الجمعة 3 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

المخرج المسرحى وليد عونى فى حوار لـ«روزاليوسف»: نحتفل بمرور 30 عامًا على إنشاء الرقص المعاصر بمصر.. وفلسطين بطل عرض الاحتفال

سنوات من العمل الدءوب والصبر والتراكم أنتجت كيانًا فنيًا مستقل بذاته داخل أسوار دار الأوبرا المصرية «فرقة الرقص المسرحى الحديث» التى أسسها الفنان وليد عونى عام 1993 أفرزت عددًا كبيرًا من الراقصين والمصممين المنتمين لفن الرقص المعاصر سواء على صعيد الدولة أوعلى الصعيد المستقل؛ وخلال شهر ديسمبر وتحديدًا يوم 18 من نفس الشهر يحتفل عونى مع دار الأوبرا بمرور 30 عامًا على إنشاء الفريق وإدخال فن الرقص الحديث إلى مصر؛ يكرم فى هذا اليوم عددًا من الراقصين والمصممين الذين تتلمذوا على يديه منهم كريم التونسي؛ محمد شفيق؛ مناضل عنتر؛ سالى أحمد؛ كريمة بدير؛ صلاح بروجي؛ ومحمود مصطفى؛ وعن هذه المناسبة ورحلته مع الرقص المعاصر قال وليد عونى فى هذا الحوار..



■ كيف ترى استعدادك للاحتفال بمرور 30 عامًا على الرقص الحديث؟

- اعتبرها مرحلة مهمة للغاية عندما احتفلنا باليوبيل الفضى منذ خمس سنوات ثم اليوم نحتفل بمرور 30 عامًا من الاستمرارية والعمل ما يجعلنى أتمنى الاستمرار حتى الوصول إلى اليوبيل الذهبى, قدمت خلال هذه السنوات نحو 34 عرضًا, بينما مجموع عروض الفريق بالكامل تجاوزت الخمسين عرضًا.

■ ماذا أعددت للاحتفال بهذا اليوم؟

- وقت احتفالى باليوبيل الفضى جاء على بالى إعادة عرض «إيكاروس», لأنه كان بداية الرقص الحديث عام 1993؛ وأتذكر أننى عندما قدمته طلبوا منى العودة إلى بلدى وألا أعود إلى مصر ثانية؛ لم يتقبله الجمهور المصرى وقتها على الإطلاق؛ لكن اليوم فكرت فى تقديم مقتطفات من عروضى كاملة من بينها «إيكاروس», سوف أختتم به الاحتفالية وسأرقص بنفسي؛ اخترت من أغلب عروضى ما سبق وأن قدمته عن النكبة وعن التهجير بفلسطين بجمع مشاهد من «أغنية الحيتان»؛ «لو تكلمت الغيوم»؛ «فيروز هل ذرفت عيونك دمعة»؛ «اخناتون» مشهد التهجير؛ ثم عروض «شهرزاد»؛ «قاسم أمين» «بين الغسق والفجر»؛ «خيال المآتة»؛ «الكرة السوداء» و»المومياء» من شادى عبد السلام؛ «رقصة الكراسي»؛ «موتسارت»؛ «رياح الخماسين» من محمود مختار وأخيرًا «إيكاروس».

■ لماذا لم يتقبل الجمهور «إيكاروس» فى بداية عرضه بمصر؟

- وقتها كان الرقص يقتصر على مجموعة من الاستعراضات الفنية التى كانت تقدمها شريهان فى «شارع محمد علي»؛ كان هذا هو المفهوم السائد عن الرقص فى مصر؛ بينما عندما قدمت هذا اللون كنت أريد توضيح أن هناك شيئًا آخر غير المعتاد فى الثقافة المصرية كما أننى عندما جئت إلى مصر لم يكن فى ذهنى تأسيس فرقة ولا أعلم أننى كنت أؤسس لشيء جديد.

