قصة قصيرة: الفيسبوك العارى 3-3

انتقل تامر بعد ذلك إلى الحساب الشخصى لأحد أساتذة الجامعة وبسرعة انتقل إلى قائمة المحادثات، وجد فيها مراسلة بينه وبين أحد الأساتذة الآخرين يتبادلون النقاش حول أسئلة امتحان آخرالعام وفى نهاية المحادثة وجد الامتحان كاملًا بصيغة الـ PDF، سرعان ما أخذ منه نسخة قام بتخزينها على فلاشة موجودة لديه.

توقف قليلًا ليتأمل هذا الكنز الكبير، تذكر أحد المسئولين الكبار الذى كثيرًا ما يتشدق بشعارات الوطنية والشرف، بعد دقائق من متابعة رسائل هذا المسئول تأكد أنه ليس إلا لصًا كبيرًا ذا انحرافات جنسية أيضًا.

تجاوز تلك الصدمة سريعًا وتذكر شكوكه القديمة حول أخته وعلاقتها بابن عمه الذى يعمل فى إحدى الدول العربية منذ سنوات، انتقل سريعًا إلى حسابها الشخصى وتفحص صندوق البريد الخاص بها، فى الجزء الخاص بالرسائل المتبادلة بينهما، لم يجد أى رسائل غير طبيعية، مجرد مجموعة من الصور لورود ومساجد ودعوات بجمعة مباركة وتهنئة بالأعياد، انتقل إلى حساب ابن عمه فوجد الأمر نفسه ولا توجد رسائل محذوفة مثلما وجد فى الحسابات السابقة.

توقف لمدة دقائق محدقًا فى شاشة الحاسب الآلى، يشعر بشلل فى التفكير بالرغم من أنه يقف حرفيًا فى منتصف مغارة الأسرار والحكايات، تذكر أن منظومة التأمين قد تستطيع أن تكتشف وجوده خلال دقائق، خاصة فى حالة قيام مارك زوكربيرج بمحاولة الدخول على حسابه الشخصي، تصفح صندوق الوارد مرة أخرى سريعًا، توقف عند تقرير كبير الحجم أرسلته إدارة التحليل الاستراتيجى بالشركة، التقريرعبارة عن ملفات منفصلة لكل مستخدم من مستخدمى الفيسبوك، لا يحتوى على بيانات الحساب ولكنه تحليل نفسى وسلوكى وأخلاقى لكل ما يفعله المستخدمون، يشمل أيضًا تحديد درجة الثقافة والانتماءات السياسية والدينية وتفضيلات الشراء والحالة المادية أيضًا، أخطر ما فى التقرير هو أنه يحتوى على جزء أخير حول توقعات المستقبل لكل منهم، تشمل تلك التحليلات التوقيت المتوقع للوفاة وأسلوب حدوثها كما يشتمل على تقديرات لما سيقوم به المستخدم من خطوات مصيرية فى حياته مثل تغيير العمل والزواج والإنجاب والانفصال، كما يشمل أيضًا تحليلًا للحالة النفسية وتوقعات الأمراض النفسية الوارد الإصابة بها، كما يشمل تقريرًا مفصلًا حول الرغبات الجنسية الظاهرة والكامنة، بحث عن الملف الخاص به وتوجه إلى هذا الجزء تحديدًا، وجد أن الفيسبوك يرى أنه من المحتمل أن يكون مصابًا بالمثلية الجنسية ويتوقع أن يعلن عنها ويمارسها خلال من 2 إلى 3 سنوات، شعر بالاشمئزاز والرفض ولكنه يعرف أن الفكرة رغم سخافتها لن تخرج من ذهنه بسهولة.

شعر «تامر» بقلق لا يعرف سببه تحديدًا، ثم تحول هذا الشعور بالقلق إلى خوف شديد، الأفكار السوداء لا تنتهى، ربما يستطيع مارك أن يتتبعه ويعرف كل ما قام به، فمن يدريه لعل كل الأنشطة مرصودة ومسجلة، بدأ الخوف يتطور إلى شعور بالخطر، عليه وعلى أخته وابن عمه، فتلك هى الحسابات التى تهمه، لم تمض ثوانٍ أخرى إلا وشعر بظل كبير من خلفه، حاول الاستدارة ليتبين من صاحبها، شاهد رجلًا ضخمًا ملثمًا يخرج حقنة من طيات ثيابه، وقبل أن يشرع فى الصراخ غرس الملثم الحقنة فى صدره، شعر بعدها بجسمه يتداعى وبضوء أبيض ساطع يغشى نظره، لم يلبث أن تلاشى ووجد نفسه ينظر إلى جسده المسجى على أرضية الغرفة ومن حوله أمه وأبيه يصرخان فى هستيريا حزينة.