الثلاثاء 23 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
زكى طليمات يرفض السياسة وروزاليوسف!

زكى طليمات يرفض السياسة وروزاليوسف!

كانت السيدة روزاليوسف تحارب بشجاعة منقطعة النظير دفاعا عن المجلة وعن المبادئ التى تؤمن بها وطوال تلك المرحلة كان الأستاذ زكى طليمات زوجها مسافرا ومستقرا فى باريس فى بعثة وزارة الأوقاف لدراسة الفنون، وكان حلمه عندما ساهم فى إصدار مجلة روزاليوسف، أن تكون مجلة خاصة بالأدب الكلاسيكى الذى يتعطش الجمهور لمطالعته، وهو ما لم يتحقق!



وسافرت روزاليوسف إلى باريس أكثر من مرة للاطمئنان على زوجها وكانا كثيري المشاحنات بسبب انغماس المجلة فى السياسة والمتاعب التى تلاقيها.

وتحكى روزاليوسف: فى أواخر عام 1928 عاد زوجى «زكى طليمات» من فرنسا على ظهر الباخرة «شامبليون» وقد أتم دراسته الفنية على أحسن حال فى أوروبا، استقبلته مع المستقبلين فى الإسكندرية فكان أول حديث أجراه معى خاصا بموقفى المعارض للوزارة وطلب منى أن أغلق المجلة بالضبة والمفتاح وأذهب معه إلى باريس بعد تصفية أعماله فى مصر، لنعيش هناك ردحا من الزمن يقوم هو بتأدية رسالته الفنية فى مسارح باريس بعد أن عرض عليه أستاذه مدير مسرح الأوديون منصبا فى الإدارة الفنية وأخذ يزخرف لي القول ويبنى لى القصور ويمنينى بأننا بعد ذلك نعود إلى مصر لنعتلى خشبة المسرح العربى فى ظروف طيبة غير هذه الظروف.

أصغيت إليه جيدا وكان يتكلم بيديه ورأسه ولسانه ومنديله المهفهف فخيل إلىّ أننى أراه يمثل دورا جديدا لا أعرف كيف أتقنه، وبعد أن تأملته باسمة وكان الطربوش على رأسه والقبعة فى يمينه قلت له بحماس: برافو يا زكى!

قال: يعنى خلاص مفيش سياسة؟! وكان الجواب اتلهى على عينك، واتلهى «التهى» على عينه وقدم نفسه إلى الوزارة فى اليوم التالى ليتلقى ألوان الاضطهاد الدواوينى!

وأشد ما تألمت له إذا جاء بعد ظهر أحد الأيام يحمل تحت إبطه ملفا يحوى مشروع ميزانية إدارة الفنون الجميلة وقد طُلب منه أن يجرى لها ترجمة باللغة الفرنسية!

نشر المسكين الأوراق فإذا هى مليئة بالاصطلاحات المالية التى تحتاج إلى شرح يقوم به رئيس قسم أو مدير حسابات وأخذ الأستاذ خريج مسرح الأوديون يجرب فنون الإخراج والإضاءة والتمثيل فى استخراج معانى هذه  المصطلحات فلم يفتح الله عليه بكثير، فعمد إلى شعر رأسه يشده وأخيرا أتينا له بصديق ضليع فى أمور الميزانيات وتفاصيلها، فترجم له تلك العبارات العربية بألفاظ عربية برضه!! وكان أن قام بالترجمة المطلوبة وهو يصيح من وقت لآخر: بقى يا أخويا لسه ماليش جمعة سايب التياترو فى باريس آجى الاقى ترجمة ميزانية فى الوزارة أنا حتجنن يا خلايق!

وتمضى روزاليوسف قائلة: ولم يُجن ولا حاجة لكنه أمضى ما يقرب من عام وهو يقوم فى الوزارة بأعمال تافهة يكابد أثناءها ألم الحرمان من العمل فيما درسه فى بعثة أوروبا إلى مضاضة الانتظار، انتظار تعديل مرتبه ومنحه الدرجة الإدارية التى يستحقها بمقتضى الشهادات التى يحملها!

وخاطبه مرة كبير فى وزارة المعارف فى شأن التأثير علىّ لتغيير خطة المجلة أو الاعتدال فى المعارضة بعد أن وعده الوعود الطيبة الخاصة بالمرتب والوظيفة، فأفهمه.. زكى بأنه تعلم أن يحترم إرادة الغير، وأننى فى حياتى العامة شخصية مستقلة عنه، وأنه لا سلطان له علىّ إلا فى حياتى الخاصة ولكن الموظف الكبير لم يقتنع بهذا الرأى وجرى بينهما حديث الذى بدأه الموظف الكبير بقوله:

- أنت مش راجل يا أستاذ زكى؟

فقال له: أظن كده!

قال الموظف الكبير: طيب مش تعرف أن الرجال قوامون على النساء؟

رد زكى: تمام يا فندم بس!

قال الموظف: بس إيه؟

أجاب زكى: يظهر أنى مش راجل فى الموضوع ده!!

وانتهى الحديث بأن أكد لى «زكى» بأن ليس له علاقة بالمجلة ولا بسياستها ولا يشتغل مطلقا بالسياسة أيا كان لونها.

وللذكريات بقية!