■ كيف واجهت حملة الاعتراضات خاصة بعد المطالبة بعودتك إلى بلدك؟

- كان عملى وقتها مع موريس بيجار فى سويسرا ذهبت إليه ورويت له ما حدث؛ فأجاب» أنه بالتأكيد لن يتقبل الجمهور «إيكاروس»؛ وقال لي:» يا وليد أنت ذاهب إلى دولة عريقة قديمة لابد أن تدرس حضارتها تاريخها؛ سياستها؛ وفنونها سينما مسرح؛ الديانات الموجودة بها لا يمكن أن تدخل عليهم بـ«ميثولوجيا يونانية» بالطبع لن يتقبلوا ذلك».. 

■ وبالتالى كان عليك دراسة البيئة المصرية..فما الذى وجدته مناسبًا لها؟

- كل شيء كان مناسبًا؛ لأننى درست وكنت سبق وقدمت عن نصر أكتوبر التى لم يكن لدى خبرعنها إلا عندما جئت إلى مصر وقدمت عرض «ليالى أبو الهول الثلاث» درست تاريخ مصر؛ عندما لفت نظرى بيجار؛ عدت وقررت مع نصر الأنصارى أننى سأقدم الثلاثية المصرية.. «تحية حليم» فى الفن التشكيلي؛ «نجيب محفوظ» فى الأدب؛ «شادى عبد السلام» فى السينما؛ أخذت نموذجًا من كل فرع؛ قدمت أكثر من عرض على مدار عامين؛ نجيب محفوظ ثم تحية حليم وأخيرًا شادى عبد السلام.. تقبلنى الجمهور؛ خاصة فى تحية حليم؛ انبهر الحضور كيف أصنع لوحات تشكيلية بالرقص على المسرح؛ ثم شادى عبد السلام فيلم المومياء, قدمت كل الكادرات, ذهبت مع صلاح مرعى إلى مكتب شادى عبد السلام؛ واطلعت على أعماله كانت ثلاثة عروض بسهرة واحدة كيف قدم المومياء برسوماته؛ ساعدنى صلاح مرعى كثيرًا؛ قدمت المومياء بأكثر من رؤية مختلفة ثم بعدها أصبح لدى أرضية عند الجمهور المصري؛ حتى كتب أحدهم أننى أسست الرقص الحديث؛ الحقيقة لفتوا نظرى لهذه الفكرة التى لم تخطر على بالى أبدًا عند قدومى لأول مرة.

■ فى رأيك هل يمثل الرقص الحديث ثورة على الكلاسيكي؟

- لا يمكن أن نقول إن بداية الرقص هو الكلاسيكي؛ بحكم أنه الأقوى؛ لأن من أسهم فى تقوية الرقص الكلاسيكى الباليه الروسى عندما ذهب إلى باريس؛ لكن عندما جاءت إيزادورا دانكن قبل مارثا جراهام قالت حرروا الجسم واذهبوا إلى الطبيعة؛ كانت بداية التحديث عام 1930 .

■ لكن فى رأيك هل هناك غلبة للرقص الكلاسيكى على الرقص الحديث؟

- مارثا جراهام جاءت وقدمت رقصًا حديثًا بشكل صافٍ تمامًا بالثلاثينيات كان «مودرن» وأقوى حالات الرقص الحديث بحقبة الثلاثينيات ظهر فى أمريكا قبل أوروبا التى بدأت تتجه لهذا الفن بعد الحرب العالمية الأولى مثل مارى ويجمان بألمانيا كانت قوية للغاية, ثم قدم بيجارعملًا كلاسيكيًا وبدأ التحديث؛ كسر بيجار كل القواعد حتى أنه جعل القوة للرجل وليس للمرأة؛ لأنه فى الباليه الكلاسيكى البلارينا هى الأهم؛ كان كل راقصيه من أعظم الراقصين بالباليه الكلاسيكي؛ الباليه الكلاسيكى يحتوى على العديد من القواعد, هناك قاموس كامل لتعلم قواعد الرقص الكلاسيكى وتنفذ بدقة؛ بينما الرقص الحديث تحرر من كل القيود والقواعد؛ التكنيك فى الرقص الكلاسيكى واحد لكن قد يتغير الديكور وتوظيف المخرج للحركة حسب معنى العرض؛ فى الرقص الحديث لدى حرية وبحر من الإبداع الحركي.

