الخميس 2 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

بريد روزا

علاقة تكافلية وليست ندية

تحية طيبة من القلب لبريد روزا وبعد...



أنا سيدى الفاضل مطلقة فى نهاية العقد الثالث من العمر، أعمل بإحدى شركات قطاع البترول الخاصة، تزوجت مدة ١٠ سنوات من زميلى بعد قصة حب وإعجاب متبادل، ثم رزقنا الله بأربعة أبناء لم يلتحق أصغرهم بالمرحلة الابتدائية، كنت أعيش حياة هانئة مستقرة، قبل انفصالى عن زوجى الذى أعتبره صورة طبق الأصل من فتى أحلامي، رجل أبدع القدر فى رسم تفاصيل شخصيته، تمامًا كما أردته، وسيم، شديد الذكاء، طيب القلب، قوى الشخصية وحسن الخلق- يعيبه انفلات أعصابه بعض الشيء، وهذا العيب الأخير تحديدًا أشترك معه فيه - وربما بشكل أعنف،، ما تسبب فى تصدعات كثيرة ولحظات تشكيك بحبنا وإخلاصنا لبعضنا البعض،، طيلة سنوات صدامات لا حصر لها أدت فى النهاية لانفصال غير متوقع - رغم أن الناس كانوا يعتقدون بأن الموت هو فقط ما سوف يفرقنا، لكن حقيقة الأمر أنه كان تظاهر هش بالتماسك حفظًا لماء الوجه، أمام الحاقدين والمتنمرين بعشرتنا- كما لا أنكر أستاذ أحمد بأننى لا أستطيع التسامح فى ذرة من حقي، بأى أمر جدلى يحدث من شريك حياتي، أكره ذكورية الرجل فى تصرفاته، وتحكمه شبه التام فى حياة زوجته، دائمًا غيرة وتسلط وتصلب رأى لا يطاق، المطلوب من أم العيال الموظفة المكافحة يدًا بيد، هو الصبر وحدها، والمضى قدمًا كالعبدة المغلوبة على أمرها، فى بيت سيدها،،، مشكلتى التى دفعتنى لمراسلة «بريد روزا» هى أن كل المشاكل التى تراكمت بيننا وأدت لتلك النهاية المأساوية- لا ترقى لدرجة الانفصال، حتى أننى لا أتذكر منها موقفًا بعينه، فى كل مرة كنت أطلب الطلاق من زوجى كان يبتسم ويؤكد أنه سيختار التوقيت المناسب له وليس أنا، حتى فعلها ذات مرة دون تردد، حين أخبرنى بأنه كان صابرًا طيلة سنوات، ليستطيع الوفاء بالتزامات هذا القرار، الذى يعتبره بمثابة رصاصة رحمة من ذل عصيانه، وعدم احترامى لكيانه كرجل- مع هذا كله أنا على يقين بأنه يتعذب مثلي، كذلك فإننى أعترف بندمى أمامكم على تلك النهاية المحزنة، والمحبطة للجميع،، أبنائى بحوزتى الآن حيث تمكنت من شقة الزوجية، بحكم حضانتى لأطفال الصغار- وهو لم يتزوج بعد،، وفى اعتقادى بأنه لا يفكر فى الارتباط بغيرى- لكن كل هذا لا يهم وأنا بعيدة عن والد أبنائى وحب حياتي،، فبماذا تنصحنى لإعادة المياه إلى مجاريها، وتحقيق المعادلة الصعبة، بالحفاظ على كرامتى وضمان حريتى كسيدة وأم، لا ينقصها شيء عن كثيرات، كذلك عدم تكرار تسرعه فى قرارات حتمية ومصيرية مثل الطلاق! 

إمضاء خ. ي

عزيزتى خ. ى تحية طيبة وبعد...

لا يمكن اعتبار الحياة الزوجيه مسألة أو معادلة رياضية كما تعتقدين، بل هى علاقة اجتماعية بسيطة مبنية على التكافل والاحترام المتبادل، والصبر، كذلك لا تعترف بالندية أو التبارى بين أطرافها - إلا لإسعاد كلا منهما للآخر، بحميمية إنسانية خاصة، يصفها الحق سبحانه وتعالى بسورة الروم قائلًا، بسم الله الرحمن الرحيم {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِى ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} صدق الله العظيم، والمودة والرحمة - الحكمة من وراءهما هو الزهد والإيثار بالنفس، وليس الصراع لإثبات من صوته أعلى على الآخر، وتأثيره أكبر فى إحكام قبضته وسطوته - كل هذا التكالب البغيض والخبيث، لا يحقق السُكنة والألفة التى تحدثت عنهما الآية المباركة، وأكدت بأنهما «لقوم يتفكرون» أى يدركون ويتدبرون قيمة ما جاء من صفات ملهمة ومدعمة لاستقرار الأسرة، وخير دليل على ما سبق هو أن سر نجاح تجارب وقصص الزواج بالزمن الجميل، لعقود طويلة كانت بساطتهم وتجردهم من التكلف والاستحواذ السلبي،، لا تعتبر الزوجة نفسها عبدة لزوجها وخادمة لأبنائها - بل ملكة متوجة على عرشها بعطائها اللامحدود، وإرضائها لربها وضميرها الحي، فى مواصلة رسالتها على الوجه الأكمل، كل هذا الزخم من التفرد كان يقابله حسن معاملة من زوج وأبناء يقدرون كيانها العظيم، ويضعون الجنة تحت أقدامها بدعائهم لها،، لذا أنصحكِ بضرورة تغيير قناعاتك، وطريقة تعاملك مع شريك حياتك، وأنا على يقين بأن أى طرف من أقاربكم المخلصين، إذا تدخل لتقريب وجهات النظر، سوف ينجح فى إعادتكما لعش الزوجية من جديد بأقل مجهود، شريطة أن تكونى على استعداد تام ومخلص لنسيان تلك المبارزة الزوجية، وحساب رد فعل زوجك مع كل كبيرة وصغيرة، وتقوية قدرتك على تحمل صفة واحدة سيئة عنده مثل اندفاعه بعض الشيء، أمام سيل من المحاسن التى عددتيها فى شخصيته كالطيبة والكرم وحسن الأخلاق - ومن منا كامل لا تشوبه شائبة، وفى النهاية أعود لأنصحكِ وغيرك من شباب اليوم بعدم الوقوع فى نفس الخطأ المتكرر، وهو طلب الطلاق لأتفه الأسباب، أو حتى مع أشدها - لأن الحب والعشرة والرباط المقدس يظل أقوى وأقوى من أى خلاف أو خطأ يغتفر، فلا تصدروا  تلك المشاعر السلبية التى تمحو أثر الثقة بالنفس عند الشريك، وتقوى عزيمة الشيطان فى الوصول لمبتغاه، مثلما هيأ لزوجك الاستعداد لإنهاء علاقتكما المتوترة، التى صدرتى مشهدها بطلبك المتكرر للطلاق،، وعلى كل زوج التمسك جيدًا بدفة القيادة، على أساس العفو عند المقدرة، عفو القائد ربان السفينة، الذى يهمه وصولها لبر الأمان، وقد نجح بحكمته ورجاحة عقله فى الحفاظ على كل أفراد طاقمها، بمن فيهم صغاره ومستقبله. 

دمتِ سعيدة وموفقة دائمًا خ. ى