الأحد 28 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

100 يوم من الحرب الأكثر دموية

100 يوم مرّت على غزة المنكوبة منذ بدء الحرب على القطاع، اختفت عائلات بأكملها، وآلاف فقدوا أحباءهم، وأيتام لم يبق لهم إلا الذكريات، فى حين تحولت الأحياء السكنية إلى مدن أشباح، بعد دمار معظمها، وفرار السكان بحثًا عن أمان مفقود.



شنّت إسرائيل حرباً على غزة، أطلقت عليها اسم «السيوف الحديد»، فى السابع من أكتوبر الماضى، وبدأت بقصف جوى وبحري، ثم عملية برية واسعة النطاق، ولا تزال مستمرة حتى الآن، دون أى أفق للنهاية.

وجاءت الحرب رداً على هجوم «طوفان الأقصى» الذى شنته حماس على جنوب إسرائيل، وخلف نحو 1200 قتيل، واحتجاز 240 شخصًا، لا يزال أكثر من نصفهم لدى الفصائل فى غزة.

وفى حين أن الجيش الإسرائيلى دمر جميع المقار الحكومية الفلسطينية فى غزة، فإن الحكومة فى تل أبيب تحاول دفع حركة حماس لتحرير الرهائن عبر المفاوضات التى يتدخل فيها وسطاء من المنطقة.

وبعد 100 يوم لم ينجح الجيش الإسرائيلى فى الوصول إلى القادة الثلاثة الأبرز فى غزة الذين حددهم كهدف للاعتقال أو القتل، وهم قائد «حماس» فى القطاع، يحيى السنوار، وقائد الجهاز العسكرى فى الحركة محمد ضيف ونائبه مروان عيسى.

وتبرز تساؤلات فى إسرائيل عما إذا كانت هذه الأهداف التى حددتها الحكومة اليمينية الإسرائيلية قابلة للتحقيق فعلا، وسط تشكيك من قبل قادة سياسيين وعسكريين إسرائيليين سابقين فى إمكانية تحقيقها، فى ظل امتلاك حماس متاهة من الأنفاق تمكن قادتها من المناورة والاختباء.

إسرائيل بعيدة عن تحقيق الهدف

وكتب عاموس هارئيل، المحلل العسكرى البارز فى صحيفة «هآرتس» قائلًا: «نصل اليوم المئة للحرب مع حماس، ومن الواضح أن إسرائيل لا تزال بعيدة عن تحقيق أهداف المعركة المعلنة».

وأضاف: «أولا، الذراع العسكرية لحماس أعادت تنظيم نفسها فى إطار خلايا حرب عصابات متفرقة، وثانيًا مشروع أنفاق حماس الذى كان معروفًا للجيش والشاباك فاجأ إسرائيل من حيث الدقة والتشعب، ومنح حماس ذخرًا ثمينًا تحت الأرض، وثالثًا الصعوبة الأساسية الكامنة فى معركة أمام منظمة أيديولوجية مصممة».

هارئيل استنتج أن «عدم القدرة على الوصول إلى حسم سريع يدفع الحكومة وجهاز الأمن إلى محاولة التركيز على حلول التفافية، أبرزها الملاحقة المتواصلة لكبار قادة «حماس» وعلى رأسهم يحيى السنوار».

واستدرك هارئيل «هناك صعوبة مركزية أخرى تكمن فى التقديرات التى تفيد بأن قيادة حماس أحاطت نفسها بالمخطوفين الإسرائيليين كبوليصة تأمين».

«هجمة مرتدة»

ومع دخول الحرب يومها الـ100 فإن أصواتًا بدأت تتعالى فى إسرائيل لتغيير الحكومة الحالية بما فى ذلك الذهاب إلى انتخابات مبكرة، حتى إن كانت غير مسبوقة فى تاريخ إسرائيل.

وفيما يتواصل تزايد أعداد القتلى والجرحى من الجيش الإسرائيلي، فإن عائلات 136 رهينة تستعد لتحركات ضاغطة على الحكومة الإسرائيلية لإعادتهم من غزة إلى إسرائيل.

إذ إن الحكومة الإسرائيلية التى وضعت هدف إعادة الرهائن على قمة الأولويات، لم تتمكن من إعادة أى واحد منهم دون اتفاق مع «حماس» بوساطة خارجية.

وتضغط العائلات على الحكومة لإبرام اتفاق مع «حماس» لإعادة الرهائن، حتى لو كان الثمن وقف إطلاق النار فى غزة وإطلاق سراح جميع الأسرى الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية.

بحر من الدماء

بحسب إحصائيات وزارة الصحة فى غزة، التى تعتبرها الأمم المتحدة موثوقة، اقترب عدد القتلى من 24 ألفًا، بينما لا يزال عدد آخر تحت الركام، فى ظل عجز سلطات الإنقاذ عن انتشالهم.

وخلفت الحرب، 60 ألفاً و317 جريحًا، فى وقت تقول فيه سلطات القطاع: إن هذه الحرب تعد الأكثر دموية عبر التاريخ، مشيرة إلى أن واحدًا من بين عشرين فى القطاع إما قُتل أو جُرح جراء الهجوم الإسرائيلي.

