الأربعاء 3 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
لو كان السبت رجلا لقتلته روزاليوسف!

لو كان السبت رجلا لقتلته روزاليوسف!

لم تكره السيدة روزاليوسف فى حياتها يوما من أيام الأسبوع قدر كراهيتها ليوم السبت على وجه التحديد، بل إنها كتبت أكثر من مرة تشرح أسباب كراهيتها ليوم السبت بالذات وفى أحد هذه المقالات كتبت: من بين خصومى فى ذلك العهد - عهد حكومة محمد محمود باشا - عهد تجاربى القاسية فى عالم الصحافة والسياسة يقف خصم عنيد يتفرد بأنه ما برح حتى اليوم يشغل حيزا كبيرا من قلبى، هذا الخصم هو يوم «السبت»!!



ويوم السبت هذا على كونه يوم نشاط لدى الموظفين إذ ينطلقون فيه إلى مكاتبهم ونفوسهم مليئة بالرغبة فى استقبال العمل بهمة جديدة ورأى جديد، فقد كان هذا اليوم فى نظرى خاليا من القداسة يطلع على بمخاوف وانكماش النفس، هذا إذا لم اصطبح فيه بالنكد الأصلى!

وفى يوم السبت صودرت مجلتى للمرة الأولى فعرفت لونا جديدا من أنواع الهموم وخراب البيوت، وفى يوم سبت صودرت المجلة للمرة الثانية فعرفت الغيظ، وهكذا شاءت الأقدار أن تجرى مصادرات مجلاتى فى أيام السبت حتى بت أومن أن بينى وبين هذا اليوم حبا لا سبيل للعثور عليه!

يأتى مساء الجمعة فأخلد إلى التفكير وأعد العدة لاستقبال المصيبة الجديدة التى ستطلع علىّ مع طلوع شمس يوم السبت!

وتضعف نفسى أحيانا فأتعلق بحبال الورع والتقوى وأعمد إلى الأوراد والأدعية وقراءة «عدية يسن» وأنذر النذور لأولياء الله، وأحيانا كنت ألجأ إلى  الورق - الكوتشينة - استخيره طالع الغد، وما عسى أن يفتح صاحب الدولة - محمد محمود باشا - علىّ به من أسباب النكاية وألوان المفاجآت وأصناف الغرامات.

وكان أصدقائى وزملائى فى تحرير المجلة يشتركون معى كركبة المصارين، وكانت تتولانا أحيانا نوبة من المرح فنعمد إلى الأكل الكثير ونتبادل النكات ونقضى الليل فى «صرمحة عائلية» وشأننا فى ذلك شأن من يحس بأنه محكوم عليه فى الغد بدخول السجن أو قطع العيش ثم نستسلم إلى الأقدار ونتذكر أن كله مقدر ومكتوب على الجبين، وأن ما هو مكتوب على الجبين لازم تشوفه العين!

وكنت أستيقظ مبكرة فى صباح السبت ولكننى أبقى فى فراشى، وقد أرهفت أذنى لاستماع أية حركة غير عادية فى المنزل فإذا مرت الساعة التاسعة ولم يدق التليفون حمدت الله وقمت دفعة واحدة من فراشى بقوة أربعين حصانا  لأتلقى تهانى مربية زوجى الأسطى «صباح» ثم مربية ابنتى الأولى سودانية والثانية مصرية عملاقة لها زغرودة فرحة تطلقها مجلجلة عالية.

لهذا لم يكن عجبا أن يحضر يوم السبت اسمه فى رأسى وفى قلبى، ولم يكن عجيبا أن أرى فى ذلك اليوم خصما أزرق الناب، والخصومة كالصداقة قد تخلف أثرا عميقا فى النفس.

وفى مقال آخر عنوانه «لو كان السبت رجلا لقتلته« تقول: أى والله لو كان يوم السبت رجلا لقتلته، فأنا لم أتعود طوال حياتى الصحفية إلا وجع الدماغ وتعب القلب من رجال الإدارة والنيابة، فالمجلة لا تحلو مصادرتها لوزارة الداخلية إلا فى يوم السبت، ولا يروق للنيابة تحقيق معنا إلى فى يوم السبت، ولا يتكرم علينا البوليس بالتفتيش والتقليب وخلع البلاط وهدم الجدران إلا فى يوم السبت.

وهكذا من يوم أن عرفت الصحافة وعرفتنى لم يمر علىّ يوم سبت إلا وفيه ما فيه من مشاق ومتاعب.

وتستمر ذكريات وحكايات روزاليوسف.