الجمعة 29 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
محمد التابعى يرفض الرشوة

محمد التابعى يرفض الرشوة

عاش الكاتب الكبير محمد التابعى «محنة روزاليوسف» السيدة والمجلة من تعطيل ومصادرة وإيقاف حتى النهاية وتحمل بشجاعة كل مصاعب تلك الفترة القاسية التى بدأت مع تولى محمد محمود باشا» رئاسة الحكومة.



عن تلك الأيام الصعبة يتذكر محمد التابعى قائلًا:

كان أول قرار أصدره «محمد محمود باشا» رئيس مجلس الوزراء بمصادرة مجلة «روزاليوسف» التى كنت أتولى رئاسة تحريرها، وأصدرنا بعدها مجلات عديدة منها «الرقيب» و«مصر الحرة» و«الشرق الأدنى».

وكان رجال البوليس السرى ينتظرون إلى أن يتم طبع العدد، وإعداده للتوزيع ثم يبلغوا المسئولين، وأخيرًا تحديت «محمد محمود باشا» وكتبت كلمة فى برواز بالصفحة الأولى من المجلة وكان عنوان الكلمة «عطلها بقى»!.

وفعلا أصدر دولته ـ يرحمه الله ـ قرارًا بمصادرة المجلة وتعطيلها لمدة أربعة أشهر، مع انذار صاحبة المجلة «فاطمة اليوسف بأن أية مخالفة قادمة أو هجوم على الوزارة سوف يكون الرد عليه هو تعطيل المجلة نهائيًا عن الصدور!»

ويوم نشرت كلمتى «عطلها بقى» كتب المرحوم «أحمد حافظ عوض بك» كلمة فى جريدة «كوكب الشرق» التى كانت تعد مثل جريدة البلاغ لسان حال حزب الوفد كتب كلمة أشاد فيها بتحد لمحمد محمود باشا».

ويمضى التابعى فى ذكرياته ـ وكما انفرد بنشرها الأستاذ صبرى أبوالمجد فى كتابه «محمد التابعى» فيقول:

بعد انتهاء مدة التعطيل ذهبت إلى رمل الإسكندرية لأمضى عطلة الأسبوع وأحصل على أخبار الوزارة وأقمت فى فندق «سان ستفانو» وكانت الوزارة فى ذلك الوقت تمضى فصل الصيف فى الإسكندرية، وكان مقر الوزارة فى بناء فى محطة برلكلى بالرمل، وكان «محمد محمود باشا» يقيم فى جناح خاص فى نفس الفندق ـ سان استفانو».

وبينما أنا فى طريقى ذات مساء إلى غرفتى وكانت فى نفس الدور الذى كان يقيم فيه المرحوم «محمد محمود باشا» قابلنى صديق للمرحوم والدى وهو «إبراهيم الطاهرى بك» ـ رحمه الله ـ وكان عضوا فى حزب الأحرار الدستوريين، وأخذنى من ذراعى وسحبنى رغم إرادتى إلى باب الجناح الخاص بمحمد محمود باشا وفتح الباب ودفعنى أمامه وهو يقول:

 أنا جبت لدولتك فلان ـ أى أنا ـ!

وقام محمد محمود باشا ورحب بى وأجلسنى إلى جانبه ثم نظر إلىّ طويلا وقال:

 باين عليك أنك ذكى ونبيه.. وإزاى بقى وازي حد نبيه زيك يؤيد النحاس باشا؟!

وسكت ولم أجب وعندما وقفت مستأذنًا فى الانصراف قال لى رحمه الله:

وأنا تحت أمرك فى أى حاجة تطلبها؟!

وكان المعنى واضحًا وهو أنه كان مستعدًا لأن يعطينى من المصاريف السرية أى مبلغ أطلبه.

وعدت إلى القاهرة وطلبت من «صاروخان» (رسام الكاريكاتير) أن يرسم صورة غلاف عدد «روزاليوسف» القادم وفيها ساق آخرها حذاء ضخم، والحذاء يركل محمد محمود باشا فى ظهره وتحت الصورة هذه العبارة: هذا ما تريده مصر!»

ويكمل التابعى هذه الواقعة: أن محمد محمود باشا أعلن فور تسلمه السلطة إنه سوف يحكم البلاد بيد من حديد وفى إحدى الحفلات خطب الأستاذ «توفيق دياب» وأطلق على «محمد محمود باشا» لقب صاحب اليد الحديدية، أما أنا ـ محمد التابعى ـ فقد سخرت منه وقلت إن يده من صفيح لا من حديد!».

وللذكريات بقية!