الإثنين 6 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الهدنة.. والدور المصرى

الهدنة.. والدور المصرى

ثلاث صور كانت حاضرة المشهد الإعلامى على منصات التواصل الاجتماعى، ومواقع السوشيال ميديا والقنوات الإخبارية الكبرى. 



المشهد الأول: يحمل عدد من سيارات النقل مجموعة من الشهداء بلغ عددهم ١١١ شهيدًا من منطقة خان يونس بقطاع غزة الأربعاء الماضى، هذه الجثامين كانت قد احتجزتهم قوات الاحتلال الإسرائيلى، فى مجمع الشفاء الطبى ومستشفى بيت حانون.. الصورة الحزينة التى نقلتها وسائل الإعلام عبر عملية الدفن الجماعى لبعض الشهداء، وقد استبدل «الكفن الأبيض» بكيس أزرق اللون, وذلك حفاظًا على ستر أجساد هؤلاء الشهداء الأبرار, كانت ولا تزال من المشاهد المُبكية على مدار أيام الحرب فى غزة..  الصور البشعة حاضرة وشاهدة على مجازر الاحتلال فى حق الأبرياء والمدنيين من أهل فلسطين، لا أريد أن أسرد لحظات المشهد الإنسانى الحزين بكل تفاصيله، حيث جلس أهالى الشهداء فى صمت رهيب، يراقبون تلك الجرافة العملاقة وهى تلقى الرمال بكثافة على الأجساد الطاهرة فى عملية دفن جماعية، تذكرنا بالحروب فى العصور القديمة التى كانت ترفع شعار الإبادة للعدو، أهالى الشهداء عددهم لم يتجاوز العشرة أشخاص، وقفوا يلقون نظرة الوداع الأخيرة على أقرب وأحب الناس على قلوبهم فى مشهد تقشعر له الأبدان. 

المشهد الثانى: هذا الدعم الإنسانى من الدولة المصرية ومن كل مصرى للأشقاء فى غزة وهذه الصورة للأسطول المصرى من السيارات الضخمة الذى أوله فى رفح وآخره بالقاهرة، خرجت هذه القافلة من محيط الاستاد فى مشهد يقول «عمار يا مصر» مهما كانت الظروف، توجيهات القيادة السياسية بضرورة إدخال آلاف الأطنان من المواد الغذائية والأدوية والوقود إلى القطاع فى أسرع وقت ممكن، بعد الكارثة الإنسانية التى لحقت بمعظم المواطنين الفلسطينيين على مدار شهر ونصف الشهر، من خلال ضربات جوية وصاروخية ليلًا ونهارًا.. رغم ظروفنا الصعبة اقتصاديًا فرضت علينا «الرجولة المصرية» أن نخرج ما لدينا من أجل الأشقاء، وهذا واجب وعنوان للشهامة والأعراف والتقاليد المصرية تجاه فلسطين قديمًا وحديثًا.. واستكمالًا للدور الإنسانى المصرى، تقوم أجهزتنا السيادية بدور لا يمكن إنكاره، من خلال الإشراف على استمرار الهدنة، وتبادل الأسرى من الجانبين وتقديم كافة أشكال الدعم للتوصل إلى حلول لهذه الأزمة بين الطرفين. 

المشهد الثالث والأخير: كان بالأمس بعد هطول المطر بكثافة على بعض المدن الفلسطينية ووسط كل هذا الخراب والدمار، تخرج «قطة صغيرة» من بين الركام والأنقاض وقد فقدت من كانوا يعطفون عليها فى هذه البناية المنهدمة عن آخرها.. وكأن المشهد يقول إن الحياة مستمرة رغم كل الألم.. يسقط المطر ليغسل الهموم التى لحقت بالأشقاء فى غزة، وتخرج قطة بأولادها الصغار لتنعم بالحياة على هذه الأرض، مهما حاول الطغيان أن يمحوها ويستولى عليها.. فلسطين ضاربة جذورها فى قلب التاريخ قديمًا وحديثًا قبل قرون من الزمان، لم نكن نسمع عن هذا «الكيان الصهيونى». 

قبل عدة ساعات نشرت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا»، مقطع فيديو على حسابها بمنصة «إكس»، يرصد سوء الأحوال الجوية والأمطار الغزيرة فى جميع أنحاء قطاع غزة، خاصة فى الملاجئ ومواقع النازحين.. الأونروا قالت على حسابها بمنصة «إكس»: إن «الوضع فى الملاجئ لا يمكن العيش فيه.. ليس لدى الناس خيارات أخرى، ولذلك يجب أن تسود الإنسانية» لإنقاذ هؤلاء الأشخاص الذين يعيشون فى خيام، حيث يزداد الوضع الإنسانى تفاقمًا مع دخول فصل الشتاء وهطول الأمطار الغزيرة، فى ظل توقف الخدمات بالقطاع. 

إذًا الوضع سيكون مأساويًا خلال شهر من الآن مع هطول المطر بغزارة أكبر ونزول الثلج على معظم الأراضى الفلسطينية.. من هنا تأتى أهمية الإسراع فى عمليات الإعمار، حتى نستطيع إنقاذ المزيد من الأطفال والنساء والشيوخ الذين نجوا من القنابل والصواريخ الإسرائيلية. 

كلمتى إلى الجنود البواسل من شباب مصر فى قطاعات العمل الإنساني، وفى كل منظمات المجتمع المدنى.. لقد نجحتم فى اختبار غزة وأصبحتم نموذجًا يحتذى به فى عمل الخير دمتم لمصر ودمتم للإنسانية..

 تحيا مصر.