الخميس 2 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
.. وامتلأت محفظة «روزاليوسف» بالنقود!

.. وامتلأت محفظة «روزاليوسف» بالنقود!

كلما عطلت الوزارة «روزاليوسف» أصدرت مجلة أخرى باسم جديد.. وهكذا اضطررنا إلى الصدور بأربعة أسماء مختلفة فى أقل من عام!



هكذا تقول السيدة «روزاليوسف» فى ذكرياتها الصحفية وتعترف:

كانت أسطورة تلك المرحلة 1928 ـ 1929 قد خلفت فى تاريخ الصحافة المصرية صفحة منقطعة النظير إذ تحمل بين سطورها أعجب نضال بين عناد الصحافة وجبروت السلطة التنفيذية، مصادرة خمسة أعداد تحتوى على مائة وأربعة آلاف نسخة «104.000» وإصدار أربع مجلات كل هذا فيما يقرب من عام، تلك هى القائمة لبعض كروب ذلك النضال العجيب! وهى قائمة بيضاء أنصع من الثلج إذا أخذت منها أبلغ العظات وأحسن التجارب، وعلى ضوئها عرفت نفسى فعرفت الناس، وفى حرها صهر من الزمن روحى ليفرغها فى القالب الجليدى الذى تستقر فيه الآن!

تعلمت وكنت لا أعلم قبل ذلك أن العسف لا ينال إلا من النفوس الضعيفة، أما النفوس التى تملأها العقيدة ويذكيها الإيمان فتزداد قوة على قوة، وأن الفكرة الصائبة خليقة بالحياة فهى تشق طريقها وسط المحن والأهوال ولا تعبأ بشىء مهما تكاتفت عليها أسباب الفناء.

وتعلمت أن الأخذ بالمصادرة للحد من حرية الصحافة لا يجدى شيئًا فى القضاء على فكرة يختلج بها الرأى العام، وأنه إذا خلق هذا شيئًا فإنما يخلق أبطالًا للفكرة ويهيئ لأصحابها قبولًا وعطفًا لدى الجمهور!

وكذا كانت حالى فى أشهر قليلة ارتقيت إلى درج ما كنت أصل إليه إلا بعد أعوام طويلة، واكسبنى اضطهاد الوزارة عطف الجمهور فارتفعت مقطوعية مجلتى إلى أضعاف ما كانت عليه قبل أن ينزل بى ذلك الاضطهاد السعيد وامتلات محفظة يدى بالأوراق المالية التى كنت أسمع عن لونها ولا أراها.

وواجب الاعتراف بالجميل يقضى بأن أسجل أننى مدينة بكل ذلك إلى رفعة «محمد محمود باشا» إذ لولا معارضتى لسياسته فى ذلك الوقت، ولولا وقوفه معى في ذلك الموقف الذى اسهبت فى ذكره «مصادرة وتعطيل المجلة» لما لازمنى التوفيق الذى انتهيت إليه فى حياتى الصحفية.

ويقينى أن دولته لو درى بأن هذه ستكون نتيجة مصادراته واضطهاده وبأنه مهد لى بعناده طريق البطولة والشهرة، لو كان يدرى هذا لأمسك عن محاسبتى عن تلت التلاتة كام، فقد كان بينى وبينه فى ذلك الوقت حب مفقود!

ويقينى أن دولته تعلم هذا أخيرًا ـ وقت كتابة الذكريات سنة 1938- بدليل أنه اليوم وهو رئيس وزارة كما كان فى عام 1928 لا يحاسب الصحف النحاسية على ما تكتب على الرغم مما هى متورطة فيه من معارضة تدفعها دائمًا إلى الحرج وإلى الطعن الفاضح فى الوزارة القائمة والنظام الحاضر.

ومما لا شك فيه أن دولته وقد تقدمت به التجارب والسنون قد زهد فى عهد الأساطير والبطولة فصار واقعى المذهب، يؤمن بأن القتل الصامت أسلم عاقبة وأبعد أثرًا من محاولة الصراع وسط الحلبة والضجيج.

ولا أدرى من علّم رفعته قوله «رشيليو» الوزير الفرنسى الكبير فى القرن السابع عشر وهى: إذا كان لك عدو فلا تقتله بسيف أو طلق نارى وإنما اقتله بذبابة!

وتضيف «روزاليوسف» ساخرة: نحمد الله إننا لم نتشرف بعد بتلقى الموت الزؤام عن طريق الذباب والصراصير.

وتشير «روزاليوسف» إلى حقيقة مهمة عندما تقول:

إننى وبعض هؤلاء الخصوم كنا نحسن التفريق بين الخصومة السياسية والعلاقات الشخصية! وللذكريات بقية!