الثلاثاء 30 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

ريم سيد حجاب فى حوار لـ«روزاليوسف»: والدى أول من نبهنى بموهبتى فى الكتابة والإخراج وبنيت جمهورًا بعروضى بالمسرح والرقص المعاصر

كان الرقص المعاصر ملهمها الأول فى الدخول إلى عالم الفن، بدأ يتشكل من خلاله وعى الفنانة ريم سيد حجاب بكيفية ومعنى مزج الدراما بالتعبير الحركي ، ثم استغلال خبرتها بالتعبير الحركى فى الوعى بجسدها كممثلة، كرمتها دار الأوبرا الأسبوع الماضى فى الاحتفال بمرور 30 عاما على تأسيس فريق الرقص المسرحى الحديث والتى كانت أحد أعضائه الرئيسيين مع المخرج وليد عونى، عن رحلتها مع الفن والرقص المعاصر قالت ريم فى هذا الحوار:



 

■ كيف كانت بدايتك مع الرقص؟

- منذ طفولتى قرر والدى ووالدتى الحاقى بمعهد الباليه والكونسيرفتوار،تعلمت البيانو والباليه فى سن مبكرة ثم انهيت الدراسة بهما، وأصبحت أتدرب بمفردى فى الجامعة إلى أن جاءت ورشة رقص معاصر لسيدة ألمانية «ايفا ماريا لوشينبرج» بمسرح الهناجر أيام الدكتورة هدى وصفى ذهبت إليها وتعرفت على محمد شفيق وأظن هو من هدانى وقتها للذهاب إلى دار الأوبرا والالتحاق بفريق الرقص المعاصر مع وليد عونى وقد كان.. أحببت الرقص المعاصر لأن حركته أكثر حرية وأقرب لحركة البنى آدمين الطبيعية بينما حركة الباليه أقرب للفراشات.

■ هل تتذكرين عروضك مع الفريق؟

- عينت بالفرقة لمدة أربع سنوات قدمت معهم عروض «أغنية الحيتان»،«خيال مآتة»،«شهرزاد»،«شادى عبد السلام»،حوالى ستة عروض.

■ ماذا حدث بعد هذه السنوات الأربع؟

- فى آخر سنة بالجامعة بكلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية جامعة القاهرة،كان لدىَّ اتفاق مع والدى أن يسمح لى بالسفر لدراسة الرقص بالخارج لكن بشرط الانتهاء من الدراسة بالجامعة المصرية حتى لا أنفصل عن مجتمعى، وبالفعل أنهيت الدراسة بكلية الآداب وسافرت إلى لندن لمدة ثلاث سنوات متصلة التحقت بجامعة ميدلسيكس بلندن للحصول على الماجستير.

■ بعد العودة بدأت فى العمل بشكل مستقل ماذا عن هذه الفترة إلى أن دخلت عالم الاحتراف؟

- أسست فرقة «ملح».. وهى فرقة مستقلة قدمت أول عروضها «استغماية ليه» بمسرح الشباب مع الأستاذ خالد جلال ثم قدمت عرض «الملك لير» بمركز الإبداع الفنى بعد أن التحقت بورشة الإخراج مزجت فيه بين الدراما والتعبير الحركى لأنه الشكل الذى احبه. 

■ هناك دائما إشكالية فى توظيف التعبير الحركى بالدراما وقد تواجه عروض الرقص أزمة فى هذا الجانب ، ما رأيك؟

