
ابراهيم خليل
هدنة 60 يومًًا لإرضاء ترامب
تشتد الضغوط وتتراكم التهديدات وترسم خطوطًا حمراء للعالم ووعودًا كاذبة وتسويات ناقصة وسط العواصف التى تمر بها منطقة الشرق الأوسط وبعد فترة ستنجر لها دول شرق آسيا، فهذه الزلازل والأعاصير فى غزة حيث القتل والتشريد والإبادة وفى لبنان حيث أيضًا التوغل الإسرائيلى والاستيلاء على الأراضى والضغوط لنزع سلاح حزب الله مقابل الوهم الكبير بعدم ضرب لبنان وفى سوريا المحاولات المستميتة لمحاولة الضغط على إسرائيل للانسحاب من الأراضى السورية التى استولت عليها بعد سقوط حكم الأسد وفى ليبيا على الحدود المصرية تتنازع القوى السياسية المسلحة فيما بينها للانفراد بالسلطة وفى السودان يحرز الجيش السودانى الكثير من النجاح فى مطاردة ما يدعى بقوات الانتشار السريع، فى هذه الأجواء وصلت المنطقة إلى حال من الخطورة لم يعد من السهل عودتها منها أو إعادتها إلى الوراء.
قتل وذبح وإحراق وإبادة للشعب الفلسطينى ولا نعرف ماذا يخبئ المستقبل نقول هذا الكلام لأن مصر على تماس أو بجوار كل هذه المشاكل تلك هى الصورة التى أمامنا. هكذا يصبح الكذب سياسة وتتقدم النخب الفاسدة وتشرع الخيانة تحت مسمى الواقعية وتغتال الكرامة باسم المصلحة.
مقاومون يطاردون وخونة يكرمون يشهد العالم الآن مشروعًا يقف وراءه الأمريكان بقوتهم السياسية والاقتصادية والعسكرية لتغيير خرائط العالم لتكون أمريكا وأداتها بالتفرغ للقوة العالمية القادمة الصين وحلفائها فى شرق آسيا والتى امتد نفوذهم داخل الخليج العربى وإيران وباكستان وإفريقيا. وهذه الخريطة الجديدة التى تم رسمها فى الغرف المظلمة أصبحت أمريكا الآن تستميل إيران وباكستان والخليج العربى وفى هذا الإطار يبرز اللقاء الذى عقد فى الأيام الماضية فى واشنطن بين الرئيس الأمريكى ترامب ورئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو الذى سيحسم ما يتعلق بالهدنة فى غزة وهذا اللقاء يعقد بالتزامن مع انطلاق جولة جديدة من المفاوضات غير المباشرة بين حماس وإسرائيل فى الدوحة للاتفاق على المقترح الأمريكى الذى يتضمن هدنة بين إسرائيل وحماس لمدة 60 يومًا والإفراج عن نصف الأسرى الإسرائيليين وتسليم جثث القتلى الإسرائيليين مقابل الإفراج عن عدد كبير من الفلسطينيين والانسحاب من بعض المواقع داخل غزة وإدخال المساعدات الغذائية للفلسطينيين داخل غزة ومن المؤكد أن لقاء ترامب ونتنياهو هو الذى سيحسم الاتفاق بين حماس وإسرائيل وليست المفاوضات غير المباشرة التى تعقد فى الدوحة لتكون موافقة نتنياهو على اتفاق الهدنة هو بمثابة هدية للرئيس الأمريكى ترامب على ما قدمه لإسرائيل من خدمات جليلة شملت تزويد إسرائيل بمختلف الأسلحة وكذلك الضربة التى وجهتها أمريكا لإيران خلال الأسابيع الماضية، ولذلك نتنياهو مضطر لإرضاء ترامب حتى لو لم تستمر الهدنة طويلًا ورغم أن الجميع يعلم أن فلسطين ليست قطعة أرض فى صفقة هى قضية وجود وهوية وليست مشروعًا استثماريًا ما يجرى الآن ليس اتفاقًا بل محاولة لتصفية القضية الفلسطينية وتحويل قطاع غزة إلى إدارة تديرها بعض الدول العربية بالمشاركة مع مستشارين أجانب الأخطر هو ما يحدث فى الضفة الغربية من تفريغ شعبها وما زاد الطين بلة دعاوى يروج لها الإعلام الغربى من قيام شخص وصف بأنه أحد شيوخ الخليل طالب بانفصال الخليل عن الضفة الغربية وتحويله إلى إمارة تقيم سلامًا مع إسرائيل وهذا العرض كما تردده الميديا الغربية قدمه الشيخ وديع الجعبرى ينسب له الدعوة لتأسيس إمارة خاصة بالخليل لتنضم إلى الاتفاقيات الإبراهيمية مع إسرائيل ووقع الجعبرى وأربعة شيوخ آخرين رسالة يتعهدون فيها بالسلام والاعتراف الكامل بإسرائيل كدولة يهودية..لكن وجهاء عائلة الجعبرى ينفون صلتهم بهذا المخطط فى بيان وقعه الوجهاء فى مدينة الخليل.
التاريخ لن يرحم من يبيع القضية الفلسطينية ومن يظن أن المشروع الصهيونى الأمريكى سيتوقف فى غزة أو الضفة أو الجولان فهو واهم.
ومن هنا ضرورة الالتفاف حول القيادة المصرية والجيش المصرى ودعم خطواته على مختلف الحدود المصرية، والقيادة السياسية لمصر تدرك تمام الإدراك بأهمية الجغرافيا وما تضم من حدود بجميع أنحاء مصر كعنصر من عناصر القوة الوطنية الشاملة والسياسة المصرية محكمة ومباشرة ومحافظة على الثوابت والحقوق التى لا يستطيع أحد أن يمسها وبهذا المعنى الشعب المصرى مطمئن على أمنه وأمانه ومستقبله، ويصعب على أى أحد أو عدو الإقدام على أية خطوة تضر مصر طالما هناك التفاف القوى حول القيادة السياسية وجيشها القوى.