الأحد 25 أغسطس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

اليوم.. إسرائيل أمام «العدل الدولية»

وسط حالة من القلق والتخبط، تبدأ اليوم أولى جلسات محكمة العدل الدولية فى لاهاي، للنظر فى الدعوى المقدمة من جنوب إفريقيا ضد إسرائيل على خلفية ارتكابها جرائم إبادة جماعية بحق الفلسطينيين.



ووفقا لما جاء فى بيان المحكمة الدولية عن نص الدعوى المقدمة من جنوب إفريقيا، فإن «أفعال إسرائيل تعتبر ذات طابع إبادة جماعية، لأنها ترتكب بالقصد المحدد المطلوب لتدمير الفلسطينيين فى غزة كجزء من القومية الفلسطينية الأوسع والمجموعة العرقية والإثنية، فضلا عن أن سلوك إسرائيل من خلال أجهزة الدولة ووكلاء الدولة وغيرهم من الأشخاص والكيانات التى تعمل بناء على تعليماتها أو تحت توجيهها أو سيطرتها أو نفوذها يشكل انتهاكًا لالتزاماتها تجاه الفلسطينيين فى غزة بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية».

وتطرقت الدعوى القضائية إلى أحداث 7 أكتوبر فيما عرف إعلاميا بـ«طوفان الأقصى»، إذ جاء فى نص الدعوى: «أن إسرائيل، ومنذ 7 أكتوبر الماضي، فشلت فى منع الإبادة الجماعية وفشلت فى مقاضاة التحريض المباشر والعلنى على الإبادة الجماعية، وأن الدولة العبرية تورطت، وتتورط، وتخاطر بالتورط فى المزيد من أعمال الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطينى فى غزة».

■ ما هى محكمة العدل الدولية؟ وما هى صلاحيتها؟

- تم تعريف محكمة العدل الدولية فى ميثاق الأمم المتحدة على أنها هيئة قضائية مركزية، وتتمتع بسلطتين رئيسيتين: مناقشة النزاعات بين الدول الأعضاء فى الأمم المتحدة والفصل فى المنازعات بين الدول الأعضاء فى الأمم المتحدة، وإبداء الرأى القانونى بناءً على طلب الجمعية العامة للأمم المتحدة، أو المنظمات المختلفة العاملة تحت رعاية الأمم المتحدة.

وسلطة المحكمة فى النظر فى الدعاوى بين الدول مشروطة بموافقة الدولة المدعى عليها.

■ ما الفرق بين محكمة العدل الدولية والجنائية الدولية؟

- وتعمل كلتا المحكمتين من لاهاى، ولكن لا يوجد أى اتصال بينهما، حيث تتعامل المحكمة الجنائية الدولية مع الأحكام الجنائية للأفراد، وليس مع حل النزاعات بين الدول.

■ ما التهم التى تواجهها إسرائيل؟

- تواجه إسرائيل تهمة الإبادة الجماعية، وتُعرِّف المعاهدةُ التى تبنّتها الأمم المتحدة فى عام 1948 بموافقة 153 دولة من بينها إسرائيل وجنوب إفريقيا، الإبادةَ الجماعية على أنها الأفعال المرتكبة بقصد التدمير الكلى أوالجزئى لجماعة قومية أو إثنية أو عنصرية أو دينية.

■ كيف تستعد إسرائيل؟

- تستعد إسرائيل للمثول أمام «العدل الدولية» بعدة خطوات، أولها تعيين القاضى المتقاعد أهارون باراك، قاضيًا ليمثل إسرائيل أمام المحكمة، والذى شغل منصب رئيس المحكمة العليا الأسبق، ورغم خبراته القانونية، لكنها ليست وحدها وراء قرار اختياره، إذ كان باراك أحد الناجين من المحرقة (الهولوكوست)، وتعتمد إسرائيل على هذا الأمر لما له من تأثير على قضاة المحكمة الدولية.

الخطوة الثانية، ستعرض إسرائيل موجزا من  يرصد حركة حماس فى السابع من أكتوبر الماضي، واعتمدت فيه على المقاطع التى نشرتها كتائب القسام، أو التى التقطتها كاميرا المراقبة، وفقًا للمصادر الإسرائيلية، على أمل استمالة أراء الحاضرين، وحتى الآن لم يعرض الفيلم على الملأ بزعم مراعاة مشاعر أهالى القتلى والمحتجزين، لذا لم يتم التأكد من صحة كل ما تضمنه.

