوالى 360 مرة فاختزل هذا الرقم الضخم إلى حيث يرى القراء مائة وخمسا وثمانين، والفرق بين الرقمين من أعداد روزاليوسف، إما طبع وصودر وأكلته وسمنت عليه جرذان المحافظة حتى أصبحت كالعجول، وإما عدت عليه الأزمات السياسية كل أزمة تقتطع لنفسها منه قطعة تارة باسم الأخلاق وتارة باسم الآداب، وأخرى باسم اضطراب الخواطر وحماية النظام وباسم كل شىء إلا الشىء الحقيقى الوحيد أن هذه الجريدة عاشت راضية أن تجوع ولا تأكل بثديها، رافضة أن تضع يدها فى الأيدى التى عبثت بالحرية وباعت بالثمن البخس كل كرامة للبلاد، وولغت فى دم الدستور ثم رمته عظمة للكلاب!!

وتمضى الافتتاحية فتقول بنفس الجرأة والشجاعة:

صودرت روزاليوسف أكثر من مرة، وعطلت أكثر من مرة وقبرت أكثر من مرة، وكان يبدو دائما -كلما تولت زمام الأمور وزارة لا تحرص على الدستور- أن العمل الثالث الذى تفرضه على نفسها فرضا بعد تعطيل الدستور ووضع الأثقال على أبواب البرلمان، هو إرسال ضابط وبضعة جنود يحملون إلينا ورقة -ودائما كان يحدث ذلك فى يوم السبت- حيث ننتهى من طبع الجريدة تبيح لهم هذه الورقة أن يصادرونا أو يعطلونا وأن يحملوا نسخ الجريدة فى كلتا الحالتين ليقدموها غنيمة باردة إلى جرذان المحافظة تولم -وليمة- حتى يساق إليها على حسابنا رزق جديد!

وكل الصحف التى تولاها تحرير «روزاليوسف» كلها بغير استثناء من «الرقيب» إلى «صدى الحق» إلى «الشرق الأدنى» إلى «البرق» إلى «مصر الحرة» إلى «صدى الشرق» إلى «الربيع» إلى «الصرخة» كلها عاش بما عاش غرضا لا تخطئه سهام المصادرة والإنذار والتعطيل والإعدام، وكان كلها يحرر ويطبع وينشر وفى كل لحظة من اللحظات كنا نتوقع فيه خيانة الزمن الأسود ونعد أنفسنا فيه لكلمة بسيطة يلهو بها لسان صودرت مجلة كذا وعطلت لأنها بنت كلب والسلام!! فندفع ثمن هذه الكلمة من رءوسنا ومن أعصابنا ومن دمائنا ومن أقواتنا ومن مئات الجنيهات نضطر إلى أن نقذف بها إلى البحر من غير كلمة وداع، وكل هذا لأن شهوة رجل شاءت أن تقذف بها إلى المصير، ولأن صدر رجل ضاق بكلمة حق أو دعابة معارض فأبى إلا أن يقطع من الرزق ما وصل الله، وإلا أن يزلزل من أمان الضعفاء ما كفلته شرائع الأرض والسماء!!

وتتساءل الافتتاحية: وماذا أجدت هذه الحرب الضروس، ما غنائمها ما أسلابها على موقدى نارها؟! وها نحن أولاء دُفنا فى قرافة الصحافة ما لا يقل عن عشر مرات وبعثنا منها ما لا يقل عن عشر مرات.

وفى وسط الافتتاحية رسم كاريكاتورى لمبنيين أحدهما لمجلس النواب وقد أقفلت أبوابه بأقفال كبيرة، ومبنى بسيط لروزاليوسف وعسكريان يتنقلان من مبنى البرلمان وبأيديهما العديد من الأقفال يقول أحدهما للآخر: قفلنا البرلمان يالا بينا بأه نقفل روزاليوسف.

وللذكريات بقية