- الترميز الشديد يقلل من روح الفكرة ، أحب العمل بمنهج التداعى الحر بمعنى أننى استحضر الصورة من خلال استحضار موقف محدد،وهدفى أن أخذ الجمهور معى فى رحلة بصرية دون التعالى عليه ، كل شخص له تجربة ورؤية فى مسألة توظيف الحركة بالدراما، وفيما يخص رحلتى وتجربتى بهذا المجال.. من الممكن توضيح وجهة نظرى فى مثال بسيط.. عندما بدأت فى الورشة الألمانية قدمنا وقتها عرض «فيوتسك» هى مسرحية ألمانية ماريا البطلة كانت ترى أن «فيوتسك» وكأنه عبء عليها ، تضجر منه حتى تأتى لحظة وتقرر خيانته، فى المشهد الذى يشكل فيه حمل عليها تم تصميمه وهو مسحولا على الأرض ممسكا بقدميها بينما تحاول هى السير ، فى الوقت الذى يلجم ثقله حركتها تتمكن من الإفلات منه وتسقط على الأرض لتحنو عليه بين أحضانها، شكل الحركة يبدو بسيطا لكنه يحمل معانى كبيرة، هذا العمل كان ملهما بالنسبة لى كما أن سفرى إلى انجلترا والمناقشات الطويلة التى كانت تدور بيننا حول الهدف من الحركة، والسبب فى استخدام شكل معين دون غيره، منحنى ضرورة الوضوح فى الرؤية والتصميم، أتذكر أننى قدمت بإنجلترا عرض «السيدة التى تنسى أن ترتدى حذائها ذا الكعب العالي» عن إمرأة ترفض التقدم بالعمر وتريد أن تظل طفلة ترتدتى ملابس الأطفال وتعيش بطاقة وحركات الأطفال نرى ذلك فى حركتها الخارجة من داخلها وليس مجرد حركة استعراضية،هنا الحركة تخرج من سيكولوجية الشخصية.

  ■ لكن عادة يرى الجمهور عروض الرقص مبهمة؟

- أعتقد أننى بنيت جمهورا بأعمالى وبنيت علاقة معهم ، جزء من شغلى يأتى من نيتى، لأن النية مهمة حتى أصل إلى نتيجة معينة مع الناس لأنه فى النهاية يخرج الجمهور من القاعة وفى قلوبهم جزء مني ، لذلك أهتم دائما بالسرد والدراما.

■ فى رأيك هل لابد أن يكون الراقص على وعى وإدراك كامل بالمعنى الذى يقدمه؟

- بالتأكيد بما أننى أخرج عروض رقص مع راقصين وممثلين ، هذا الجانب مهم للغاية ، إذا كان الراقص يفهم نصف المعنى أشعر دائما أن هناك شيئا ناقصا ، لأن الممثل أو المؤدى يجب أن يفهم الرسالة حتى تصل من خلاله للجمهور،لا يصح أن يخسر الممثل التواصل بينه وبين الجمهور لابد أن يعى ماذا يفعل لأنه ليس مجرد نحت فى الفراغ وقيمة هذا النحت فى صدق خروجه من الداخل،لأن الرقص له علاقة بطاقة الحركة أو الشكل الخاص بالحركة ، فى قانون الفيزياء تأتى الحركة بقوة الدفع، ولها نقطة بداية ونقطة نهاية هذه الحسابات الميكانيكية قد تفقد طاقة وروح الراقص ، بمعنى نية أو روح الحركة نفسها يجب أن تكون حاضرة دائما ، فإذا حدث وكان كل شيء منضبطا للغاية قد يفقد الروح ، التكنيك هو الوسيلة لكن الروح والوعى والنية مطلوب توصيلهم لخلق حالة تواصل مع الجمهور،لذلك يجب أن يكون الممثلين والراقصين مدركين لمعنى طاقة الحركة.

 ■ هل من المهم أن يجيد الراقص فن التمثيل؟

- لابد أن يستشعر ما يفعله هناك راقصون يمثلون بشكل مبالغ فيه وهذا يشبه كأنك تضعين عشرة خطوط تحت الحركة ، فى النهاية لابد أن تحسب المسألة بميزان حساس، وبصراحة رغم انبهارى بأشكال الرقص للفرق الكبرى مثل نيران الأناضول، إلا أننى أحب أن تكون الحركة إنسانية تحمل روح كل فرد المختلفة عن الآخر، إذا كان مهما فى مشهد أن نتحرك معا حتى نثبت شيئا معينا نفعل ذلك لإثبات هذا الشىء وليس لمجرد استعراض مهارات الحركة الجماعية.

