واشنطن تسعى لعودة السلطة إلى غزة
تأمل الولايات المتحدة أن تمهد الطريق أمام السلطة الفلسطينية لتتولى زمام الأمور فى قطاع غزة عقب انتهاء الحرب الجارية بين المقاومة الفلسطينية حماس وجيش الاحتلال الإسرائيلي.
وقالت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية إن إدارة جو بايدن لم تنجح حتى الآن، فى تخطى العقبة الأولى، وهى إقناع إسرائيل بالإفراج عن الرواتب اللازمة لمنع السلطة الفلسطينية من الانهيار.
ويقول مسئولون فلسطينيون وأمريكيون إن الأمريكيين يطالبون بتغييرات وبوجوه جديدة فى مناصب رئيسية للسلطة الفلسطينية لتحسين وضعها ومكانتها بين الفلسطينيين، مع تطلعهم إلى دور موسع فى قطاع غزة بعد نهاية الحرب.
وذكرت «واشنطن بوست» أن السلطة الفلسطينية كانت ترفض فى البداية فكرة العودة إلى غزة، التى تسيطر عليها حماس منذ عام 2007، لكنها أصبحت تدريجيا «أكثر تقبلا» للمقترح، الذى سيساهم فى «توحيد الضفة الغربية وقطاع غزة».
ونقلت الصحيفة عن مسئول فى البيت الأبيض تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، قوله إن إدارة بايدن تتباحث مع الفلسطينيين وأعضاء المجتمع الدولى حول «حكومة جديدة وبعض الدماء الجديدة التى تنضم إلى صفوف حكومة السلطة الفلسطينية إلى جانب عباس وتحت قيادته».
كما تسعى واشنطن إلى أن تصبح القوات الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية حاضرة فى غزة بعد الحرب، مثلما هى حاضرة الآن فى أجزاء من الضفة الغربية.
لكن المسؤولين الفلسطينيين يقولون إنهم يريدون ربط أى جهود من هذا القبيل «بأفق سياسى» واضح للدولة الفلسطينية.
ويبدى الفلسطينيون شكوكا فى قدرة الولايات المتحدة على تحقيق أى شىء فى ظل وجود اليمين المتطرف فى السلطة بإسرائيل.
وفشلت الجهود الأمريكية، حتى الآن، فى الإفراج عن 140 مليون دولار من أموال الضرائب الفلسطينية المخصصة لغزة، والتى منعتها إسرائيل منذ هجوم حماس المفاجئ فى 7 أكتوبر، وذكرت «واشنطن بوست» أن هذا الفشل لم يساهم فى «تعزيز الثقة».
وفى مقابلة مع رويترز فى مكتبه برام الله، قال رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس إنه مستعد لإدخال تعديلات على السلطة الفلسطينية بقيادات جديدة وإجراء الانتخابات التى تم تعليقها منذ فوز حماس فى آخر انتخابات عام 2006 وإقصاء السلطة الفلسطينية من إدارة غزة، على أن يكون هناك اتفاق دولى ملزم من شأنه أن يؤدى إلى إقامة دولة فلسطينية.
من ناحية أخرى، قالت مؤسسة «أكشن إيد فلسطين» إن عشرات الآلاف من النساء الحوامل يعانين من الجوع الشديد بسبب الأزمة الغذائية المتصاعدة فى غزة، كما تعانى الأمهات من سوء التغذية، ما يحد من قدرتهن على إرضاع أطفالهن حديثى الولادة من خلال الرضاعة الطبيعية.
وأضافت «أكشن إيد»، فى بيان صدر عنها أمس، أن 71% من سكان غزة يعانون حاليا من الجوع الحاد، فى حين أن 98% من السكان ليس لديهم ما يكفى من الطعام، حسب المرصد الأورومتوسطى لحقوق الإنسان.
وأشارت إلى أن هذه الأزمة تؤثر على النساء الحوامل والأمهات وأطفالهن الصغار بشكل حاد، مبينة أن هناك 50000 امرأة حامل، و68000 مرضع فى غزة، وفقا لبيانات الأمم المتحدة الأخيرة، وهن بحاجة إلى تدخلات وقائية وعلاجية وغذائية فورية منقذة للحياة، كما يعانى 7685 طفلا دون سن الخامسة من الهزال الذى يهدد حياتهم، مما يجعلهم عرضة لتأخر النمو والمرض والوفاة فى الحالات الشديدة، فى حين يتم تصنيف أكثر من 4000 طفل يعانون من حالات الهزال الشديد، وهم بحاجة إلى علاج منقذ للحياة.
