الخميس 2 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

بريد روزا

بناء الشخصية أصل الوصية

تحية طيبة من القلب لبريد روزا وبعد...



أتمنى من الله عز وجل أن تكون رحيمًا بى سيدى الفاضل، عند الحكم علىَّ فيما اقترفته بحق شقيقتى الوحيدة،، وأنا زوجة فى بداية العقد الخامس من العمر حاصلة على بكالوريوس علوم، وأعيش بإحدى مدن الصعيد، توفى والدى بعد خروجه لسن المعاش منذ بضع سنوات، وسبقته للرفيق الأعلى والدتي، رحمهما الله، وترك لى والدى قبل وفاته وصية شفهية حاولت تحقيق بنودها لكننى فشلت فشلا ذريعا، وهى أن أعتنى بشقيقتى الصغرى حتى تكمل دراستها الجامعية بكلية الطب، ثم أساعدها لتتزوج بمن يستحقها،، تلك الوصية لم أنجح فى تنفيذها لأننى كنت حريصة على وضعها على الطريق الصحيح بشكل متسرع، وتحقيق رغبتى فى اللحاق بزوجى الذى يعمل بإحدى الدول العربية، واصطحاب أبنائى الثلاث معي، وهم يدرسون بمراحل تعليمية مختلفة،، كذلك لا أنكر مشاعرى الأنانية حينها، بأن شقيقتى المسكينة كانت تقف كحجر عثرة فى طريق استقرارى الاجتماعي، بطول مدة دراستها العملية الشاقة التى يتحملها شريك حياتى عن طيب خاطر،، لذا تملكنى دافع قوى للموافقة على أول رجل يتقدم لخطبتها، وكان حاصلًا على درجة البكالوريوس، ويعمل محاسبًا بإحدى الشركات، يرث مع أشقائه بعض الممتلكات عن أبيهم،، وأعجب بجمالها ونبوغها ووعد بتحمل ما تبقى من نفقات سنواتها الدراسية ببيته، بعد زواجه منها، وهى وافقت دون أى اعتراض بعدما أدركت بذكائها نيتى فى إسناد مهمة رعايتها لغيري، تمت الخطبة القصيرة بينهما لخمسة أشهر فقط، واشتكت خلالها من عصبيته المبالغ فيها، واعتماده على نظرية المؤامرة فى الحكم على تصرفات كل من حوله، وأنا لم أصدقها - بل ورفضت فكرتها فى التخلص منه قبل الارتباط الرسمي، وعدم انتظار المجهول معه، وبأنها لا تضمن تغير عاداته الراسخة فى ذهنه، وتميز شخصيته بالتصلب الشديد والنرجسية،، مرت تلك المرحلة وتم الزواج بينهما فى النهاية، وبالفعل تحولت كوابيسها لواقع مرير، حيث أخبرها زوجها بالهواجس التى زرعها بداخله بعض أصدقائه تجاهها، من إمكانية تشدقها بالفوارق التعليمية بينهما بعد تخرجها، كونها ستصبح طبيبة وهو لا يعمل بنفس مجالها، وكانت حينها بالسنة قبل النهائية، طمأنته بأنها تزوجته حبًا فيه واختارته دون غيره، فطلب منها عدم ممارسة الطب بعد التخرج - لكنها رفضت بشدة مؤكدة أنها التحقت بكليتها عشقًا لتلك المهنة، ولخدمة المرضى بتلك المهنة الإنسانية العظيمة،، فكانت الصاعقة الكبرى هى معايرته لها بضيق ذات اليد، وبأن لولاه ما استكملت دراستها - ضربها بقسوة حتى بكت ولم تشتك أو تقص ما حدث لأحد،،، تلك التفاصيل أستاذ أحمد اعترف بها زوجها نفسه لى تليفونيًا، أثناء سفرى خارج حدود الوطن، ولكن بعد فوات الأوان، حيث ساءت حالتها النفسية، وامتنعت عن الذهاب للجامعة، وأصبحت غير قادرة على القيام بواجبتها الزوجية، بسبب اكتئابها الحاد، مما أجبره على إيداعها أحد مراكز العلاج والتأهيل النفسى على نفقته وتزوج غيرها، وبرر هذا الظالم بدم بارد قرار زواجه بأخرى، وطلاقه لشقيقتى غيابيًا وهما لم يمر على زواجهما سوى أشهر قليلة، بأن من حقه أن ينجب،، وهو الآن أدرك فداحة جرمه وظلمه لها، ويتمنى فعل أى شيء لإعادتها لعصمته، بأى ثمن،، من جهتى قمت بقطع سفرى وتركت أبنائى مع زوجى وعدت إلى مصر، رفضت كل محاولات طليق شقيقتى للتواصل معي، ووجدت شقيقتى المسكينة عبارة عن شبح إنسانة، تعيش حالة من الهذيان، ولا أعرف ماذا أفعل من أجلها، فبماذا تنصحني!؟ 