وضاقت المقابر بالقتلى، فلجأ السكان إلى دفن ضحاياهم فى مقابر جماعية فى باحات المستشفيات، وملاعب كرة القدم، وأراض زراعية.

ودفعت الحرب والهجوم البرى 1.3 مليون غزّى إلى ترك منازلهم فى شمال ووسط القطاع، والتوجه جنوبًا نحو رفح، التى تعانى من «هشاشة» فى بنيتها التحتية، كما تقول وزارة الصحة.

وقال المفوض العام للأونروا فيليب لازارينى فى بيان، السبت: «إن جسامة الموت، والدمار، والتهجير، والجوع، والخسارة، والحزن فى الأيام الـ100 الماضية يُلطّخ إنسانيتنا المشتركة».

وشدد المفوض العام للأونروا على أن جيلًا كاملًا من الأطفال يتعرض لصدمات نفسية، وسيستغرق تعافيه سنوات.

مدينة أشباح

لا توجد إحصائية دقيقة لعدد المبانى التى دمرتها الحرب سواء كليًا أو جزئيًا فى غزة، إلا أن حركة حماس تؤكد أن عشرات آلاف المبانى والوحدات السكنية أصبحت كومة ركام، بسبب القصف المتواصل.

فى الخامس من يناير الجاري، قال أستاذان أمريكيان، هما خامون فان دين هوك وكورى شير: أن عدد 45 - 56% من المبانى فى غزة قد دمرت أو تضررت بحسب صور الأقمار صناعية.

ومقابل كل وحدة سكنية دمرت فى القطاع ولدت خيمة، بينما تكدس آخرون فى مدارس ومراكز إيواء أممية.

ويقول مسئولون: إن توقف الحرب لا يعنى عودة سكان غزة النازحين إلى منازلهم بعد دمار معظمها.

ولم تستثن الحرب المواقع الأثرية والمعالم المهمة، التى تعرض معظمها إلى الدمار، خصوصًا المسجد العمري، الذى يمتد تاريخه إلى مئات السنين.

جوع وأمراض

وخرجت معظم مستشفيات القطاع عن الخدمة، فى ظل استهداف الجيش الإسرائيلى لها بزعم استخدامها من قبل حماس لأغراض عسكرية، كما فاقم الحصار أزمة القطاع الصحى مع انعدام الأدوية.

ولا يزال 15 مستشفى فقط من أصل 36 تعمل بشكل جزئي، وهى غير قادرة، على تقديم الخدمة للجرحى والمرضى.

ويقول ممثل منظمة الصحة العالمية فى الأراضى الفلسطينية ريتشارد بيبركورن: إن المستشفيات تشهد حالة من الفوضى، و«بقع الدماء على الأرض»، وصراخ الجرحى الذين ينتظرون أحيانًا أياماً قبل تلقى العلاج، مشيرًا إلى أن بعض غرف العمليات تضاء بالهواتف النقالة لانقطاع الكهرباء، وتجرى العمليات الجراحية أحياناً بدون تخدير.

بدورها، قدرت الأمم المتحدة أن أكثر من 65 ألف وحدة سكنية دمرت فى قطاع غزة منذ بداية الحرب.

وقال مكتب تنسيق الشئون الإنسانية التابع للأمم المتحدة: «منذ 11 أكتوبر 2023 يشهد قطاع غزة انقطاع الكهرباء بعدما قطعت السلطات الإسرائيلية إمدادات الكهرباء ونفاد احتياطيات الوقود من محطة توليد الكهرباء الوحيدة فى القطاع».

وتابع «ولا يزال انقطاع الاتصالات ونفاد الوقود يعوقان بشدة المساعى التى يبذلها العاملون فى مجال تقديم المعونات لتقييم النطاق الكامل للاحتياجات فى غزة وتقديم الاستجابة الوافية للأزمة الإنسانية المستفحلة فيها».

وأضاف: «حتى يوم 11 يناير الجارى أفادت التقارير بوقوع نحو 230 حدثًا أثر على مبانى الأونروا وعلى الأشخاص الموجودين فيها».

مرحلة جديدة

بدءًا من أول يناير 2024: تشير إسرائيل إلى أنها ستبدأ فى سحب بعض قواتها من غزة فى مرحلة جديدة أكثر استهدافًا من حملتها التى تقول: إنها ستستمر لعدة أشهر. ويقول المسئولون إن هذا التحول فى التكتيكات سيبدأ فى شمال غزة، بينما يستمر القتال العنيف فى المناطق الجنوبية.

11 يناير: شنت الطائرات الحربية والسفن والغواصات الأمريكية والبريطانية عشرات الغارات الجوية فى جميع أنحاء اليمن ردًا على هجمات الحوثيين على السفن فى البحر الأحمر.

وتنفذ الولايات المتحدة ضربة أخرى فى اليمن فى اليوم التالي. ويقول الحوثيين: إن خمسة من مقاتليهم قتلوا فى الضربات الأولية، وإنهم سينتقمون ويواصلون هجماتهم على السفن.

وفى 11 يناير أيضًا، تستمع محكمة العدل الدولية إلى البيانات الافتتاحية فى قضية تتهم فيها جنوب إفريقيا إسرائيل بارتكاب حملة إبادة جماعية تقودها الدولة ضد السكان الفلسطينيين، وتنفى إسرائيل هذا الاتهام.