الجمعة 3 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

بريد روزا

حياة مشمسة ورؤية ضبابية

تحية طيبة من القلب لبريد روزا وبعد…



أنا سيدى الفاضل فتاة قاهرية فى بداية الأربعينيات من عمري، حاصلة على درجة الماجستير وأعمل بإحدى الهيئات الكبري،، مر بى قطار العمر سريعًا دون أن أدرى أو أهتم - إلا مؤخرًا - بدأت أشعر بالحنين الأسري، أو رغبة الاستقلال وإنجاب الأطفال، كان مفهوم «العزوة» بالنسبة لى ينحصر فى وجودى بحضن والدى ووالدتى فقط، أستمتع بالحياة العادية وبعض تفاصيلها البسيطة، مثل تعاقب فصول السنة، حرارة الصيف ومتعة المصيف، الخروج رفقة أعز الناس، وكذلك بيتوتية الشتاء وسكونه، صوت تدفق المطر، وروحانيات الأجواء الرمضانية، واستقبال الأشقاء مع أسرهم فى المناسبات لقضاء العطلات،، وهم من ظلوا لسنوات يطالبوننى بالزواج والموافقة على أحد العرسان، الذين يتقدمون لى كثيرًا دون جدوى - بعدما أدركوا جميعًا صعوبة إرضائي،، المشكلة لم تكن إلا فى حظى العثر بكل مرة يصدمنى فيها رجل، صدمة تكون مختلفة عن سابقتها، أحدهم شعرت معه بالمادية والطمع فى أجر وظيفتي، وآخر كان غيورًا بشكل مبالغ فيه على جمالي، يضع أنفه فى كل تصرفاتي، وما إلى ذلك،، لذا اضطررت لترديد نفس جملة الرفض الشهيرة على مسامعهم، وهي: «كل شىء قسمة ونصيب»،، حتى دق قلبى مؤخرًا لرجل واحد شغل عقلى بالتفكير فيه، منذ بضعة أشهر، وهو زميل بموقع آخر للعمل، جمعتنى به الصدفة أثناء إنهائه بعض الإجراءات الإدارية بهيئتنا، طلب رقم هاتفى للتواصل معى حول بعض الأعمال، وظهر عليه الوقار وارتاح له قلبي، تحدثنا تليفونيًا أكثر من مرة، ثم بدأ فى التودد إليَّ وسألنى عن حالتى الاجتماعية، ولأننى كنت مستعدة لاستقبال خبر يسعدنى منه، وتأكدى من سنه المناسب لي، حيث يكبرنى بعشر سنوات أى فى بداية الخمسينيات من عمره، عرفت أنه تزوج صغيرًا وتوفيت زوجته بعدما أدى رسالته وزوج ابنتيه، ليبقى وحيدًا يبحث عن شريكة حياة تملأ حياته، ثم عرض عليَّ الزواج، هنا لم أصدق الخبر من فرط سعادتي، وشعورى وكأننى ابنة العشرين من عمرى - لكننى قررت وضعه فى اختبار أخير للاطمئنان بأنه ليس كغيره، حيث قمت بعمل حساب وهمى على أحد مواقع التواصل الاجتماعي، وأرسلت له طلب صداقة، وبالفعل نجحت خطتى ووافق على الطلب، وتواصل معى بأدب على تطبيق رسائل خاصة، وأراد مقابلتى بنفس المكان العام الذى تقابلنا فيه أول مرة للتعارف، قبل تقدمه الرسمى لخطبتى من أشقائي، فأصبحت لا أعرف ماذا أفعل أستاذ أحمد - هل أفاجئه بذهابى إليه وتوبيخه على تلاعبه بعواطفي، وربما غيرى كثيرات، وإخباره بأننى اكتشفت شخصيته الخبيثة، أم التمس له العذر وفرض حسن النية، بأنه أراد الإمساك بأكثر من عصفور فى يده، تحسبًا لفشل علاقتنا، وعدم ضمان نجاحه معى، أشعر بالتشويش وبأننى لا أستطيع التفكير بشكل صحيح، ولا أملك رفاهية الحكم على الأمور بعد هذا العمر وتقلب الأحوال، فبماذا تنصحني!؟ 