■ ماذا أضاف لك الرقص بمجال التمثيل وهل كان له أثر بوعيك للأدوار؟

- زاد وعيى بجسدى كما أن السفر إلى إنجلترا لمدة ثلاث سنوات دون انقطاع أضاف لى كثيرا،وأتذكر ورشة حضرتها ببولندا كانت مهمة جدا فى حياتى بمركز جروتوفسكي،كانت هناك مقولة بأن الممثل لابد أن يكون ظاهرا لنفسه ، لكننى كنت أشعر من داخلى بعكس ذلك وهذه الورشة أثبتت لى صدق فكرتى وإحساسى بالتمثيل ، عملنا فيها على المسرح الطقسى حتى أننى فى أحد التمارين شعرت وكأننى أطير من على الأرض ، تعلمت من خلالها أن الممثل الحقيقى رسول فهو صاحب مهمة لابد أن يتعرى من كل الأقنعة التى يضعها على وجهه ونفسيته حتى يتواصل مع الجمهور بشىء خارج كل الحسابات،وكأنه يعود لمراحل البراءة والتجربة الأولى المرحلة المتعلقة ببدايتنا منذ الصغر، كانت رحلة وعى عميقة ومؤثرة طورت داخلى كثيرا ، بجانب عملى فى مسرح الجامعة قبل السفر عندما أخرج لى الأستاذ خالد جلال وخالد الصاوى وغيرهما، وورش مسرح الهناجر ورشة روجيه عساف.

 ■ متى كان الاحتراف؟

- شاركت فى مسلسل ذات عام 2010 ثم قبله كانت مشاركات بأعمال بسيطة مثل «دكان شحاتة» وبالطبع شاركت بالعديد من الأعمال المسرحية مع محمد أبو السعود وطارق الدويرى «أنتيجون»، «حفلات التوقف عن الغناء»، «بلاد أضيق من الحب»، وفيلم «بلد البنات» ثم توالت الأعمال الدرامية.

■ خبرة الإخراج والتصميم الحركى والتمثيل كيف منحتك القدرة على قراءة الشخصية؟

- لا أعمل بشكل ذهنى على الشخصية اقرأ حتى يخرج شىء من داخلى.

■ ماذا تعنى بأن الشخصية لا تأتى من الذهن؟

- بمعنى أننى لا انشغل بشكلها بينما تشغلنى تفاصيل حياتها وتاريخها حتى أرى كيف ستنطق من الأساس.

■ ماذا كانت نصيحة سيد حجاب الدائمة لريم؟

- والدى ووالدتى كانا يشجعانى جدا على دراسة الباليه والموسيقى سافرت إلى الخارج بمفردى لمدة ثلاث سنوات بدعم كبير من والدى، لكنه كان يرى فى مخرجة أكثر منى ممثلة بسبب خجلى الشديد ، كان يقول لى دائما أننى أصلح للكتابة أو الإخراج،وهو من نبهنى لفكرة الإخراج والحقيقة كان ناقدا قاسيا أحب أعمالى الفنية وكان ينبهنى إذا أخفقت ولو فى أبسط الأشياء واتذكر أنه خرج مفتونا من عرض «الملك لير» الذى قدمته على خشبة مسرح مركز الإبداع.

■ ماذا يمثل لك التكريم من دار الأوبرا اليوم،وحدثينا عن مشهد الجدار العازل بعرض «كى لا تتبخر الأرض»؟

 - سعدت به لأنه من فرقتى التى عشت بها سنوات وكأنها عائلتى الصغيرة ممتنة لهذا التكريم،يكفى الوقوف على خشبة مسرح دار الأوبرا التى أثقلتنى كثيرا،أما عن المشاركة بالعرض جاءت بعد اتصال أستاذ وليد بى.. أرسل لى نص من ثلاث صفحات قرأته وانفعلت به للغاية لأنه مكتوب برقة وعذوبة، شعرت بمسئولية كبيرة بالعودة للوقوف على مسرح الأوبرا، خاصة وأننى كنت بمهرجان الجونة وجئت يوم العرض كانت لدى رهبة شديدة خاصة أننى أنهيت البروفات الحكى والغناء باللحظات الأخيرة على خشبة المسرح قبل انطلاق العرض مباشرة.