الجمعة 3 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
 الرقابة وترشيد الاستهلاك

الرقابة وترشيد الاستهلاك

الظروف الحالية التى تمر بها مصر، والأحداث الدائرة فى غزة، تستدعى على كل عاقل أن يأخذ العبرة والعظة من هذه الأحداث، فلا يجوز بأى حال من الأحوال، أن يرفع التجار أسعار السلع، أو أن يحاول البعض الآخر من التجار تعطيش السوق وتخزينها بهدف زيادة السعر وتحقيق مكاسب أكبر وأسرع. 



فى سياق هذا الحديث يحضرنى بعض الأحاديث الفقهية والفتاوى الشرعية الصادرة من دار الإفتاء  بخصوص البيع بأسعار أعلى من معدلها لتحقيق مكاسب على حساب المواطن البسيط، حيث أكدت دار الإفتاء المصرية فى وقت سابق، أن التجار الذين يستغلون حاجة الناس ويحتكرون السلع ويبيعونها بأسعار مبالغ فيها آثمون شرعًا؛ لما يترتب على هذا الاستغلال من إلحاق الضرر بالناس والتضييق عليهم، وهذا يؤدى إلى إيذائهم ماديًّا ومعنويًّا، وقد نهى الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم عن الإضرار، وأوضحت الدار أن الأصل فى البيع حِلُّه وإباحته، وذلك لقوله تعالى: ﴿وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾ [البقرة: 275]، إلَّا ما نَهَى الشارع عنه من بعض الممارسات التى قد تضرُّ بمصالح المتبايعين؛ ومن تلك الممارسات «الاحتكار»، والذى هو حبسُ كلِّ ما يضرُّ العامّةَ حبسُه، وذلك عن طريق شراء السلع وحبسها، فتقِلُّ بين الناس، فيرفع البائع من سعرها استغلالًا لندرتها، ويصيب الناسَ بسبب ذلك الضررُ، وقد نهى عنه الشارع وحرَّمه، فقال النبى صلى الله عليه وآله وسلم: « لَا يَحْتَكِرُ إِلَّا خَاطئ». 

التوقيت صعب جدًا للغاية أيها التجار، كل من يربحون على حساب أحوال الناس خاسرون فى الدنيا وفى الآخرة، والقصص فى هذا السياق كثيرة لا تعد ولا تحصى، كم من تاجر أمين جعل الله نصب عينيه وعامل ربه فى تجارته، دائمًا سيرته طيبة فى الدنيا، وتخرج ذريته طيبة تسير على نهج البيع والشراء أيام الصحابة والتابعين، وهناك تجار ربحوا مكاسب وغنائم وامتصوا دماء الناس وقت الشدائد والحروب، تركوا تجارتهم وانتقلوا إلى الآخرة، وكانت سيرتهم سيئة وقد ابتلى الله أبناءهم بالفقر والعوز. 

الحقيقة أن الحكومة رغم كل التصريحات اليومية بضبط الأسعار والحملات الرقابية والتفتيش على المحال التجارية يوميًا، أرى أن كل ذلك مجرد تصريحات من المسئولين لوسائل الإعلام للاستهلاك المحلى، والحقيقة فى الواقع صادمة للمواطن الغلبان، وأضرب مثلًا على ذلك فى سلعة واحدة وهى الأرز، وهى سلعة محلية ويعتبر حسب الإحصائيات الرسمية لوزارة التموين نحقق فائضًا للاستهلاك المحلى ومن الممكن أن نصدر الأرز إلى الخارج، الأرز وصل سعر الشيكارة فئة وزن ٢٥ كيلو إلى ٧٥٠ جنيهًا بمعدل سعر ٣٠ جنيهًا للكيلو فى حين أن سعر نفس الشيكارة فى بداية الشهر الماضى كان يقل بنسبة ما يقرب من ١٠٠ إلى ١٥٠ جنيهًا لنفس نوعية وجودة الأرز من فئة الدرجة العالية. 

رغم ما نشاهده من قتل ودمار للإخوة فى غزة لم يحرك ذلك ساكنًا لبعض تجار الأرز على مستوى الجمهورية وهذه سلعة واحدة وهى سلعة استراتيجية لا يمكن للمصريين الاستغناء عنها يوميًا على مائدة الطعام. 

سلاح المقاطعة لبعض المنتجات لا يمكن أن ينطبق على الأرز ولذلك يجب وضع حد للتلاعب بأسعار هذه السلعة فى المحافظات.. أنا شخصيًا كتبت منذ فترة فى هذا الموضوع تحديدًا ولا أملُ أن أكتب مرة أخرى للصالح العام، الإعلام الحقيقى هو من يظهر الحقائق والمعلومات حول ما يدور داخل المجتمع بهدف تصحيح الأخطاء وكبح جماح الغضب الموجود فى نفوس الناس مثل النار تحت الرماد. 

نريد أن يكون هناك ثقافة وعى ورحمة فيما بيننا خصوصًا فى هذا التوقيت الصعب الذى نمر به فى مصر ويعانى منه معظم شعوب ودول المنطقة، الرقابة ثم الرقابة ثم الرقابة على أرض الواقع بعيدًا عن التصريحات العنترية للمسئولين، كل مفتش تموين فى كل محافظة وفى كل مركز وفى كل منطقة وقرية يعرف تمامًا، أين يخزن التجار السلع، لايمكن ونحن فى حالة اقتصادية صعبة للغاية أن نترك السوق دون رقابة ودون عقاب للمخالفين ودون وقفة مع المواطنين ضد الجشع والاستغلال!. 

الجميع فى مركب واحد ومصر تحتاج إلى المخلصين الشرفاء فى هذا التوقيت الأصعب على الجميع.

تحيا مصر.