الأربعاء 1 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
دعاء الكروان   بين فاتن والعميد!

دعاء الكروان بين فاتن والعميد!

«دعاء الكروان» واحد من أعظم وأهم مائة فيلم فى تاريخ السينما المصرية والعربية بشهادة وكبار نقاد السينما فى مصر والعالم العربى.



كان تحويل رواية عميد الأدب العربى د.طه حسين «دعاء الكروان» مغامرة محفوفة بالمخاطر، بل إن مخرج الفيلم الفنان «بركات» عندما عرض أمر إخراج الفيلم على د.طه حسين اعترض وقال له: الرواية ليس فيها صور أنت تعلم أننى لا يمكننى كتابة الصور ببراعة!! وكان رد يوسف جوهر عليه: على العكس الرواية مليئة بالصور.

جوانب أخرى مثيرة عن الفيلم يرويها الأستاذ سعد الدين توفيق فى كتابه الممتع «قصة السينما فى مصر» فيقول: عندما أعلن المخرج بركات أنه سينتج فيلمًا عن قصة «دعاء الكروان» أشفق كثيرون من الإقدام على هذه التجربة فقد رأينا أن تجارب هوليوود ولندن وباريس فى تحويل روائع الأدب العالمى من قصص خالدة إلى أفلام كبيرة قلما كانت تكلل بالنجاح، إذ يظل الكتاب فى الغالب أقوى وأرفع من الفيلم، إذ إن المشاعر وخلجات النفس والانفعالات المكبوتة فى الصدور والأفكار والشكوك والهواجس والمخاوف التى تدور فى الرءوس ليس من اليسير ترجمتها من سطور ومعان إلى صور وحركة.

على أننا بعد أن رأينا فيلم بركات لاحظنا أن المجهود الذى بذله يوسف جوهر فى وضع السيناريو كان أبرع وأذكى وأدق تجربة من هذا النوع فى تاريخ السينما المصرية، فقد احترم النص احترامًا عظيمًا وهضم القصة هضمًا جيدًا، فجاءت ترجمته موفقة.

وعندما نقوم بمقارنة بين العمل الأدبى والعمل السينمائى فإننا لن نكون منصفين إلا إذا قلنا إن الفيلم جاء أمينًا وافيًا دقيقًا ومشرفًا إلى أقصى حد، أكثر من هذا أن السيناريو حافظ على الشكل الأدبى للقصة فلجأ إلى استغلال الراوى ليلقى عبارات مأخوذة بنصها من كتاب الأديب الكبير، على الرغم من أن الراوى ليس من الناحية السينمائية تصرف جيد، فقد كان المتفرج يستطيع أن يتابع حوادث القصة بلا شرح وبلا تعليق، كما أنه لم تكن هناك ضرورة ملحة لاستغلال الراوى فى ربط القصة، ولكنك مع هذا كله تشعر وأنت ترى الفيلم أن السيناريست حرص على أن يذكرك بأن هذه هى قصة طه حسين صاحب الأسلوب المعروف.

تشعر بهذا أكثر وأكثر عندما تنتهى القصة وتنطلق الكاميرا وراء الكروان وهو يحلق فى السماء وتسمع صوت طه حسين العميق البديع وهو يتساءل: دعاء الكروان؟ أترينه.. كان يرجع صوته هذا الترجيع حين صرعت هنادى فى ذلك الفضاء العريض.

لقطة تبقى فى ذهنك وأنت تغادر دار العرض، وهكذا كان صوت الكروان وصوت المؤلف هما آخر «لقطة».

وما لم يذكره سعد الدين توفيق فى كتابه أن أجر فاتن حمامة كان سبعة آلاف جنيه وأحمد مظهر كان خمسة آلاف وكذلك زهرة العلا.

وما أكثر حكايات وكواليس «دعاء الكروان» سواء قبل أو بعد تصويره لكن الأهم من ذلك كله أنه تحدى الزمن وما زال يدهشنا ويمتعنا كلما شاهدناه.