الأحد 28 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
كاسياس لا يستمع إلى الموسيقى

كاسياس لا يستمع إلى الموسيقى

فى الفصل الأول من رائعة الكاتب المسرحى الكبير وليم شكسبير «يوليوس قيصر»، يتحدث القيصر إلى أحد رجاله منتقدًا كاسياس قائلا :«إن مثله حريا أن يكون خطرا مخوف الجانب، إنه لا يحب الألعاب مثلك يا أنطانيوس ولا يسمع الموسيقى ولا يبتسم».



ما معنى هذا؟، ببساطة هذا جزء من أجزاء الثقافة والفنون المختلفة وكيف يمكن أن يتم الحكم على إنسان بأنه خطر أو قاسى القلب لمجرد أنه لا يتذوق الفنون والآداب، وفى الواقع أن تجلس إلى مثقف أو تستمع إلى قطعة موسيقية أو أغنية أو تقرأ رواية أو بعض من أبيات الشعر أو تشاهد عرضًا مسرحيًا أو عملًا دراميًا أو تتنقل بين لوحات من الفن التشكيلى أو من التماثيل والمجسات لهو أمر مهم جدًا.

مهم لصحتك النفسية والروحية ويسمح لك بالاسترخاء والشعور بالطمأنينة ويطلق العنان للإبداع والابتكار والأفكار والمشاعر الإيجابية وهو ما سينعكس حتمصًا على السلوك والتصرفات.

هل يبدو ما أقول مثاليًا أو غريبًا؟، فى الواقع لا ولكن الإشكالية تكمن فيما ترى وتسمع، فمثل أن أغلب الأشياء فى الحياة سلاح ذو حدين فإن الفنون والآداب كذلك أيضًا، قارن بين حالتك النفسية بعد الاستماع إلى أغنية قديمة للسيدة أم كلثوم وبين حالتك بعد الاستسلام للاستماع إلى إحدى أغانى المهرجانات، أو حالتك بعد مشاهدة فيلم خفيف أو فلسفى مقارنة بحالتك بعد مشاهدة فيلم عنيف.

حتمًا سيتسلل إلى داخلك الجمال أو القبح وحتمًا سيؤثر على عقلك ووجدانك وحتمًا سيغير من مشاعرك ومن نظرتك للحياة وما فيها ومن ثم سيتحول فى النهاية إلى سلوك، إما سلوك عشوائى منفر، أو سلوك راقٍ به الكثير من الإنسانية والإبداع والتصالح مع النفس ومع الحياة.

فى عصر المعلومات وشبكاته وتطبيقاته المختلفة يكون الخيار لك أنت وحدك وبيدك، فكل شىء متاح، ليس كما كان الأمر قبل هذا العصر، فاليوم تستطيع أن تختار وبكل حرية وبأدنى مشقة ولذلك لا تلومن إلا نفسك واختياراتك.

للأسف الشديد قد تبدو المواد السلبية براقة وجاذبة  وسريعة المفعول ولكنها فى الحقيقة تبث السموم فى الوجدان بتدريج بطئ، ثم تستيقظ يومًا ما وقد تحولت إلى شخص مكتئب أو وحش كاسر، فاقد لكل معانى وتصرفات الإنسان الراقى. الحذر الحذر وتذكر دائمًا أن الاختيار لك، لا تكن مثل كاسياس.