إمضاء ب. ه

عزيزتى ب. ه تحية طيبة وبعد...

لا أحد يستطيع أن يلومك على السعى لمكاتفة زوجك، أعانه الله برحلة توفير لقمة عيشه خارج حدود الوطن، وله جزيل الشكر على انسانيته وشهامته مع شقيقتك وتقديره لظروفها، وبكل تأكيد هى معادلة صعبة فى طرفيها، الوفاء بأمانة ووصية والدك رحمه الله من جهه، وكذلك لم شمل أسرتك فى أقرب وقت ممكن من جهه أخرى،، وهنا أجد نفسى أمام زاوية مفصلية، يجب التركيز عليها بهذا العدد من «بريد روزا»، ألا وهى - مهمة من نصبهم القدر قادة ومسئولين مثلك، حتى ولو عن فرد واحد فقط، كحال شقيقتك شفاها الله وعافاها، بالإضافة لحياتهم ومسؤولياتهم الخاصة تجاه أنفسهم - جوهر تلك المهمة يتمثل فى ضرورة ترتيب أولويات المسؤول، بحيث يكون الأهم بالنسبة له، هو التركيز على بناء شخصية المسؤولون منه، وتقوية إرادتهم، وذلك قبل إعطائهم الضوء الأخضر للسير بمفردهم فى حياة تعج بالمتناقضات والضغوط، وللأسف الشديد فإن هذا الأمر هو ما كان ينقصك، لإدارة شؤون شقيقتك على الوجه الأكمل - لدرايتك الكاملة بشخصيتها، ومدى حاجتها لخلق دوافع التمسك بحقوقها مع شريك حياتها، بدلًا من التقوقع والخضوع للإهانة والترويع التى تعرضت له، دون إبداء أقل درجات الاعتراض على الظلم - وهذا كله - بسبب التسرع فى البحث عمن يقوم بدورك فى تكفلها وإعانتها، لذا فهى اضطرت للموافقة عليه، عندما لمست إصرارك على زواجها منه - رغم ملاحظاتها السلبية عنه،، وكان من الممكن التفكير بطريقة أخرى تحقق لكِ ما تريدين، ثم السفر إلى زوجك دون التخلى عنها قبل استعدادها وتأسيسها، لمرحلة انتقالية فارقة مثل الزواج - إذا شجعتيها مثلًا على الالتحاق بأى مؤسسة طبية تعمل بها، أثناء دراستها النهائية بالكلية، لاكتساب خبرات علمية واجتماعية هى فى أمس الحاجة إليها، وتعلم الاعتماد على النفس والتعبير عن الذات،، وهذا القرار لا يعد تخليًا عنها، قدر ما هو ترميم وإعادة بناء لشخصيتها الهشة، وبيت القصيد وجوهر وصية والدكِ، بتكفلها تأسيسيًا قبل ماديًا،،، والآن أنصحك باتباع نصائح الأطباء المعالجين لحالتها - حتى وإن كان لطليقها دورًا، بأن يكون هو أحد أدواتهم فى محاولة تعافيها بالتدريج، وبكل تأكيد فإن حساب هذا الدور برحلة علاجها من عدمه، هو قرار طبى بحت، لأنه لم يعد لديكِ رفاهية التصرف بمفردك، وإبعاد أى طرف من شأنه ترميم نفسية شقيقتك، ومن يعلم بأن يكون لدى صانع السم ترياقًا للمسموم. 

دمتِ سعيدة وموفقة دائمًا ب. ه