إمضاء ر. أ

 

عزيزتى ر. أ تحية طيبة وبعد…

أنصحكِ بنسيان هذا الرجل ورفض الارتباط به كزوج وشريك حياة - ليس لأنه غير منضبط فى تصرفاته فحسب، بل لأنه أصبح غير مضمون فى نظرك، بعد سعيك عن كثب لزعزعة ثقتك فيه بمحض إرادتك، وتلك الأجواء من التخوين والتشكيك هى غير مستحبة على الإطلاق، قبل البدء فى خوض علاقة مثل الزواج، ترتكز فى الأساس على فرض حسن النوايا،، وأعتقد بأن مشكلتك هى أزمة ثقة فقط، ربما تكونت نتيجة بعض الصدمات الحقيقية التى حدثت بحياتك فى العموم، وقادتك لتلك الحالة التى وصفتيها بالتشويش، لذا لا غضاضة عزيزتى فى زيارة طبيب نفسى متخصص، واستشارته فى مرحلة ترتيب أروقة النفس، قبل تحولها لكهوف معقدة ومضللة لخطواتك التالية، واحتمالية خوض تجارب عاطفية جديدة من المرجح أن تحكمى عليها بتسرع، كما أدعوكِ لتوخى الحذر من الاهتمام المبالغ فيه، بملاحقة هذا القطار الوهمى المسمى بقطار الزواج، وسرعته المهولة افتراضيًا، حتى يصل إليكِ فى ميعاده ومحطته المناسبة قدريًا بأمر الله،، واعتباريًا على أساس طموحك المعتدل فى شريك العمر، دون إفراط فى الشروط أو وضع عقبات، من شأنها إطالة أمد حدوث المراد،، استمتعى بحياتك كما يجب أن تكون المتعة الحقيقية، بالتقرب إلى الله، وقراءة القرآن بتدبر، والإبحار فى سيرة أمهات المؤمنات، واستقاء الخبرات من تصرفاتهن، بمراحل حياتهن المختلفة، وحتمًا ستجدين عبرًا كثيرة تقودك للاستقرار والسكينة المنشودة، لتنعمى فى النهاية بحياة مشمسة واضحة، ورؤية ليست ضبابية،، وإذا كنتِ تلومين نفسك بعض الشيء على تصلب رأيك، وغض الطرف تمامًا عن آراء الآخرين، مثل أشقائك والمقربين المخلصين، فهذا وقت الإصغاء والتروي، لإضافة مزيد من الخبرات وتدعيم القرارات الشخصية بمفترق الطرق، انظرى للكوب الممتلئ بين يديكِ، وبه الجمال الربانى والاستقرار الوظيفي، وعلو شأن المؤهل الدراسى والطموح المتنامي، كلها بلا شك عطايا متدفقة تدفعكِ لشكر النعم، والسعى لتحقيق المزيد، ولتعلمى بأن العلاقة بين الأزواج مكملة لبعضها البعض، فلا ترفضى من قل ماله وارتقت أخلاقه وعظم أصله، وتجذرت رجولته وشهامته، لأن هذا النوع من الرجال له كل الحق فى الاستقواء بحب وتمكين زوجة مخلصة، صابرة ومانحة كل الثقة لزوجها، ودافعة لكفاحه بها ومن أجلها،، تمامًا مثلما كانت تفعل السيدة خديجة رضى الله عنها، مع سيدنا محمد ﷺ.. كذلك فإن صفة الغيرة عند الرجل هى «بصمة النخوة» - فلا تضيقى ذرعًا من امتلاكه لها، لأنه بها لكِ عاصم وحامي، وبدونها لا يعد رجلًا من الأساس،،، وأخيرًا لكل أم أقول: لاحظى قناعات ومسارات أبنائك وبناتك، فى مراحل حياتهم المختلفة، ادعميهم من خبراتك، وصوبى اتجاهاتهم أولًا بأول، ولا ضير فى الاستعانة بأهل العلم والحكمة من قادة الرأى فى محيطك، للسيطرة والقيام بدورك على الوجه الأكمل، حتى تصل سفينتك لبر الأمان. 

دمتِ سعيدة وموفقة دائمًا ر. أ