الأحد 28 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الطوفان والسيوف

الطوفان والسيوف

مع انطلاق العمليات فى السابع من أكتوبر والتى أطلق عليها «طوفان الأقصى» جاء رد الجيش الإسرائيلى بعمليات أطلقوا عليها «السيوف الحديدية» Swords of Iron وهو المسمى الذى لا أعتقد أن الكثيرين يعرفونه، والحقيقة أن عدم المعرفة بهذا الاسم وانتشاره ربما يأتى لتجنب وسائل الإعلام العربية الإشارة إليه وهذا أمر جيد فى حد ذاته ولكن أعتقد أن تأثيره لم يتخطَ المنطقة العربية مثلما ان مسمى العمليات «طوفان الأقصى» لم يلقَ نفس الصدى المحلى فى وسائل الإعلام الغربية.



وفى جميع الأحوال وبغض النظر عن المسميات أو عن نتائج هذا الصراع والذى هو حلقة فى سلسلة كبيرة من الصراعات بدأت قبل عام 1948 ولا يبدو أنها ستنتهى قريبًا، إلا أن هذه المرة أخذ الصراع جانبًا آخر ليس على الأرض ولا فى الجو ولكن عبر الشبكات، شبكات المعلومات وأنظمتها الفنية فيما يعرف بالحروب السيبرانية.

فمن السابع من أكتوبر ووسائل الإعلام الغربية تتحدث عن هجمات سيبرانية على مواقع الكترونية لعدد من المؤسسات الإعلامية والمصرفية تستهدف تعطيلها عن العمل، بالطبع تنسب تلك الهجمات الى عناصر من حماس أو من يساندها فالهجمات تأتى من مواقع شتى فهذا هو أسلوب هذا النوع من الهجمات Distributed Denial Of Service Attack ( DDOS) فالأرقام تتحدث عن ارتفاع نسب تلك الهجمات فى اليوم الأول بنسبة فى حدود 18 5 مقارنة بالنسبة المعتادة قبل الطوفان.

والحقيقة أن محاولة البحث عن أرقام توضح حجم الصراع السيبرانى والهجمات الموجهة وتأثيرها وما أسفرت عنه من خسائر هى محاولة فاشلة، ولا أقول فاشلة من باب التكهن ولكن هذا ما أسفرت عنه نتائج البحث فى محركات البحث المنتشرة عبر شبكة الإنترنت وكذا أيضًا محاولة الاستعانة ببرامج الذكاء الاصطناعى للمزيد من المعلومات، ناهيك طبعا عن عدم وجود الكثير من المعلومات حول هذا الأمر فيما تنشره وسائل الإعلام التقليدية.

وبغض النظر عن مدى توافر المعلومات من عدمه فإن الحروب والهجمات السيبرانية أصبحت ولا شك جزءًا كبيرا من أى صراع على الأرض بين أى طرفين أو مجموعة من الأطراف، تماما مثلما حدث إبان الحرب الروسية- الأوكرانية وغيرها الكثير ولا أتصور أن المعلومات الدقيقة أو حتى القريبة من واقع أى صراع سيبرانى ستكون متاحة بنفس سهولة الوصول إلى معلومات عن الصراعات التقليدية، فحتى فى فترات السلم فإن الصراعات والحروب السيبرانية تستمر ولكن لا يتم الإفصاح عن حجمها ولا نتائجها إلا فى أضيق الحدود وببيانات مقتضبة ربما لا ترسم إلا أجزاء صغيرة جدًا من واقع الصراع داخل تلك الشبكات، فالتحجج بالأعطال الفنية أو فترات تحديث الأنظمة والبيانات وغيرها من الحجج تكون دائمًا هى ما نعرفه فى حالة حدوث عطل فى أى منظومة من تلك المنظومات الفنية وفى جميع الأحوال على الجميع الانتباه، فأمد الصراعات السيبرانية لا يرتبط بالحرب على الأرض ولكن تزيد حدته وكثافته فقط فى حالة وصول الأمور إلى أى مواجهة عسكرية حقيقية.