الثلاثاء 23 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الحكومة تحاكم كاريكاتير المصرى أفندى!

الحكومة تحاكم كاريكاتير المصرى أفندى!

كان سلاح «المال» أحد أسلحة حكومة محمد محمود باشا لإسكات روزاليوسف والكف عن انتقادها ومهاجمتها سواء بالكلمة أوالمقال أو الرسم  الساخر!



وتحكى روزاليوسف هذه التجربة التى مرت بها قائلة: 

فى غمرة هذا الصراع العنيف أرادت الوزارة أن تجرب مع روزاليوسف سلاحا آخر، فزارنى يوما موظف كبير فى الداخلية يعرض علىّ أموال الحكومة فى نظير تخفيف الحملة على «محمد محمود» وحكمه المطلق، ولكننى رفضت! ثم تبين أن الموظف الكبير ظل يقبض المبلغ شهريا بدعوى أنه يوصله إلينا!

وكان «محمد محمود» يعجب حين يعرف أن النقود تدفع فى حين أن المجلة ماضية فى عنفها حتى اكتشف أخيرا أن النقود تذهب إلى جيب الموظف الكبير فطرده شر طردة!

وقد التقيت يوما بالمرحوم محمد محمود وهو رئيس للوزارة سنة 1939 قبل وفاته بعام فذكرنى بهذه القصة ضاحكا.

واقعة أخرى يرويها الأستاذ صبرى أبوالمجد فى كتابه عن «التابعى» فيقول: حاولت الحكومة أن تغرى روزاليوسف بالتحقيق من حملاتها بالوعد المبذول، فأوفدت إليها مدير المطبوعات فزارها فى العمل وفى بيتها كى تؤثر السلامة وتنال بذلك الخير العميم، فإذا بالسيدة فاطمة اليوسف صاحبتها ترد على ذلك بتوجيه إلى جميع محرريها مفاده أن يشتدوا فى عنفهم وأن يتسقطوا الهنات والكبائر لتنشر وتذاع.

وكان من الطبيعى وقد نفذت حيلة الوعد أو التهديد دون جدوى أن تعمد الحكومة إلى اضطهادها فصادرت عشرين ألف نسخة وهو عمل غير دستورى إذ حمى الدستور فى مادته الخامسة عشرة الصحف من المصادرة عن الطريق الإدارى!

ومن الوقائع الطريفة وبطلها الكاريكاتير تقول:

نشرت روزاليوسف مرة رسما يمثل المصرى أفندى وقد وضعته وزارة «محمد محمود» فى إناء كبير كالذى يستعمله الهنود الحمر وهم يشعلون النار فيه.

واستدعت النيابة «صاروخان» لتستجوبه فى شأن هذه الصورة بعد أن حققت معى بشأنها وذهبت أحضر التحقيق مع صاروخان وسأله وكيل النيابة:

من صاحب فكرة الصورة؟!

فقال: السيدة روزاليوسف!

ومن الذى أعطاك شخصية المصرى أفندى؟

قال: السيدة روزاليوسف

وعاد وكيل النيابة يسأله، كيف ترسم صورة المصرى أفندى وهم يحرقونها؟!

فقال صاروخان: لا أنا أفتكرتهم بيطفوها!

وأكد صاروخان للمحقق أنه لا يفهم الصورة وأنه إنما يرسم ما أقوله له فحسب!

وتمضى السيدة روزاليوسف قائلة: كانت فترة محمومة من الانتظار تلك التى عبرت بها مصر فى الأيام الأخيرة من شهر ديسمبر سنة 1929، وليس هذا بالأمر المستغرب فقد كانت الأمة تكابد هزة عنيفة فى حريتها وصحافتها وفى رجال اصطفتهم للدفاع عن قضيتها.

كانت الصحافة خاصة قد نزلت بها محنة شديدة فقد قاست من أجلها ألوان العسف والتشريد ولعل بعض الصحفيين وأنا منهم كانوا من أشد الناس استشعارا بحرج الموقف وضيق العيش واضطراب النفس، كان الصحفى يعيش وجريدته على كف عفريت يطلع عليه النهار فلا يدرى إن كان غداؤه سيكون «لحمة وخضار» أو أنه سيأكل من قدرة الفول المدمس تمهيدا لاتباع نظام التخفيف فى الأكل مما خف وزنه وخف ثمنه!

وكان لهذا الكفاح ثمنه الباهظ، يكفى أن أذكر أن روزاليوسف فى السنتين الثالثة والرابعة من عمرها من أكتوبر عام 1927 إلى أكتوبر 1929 - كان المفروض أن يصدر منها 104 أعداد» باعتبار أن السنة 52 أسبوعا ولكن روزاليوسف لم يصدر منها في هذه المدة إلا 42 عددا وصودر 62 أى أن ما صُودر كان أكبر مما صدر.

وللذكريات والمعارك بقية!