وأوضحت أن متوسط كمية المياه التى يحصل عليها الشخص الواحد فى قطاع غزة تبلغ 1.5 لتر يوميا لتغطية جميع احتياجاته من الشرب والاستحمام والتنظيف، رغم أن الحد الأدنى الذى يحتاجه الفرد الواحد يبلغ 15 لترا للبقاء على قيد الحياة، إلا أن النساء الحوامل والمراضع يحتجن أيضا إلى 7.5 لتر إضافية من المياه الصالحة للشرب يوميا للحفاظ على صحتهن وصحة أطفالهن.
ولفتت مؤسسة «أكشن إيد فلسطين»، إلى أنه رغم حجم الاحتياجات الهائلة فى قطاع غزة، إلا أن حجم المساعدات التى تدخل القطاع لا يزال غير كاف على الإطلاق، مشيرة إلى أن معدل ما يدخل حاليا 100 شاحنة من الإمدادات الإنسانية عبر معبر رفح كل يوم، ورغم فتح معبر كرم أبو سالم الأسبوع الماضي، إلا أنه لم يتم إدخال سوى 79 شاحنة فقط فى اليوم التالى لفتحه، ومبرزة «هذا يشكل قطرة فى محيط مقارنة بـ500 شاحنة من المساعدات والإمدادات الأخرى التى كانت تدخل قطاع غزة كل يوم قبل 7 أكتوبر».
وتواصل إسرائيل، قصف قطاع غزة إذ تهدد مجاعة المدنيين بعد ليلة عيد ميلاد حزينة للفلسطينيين فى بيت لحم فى الضفة الغربية، تحت وطأة الحرب التى قاربت على إتمام شهرها الثالث، ولا تظهر أى بادرة تشير إلى قرب وقف إطلاق النار لرفع المعاناة عن الشعب الفلسطينى الذى يواجه مأساة إنسانية لا توصف، فيما يقترب شبح المجاعة من الفتك بسكان القطاع.
وقال مسئولون طبيون فلسطينيون إن عدد قتلى الغارة الجوية الإسرائيلية على وسط قطاع غزة ارتفع إلى 106.
وقال مسؤولو مستشفى شهداء الأقصى فى البداية إن 68 شخصا لقوا حتفهم، وأمس، انتشل المسعفون أكثر من 30 جثة إضافية تم نقلها إلى مستشفى شهداء الأقصى فى دير البلح. وسجلت سجلات المستشفى 106 حالة وفاة. ويقول الجيش الإسرائيلى إن الحادث قيد المراجعة.
وطالب الجيش الإسرائيلى سكان مخيم البريج قرب وادى غزة بالإخلاء الفورى.
وفى بيت لحم، أقامت البلدية والمجتمع المدنى مغارة أسمتها «الميلاد تحت الأنقاض»، فى ساحة المهد بمدينة بيت لحم بالضفة الغربية، وذلك بهدف إيصال رسالة لوقف الهجمات الإسرائيلية على غزة.
وأقيمت المغارة على شكل خريطة قطاع غزة، واحتضنت بين جدرانها السيد المسيح عيسى والسيدة مريم والأطفال الذين قتلوا جراء الغارات الإسرائيلية.
هذا وغابت احتفالات أعياد الميلاد عن المدن الفلسطينية جراء الحرب فى غزة.
وفى بيت لحم من داخل كنيسة المهد قرعت الأجراس وأقيمت الصلوات من أجل انتهاء الحرب فى قطاع غزة.
وغابت عن مدينة بيت لحم مظاهر الاحتفال بعيد الميلاد مقارنة بما جرت عليه العادة خلال السنوات الماضية، فلم توضع شجرة الميلاد فى ساحة كنيسة المهد ولم تعزف فرق الكشافة لدى دخول بطريرك اللاتين بيير باتيستا بيتسابلا ساحة الكنيسة بسبب الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
وبدل أن يحمل أعضاء فرق الكشافة الآلات الموسيقية فى المسيرة السنوية التقليدية مع بدء الاحتفالات بعيد الميلاد، رفعوا لافتات تدعو إلى وقف الحرب على قطاع غزة، ومما كُتب على اللافتات التى رفعها أعضاء فرق الكشافة «سلام لغزة وأهلها» و»غزة فى القلب» و»نريد حياة لا موت» و»يريد أطفالنا أن يلعبوا ويضحكوا».
من جانبه، أدان البابا فرنسيس فى رسالة الميلاد، أمس، «الوضع الإنسانى اليائس» للفلسطينيين فى غزة، داعياً لوقف العمليات العسكرية فى الحرب بين إسرائيل وحماس، والإفراج عن الرهائن الذين ما زالوا محتجزين فى القطاع.