السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
خبر مزعج كل أسبوع

خبر مزعج كل أسبوع

لا يدرك الجيل الحالى معنى الحياة الهادئة، ربما يقرأون عنها وربما يتخيلون كيف يمكن أن تكون ولكن للأسف فإن أى تخيل لن يكون مشابها لواقع تلك الحياة كثيرا، فالحياة الهادئة التى أقصدها ليست هى حياة الانسان الأول، بالطبع كانت هادئة ولكن ما أقصده هى الحياة قبل عصر المعلومات، عندما كان المذياع والتلفاز هما الوسيلة الأسرع للحصول على المعلومات والاخبار يليهما الصحف اليومية والمجلات الأسبوعية، فى هذا العصر كان كل شيء مرتبا بصورة كبيرة، وقت للاستيقاظ ووقت للعمل ووقت للطعام ووقت للراحة ووقت للتسلية ووقت للنوم، يتخلل تلك الأوقات مساحات كبيرة من وقت الفراغ والذى كان يملؤه كل منا بطريقته وبحسب بيئته والرعاية التى يتلقاها فى المنزل، البعض يقرأ ويستمع الى الموسيقى والبعض الآخر يتجول خارج المنزل، يلعب فى الشارع أو النادى أو يرتاد  دور السينما والمسرح... إلخ.



تتخلل تلك الحياة الهادئة بعض الازعاج لا شك فى هذا، حيث يأتى الازعاج فى شكل حادثة مؤلمة أو خبر مفجع أو جريمة جنائية يتحدث عنها الجميع وحتى مع انتشار وسائل الاعلام فإن الامر استمر فى حدود آمنة، فللحوادث صفحة فى الجريدة وللاخبار المحلية صفحة وكذا أيضا للاخبار الإقليمية والعالمية، اما عن المواد المصورة فإنها كانت تخضع لرقابة شخصية أولا ومؤسسية ثانيا حتى لا يحدث جرح للشعور أو الآداب العامة مع لغة كتابة رصينة ومنمقة.

حتى أفلام الرعب وأفلام الحركة لم تكن بالسرعة التى نراها اليوم فبعد دخولنا وبقوة فى عصر المعلومات والشبكات والتطبيقات وباتت سرعة تلك الأنظمة مهولة فإن كم الاخبار والمعلومات والحوادث والفواجع أصبح مهولا، يأتى من كل مكان بالصوت والصورة وبالتفصيل أيضا وبات ما يتعرض له الانسان اليوم على مدار ساعة واحدة أكثر قسوة واكثر عنفا واكثر إصابة للمشاعر والوجدان مما كان يتعرض له انسان ما قبل عصر المعلومات خلال عام أو اكثر.

ولا يتوقف الامر عند مجرد التعرض لمواد عنيفة ولسماع أخبار وحوادث مؤلمة وغريبة بل تعدى الامر ذلك الى التعرض الى الكثير من الزيف المتقن والمسمى بالزيف العميق Deep fake وهو ما يتم من خلال تقنيات الذكاء الاصطناعى والتى تتمكن من تغيير نبرة الصوت والكلمات والصور والاجسام فتجعل الشخص يتحدث بما لم يتحدث به ويقوم بفعل ما لم يقم بفعله فى الحقيقة وللأسف فإن أغلب تلك التزييفات لا غرض لها الا أحداث استنفار واستقطاب للمشاهدين وهوما ينعكس بصورة كبيرة على مشاعرهم وعلى سلوكياتهم وتصرفاتهم أيضا.

أما عن الحلول/ فلا بديل عن الاقلال من استخدام تلك المنصات والالتصاق بها كما يجب انتقاء المواد التى يراها المستخدم ولا يترك نفسه لأهوائه أو لما تقترحه تلك المنصات من مواد بناء على سوابق المشاهدات وعلى المستخدم أيضا أن يتخلص من الخوف من الفقد Fear Of missing Out  والمعروف اختصارا بالفوموFOMO وليحدث نفسه قائلا طما الذى سأفقده وما هى الخسارة التى ستعود على فى حالة إهمال تلك المواد والتوقف عن المتابعة المحمومة لكل ما ينشر وأنا متأكد بأن الإجابة ستكون بلا شىء، بل على العكس سيشعر المستخدم فى غضون أيام قليلة بالكثير من الهدوء والاتزان وراحة النفس، فلنجرب.