■ قد يلاحظ البعض تكرارمفردات حركية بعينها فى عروض الرقص المعاصر على اختلاف الأفكار المطروحة بالعروض المختلفة؛ لماذا؟

- إطلاقًا هذا لم يحدث بعروضى على الإطلاق لأننى أكره التكرار؛ لا يمكن أن تجدين مقطعًا متكررًا من «رائحة الثلج» يشبه عرضًا آخر؛ لأننى ألعب على المشهدية ؛ أصنع المعنى والرؤية من خلال المشهد وأحيانًا قد لا يستوعب البعض هذه الفلسفة التى أحاول ترسيخها للرقص المعاصر.

■ ما الفلسفة التى أسست عليها الرقص الحديث فى مصر؛ وكيف تراه بعد 30 سنة؟

- اقتربت من «بينا باوش» فترة من الفترات ودخلت ورشًا فنية معها؛ وكنت أميل إلى وجهة نظرها فى الرقص أكثر حتى من موريس بيجار؛ على سبيل المثال فى عرض «خيال المآتة» كانت مدته ثلاث ساعات؛ كنا نعمل مع الجمهور يبدأ العرض ساعة من التحدث والشغل مع الجمهور؛ ثم يتغير أسلوبى فى العروض المتتالية «فيروز هل ذرفت عيونك دمعة»؛ «رائحة الثلج»؛ «قاسم أمين»؛ لا يمكن أن تجدين حركة فى قلب العروض متكررة مع حركة بعرض آخر؛ وبالتالى أحاول دائمًا شرح كيف يذهب المصمم إلى المشهد والرؤية والمعنى حول العرض؛  فى شادى عبد السلام لن تجديه, ستجدين روحه لا أحب أن يكون لدى أسلوب معين بينما أسعى لتقديم رؤية مختلفة, لذلك كتبت فى توصياتى أو فى الخطاب الذى سألقيه يوم الاحتفال ضرورة العمل على العاطفة, لأن العاطفة غائبة فى معظم العروض, هم لا يشعرون بما يقدمون.

■ هل تعتمد عروض الرقص على الأفكار وليس الدراما؟

- نحن لا نقدم دراما ولا يجب أن نقدم دراما؛ لأن الدراما أقرب للمسرح؛ ودائمًا اختلف مع كريمة ومناضل فى وضع حوارات وتفسير بعروض الرقص هذه ليست خيوطنا؛ خيوطنا ألا نتحدث, أخلق محتوى بالحركة أن نتكلم بلا كلام؛ نحن نصنع مشاهد مسرحية بالحركة الراقصة من الممكن أن يضاف لعرض الرقص مطرب أوبرا لكن ليس حوارًا مسرحيًا دراميًا.

■ تتهم دائمًا عروض الرقص بأنها مبهمة وغير مفهومة؟

- ليس ضروري أن يفهم الجمهور؛ لأننا نقدم شيئًا أقوى من الدراما بالمعنى والمشهد قراءة مسرحية بالرقص؛ والجمهور يستطيع تأليف مائة قصة بخياله؛ الجمهور هو من يؤلف دراما للعرض لا أفرض عليه دراما.

■ لكن هذا الفن يتهم بأنه غير جماهيرى على الإطلاق؛ ما رأيك؟

- الجمهور مشكلة العصر الحالى والأزمة تتعلق بثقافة المجتمع بشكل عام والإعلام, كما أن اهتمام دار الأوبرا بالرقص المعاصر نفسه تراجع عن السنوات السابقة؛ الجمهور خرب لأننا اليوم فى عصر السرعة؛ وجمهور الرقص نفسه انخفض؛ فى البدايات كنت أقدم العرض الواحد لمدة 11 يومًا على مسرح الجمهورية؛ حاليًا أستطيع الحصول على يومين بصعوبة بالغة؛ وبالتالى كيف سيتوافد الجمهور على العرض عندما كنا نقدم 11 يومًا كان يأتى الجمهور على سمعة العرض.