كذلك، أعلن رئيس جهاز المعلومات الوطنى الإسرائيلى تشكيل فريق معلوماتى يضم أيضًا أعضاء من وزارة العدل ووزارة الخارجية، مؤكدًا أنه يجرى إعداد حملة من اللوحات الإعلانية فى شوارع لاهاى والشوارع القريبة من المحكمة.

كما تم تعيين محام بريطانى للدفاع عن إسرائيل أمام المحكمة.

■ كيف ستجرى الجلسات؟

- من المقرر أن تعقد الجلسات بشأن دعوى جنوب إفريقيا حول غزة يومى 11 و12 يناير، وسيكون لجنوب إفريقيا وإسرائيل ساعتان فى يومين منفصلين لتقديم الحجج سواء لصالح أو ضد اتخاذ التدابير الطارئة، ولن يتم استدعاء شهود للإدلاء بشهادتهم ولا حتى استجوابهم، وسيكون العرض التقديمى غالبا عبارة عن حجج قانونية يقدمها مسؤولو الدولة وفرقهم من المحامين الدوليين.

ويعد طلب جنوب إفريقيا من المحكمة الإشارة إلى تدابير مؤقتة من أجل حماية الفلسطينيين فى غزة خطوة أولى فى قضية ستستغرق سنوات عدة لكى تكتمل، ويُقصد من التدابير المؤقتة نوع من الأوامر التقييدية لمنع تفاقم النزاع فى أثناء نظر المحكمة فى القضية بأكملها.

ولن تصدر المحكمة قرارا نهائيا بشأن اتهامات الإبادة الجماعية التى وجهتها جنوب إفريقيا إلى إسرائيل حتى يتم عقد جلسة للبحث فى القضية بشكل كامل على أساس موضوعى وهو أمر من المرجح أن يستغرق سنوات.

ووفقا للإجراءات الاحترازية، يجب على المحكمة فى البداية أن تقرر ما إذا كان لديها الاختصاص القضائى للنظر فى الدعوى وما إذا كانت الأفعال التى تُتهم إسرائيل بارتكابها تنتهك اتفاقية الإبادة الجماعية.

■ كم تستغرق فترة صدور الحكم النهائى؟

- إذا خلصت المحكمة إلى أنها تتمتع بالسلطة القضائية مبدئيا فسوف تتخذ القضية مسارها فى قصر السلام حيث تقع المحكمة فى لاهاى، حتى لو قرر القضاة عدم الأمر بتدابير الطوارئ.

وستتاح لإسرائيل بعد ذلك فرصة أخرى للدفع بأن المحكمة ليس لديها أسس قانونية للنظر فى دعوى جنوب إفريقيا وتقديم ما يسمى بالاعتراض المبدئي، وهو ما يمكنه فقط الاعتراض على نواحى الاختصاص القضائى.

وإذا رفضت المحكمة هذا الاعتراض، فيمكن للقضاة فى نهاية المطاف النظر فى القضية خلال المزيد من الجلسات العلنية.

وليس من غير المألوف أن تمر سنوات عدة بين الدعوى الأولية والجلسة الفعلية للنظر فى موضوع القضية.

■ ماذا سيحدث إذا صدر قرار ضد إسرائيل؟

- الإجابة هى «لن يحدث شىء»، فليس لدى المحكمة قوة أو سلطة تمكنها من تنفيذ أحكامها، لكن انتهاك أمر المحكمة المباشر يُنظر إليه بشكل سيئ للغاية فى العديد من البلدان، وسيضر بوضع إسرائيل وسيكون بمثابة وصمة فى وجهها. 

فعلى سبيل المثال، يمكن أن تمتنع العديد من الدول عن بيع الأسلحة لإسرائيل، إذا انتهكت أمر المحكمة الذى يحافظ على وقف إطلاق النار.

ولا تخشى إسرائيل المحكمة فى حد ذاتها ولا القرارات التى ستخرج عنها، ولكنها تخشى الآثار والتداعيات القانونية والسياسية والأدبية التى ستنجم عن أى قرارات عاجلة صادرة عن المحكمة.