الأربعاء 1 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الحكـــائون

الحكـــائون

الحكاء هو شخص لديه القدرة على الحديث الشيق الممتع الجاذب للانتباه فلا يمل السامع على الإطلاق بل يصاب بحالة «توقف للبهجة» عندما ينتهى الحكاء من حكاياته ولا أتزيد إن قلت إن بعض الحكائين يصيبون مريديهم بنوع من الإدمان فيبحثون عنهم وعن مجالسهم أو تسجيلات لها فى كل مكان وذلك للعودة إلى حالة النشوة والامتلاء مرة أخرى.



بعض الحكائين يسطر ما يفكر فيه فتكون إبداعاته مكتوبة مثل الأديب الكبير خيرى شلبى والملقب بشيخ الحكائين أو مثل الرائع محمود السعدنى الذى جمع بين موهبة الكتابة والحكى وهى التى أعتقد أنها قد تكون متأصلة فى عائلة السعدنى فنجدها فى أخيه الفنان الكبير صلاح السعدنى وفى ابنه الصحفى اللامع الأستاذ أكرم السعدنى الذى يقدم حلقات حكى رائعة على موقع اليوتيوب تحت عنوان «سعدنيات».

البعض الآخر من الحكائين لا توجد له أى كتابات، فموهبته تنحصر فى الحكى دون الكتابة وهؤلاء كثر منهم المعروف ومنهم غير المعروف ولا أكون مبالغًا إن قلت إننى قد قابلت بعض من هؤلاء فى أماكن غريبة كوسائل المواصلات أو أثناء الانتظار فى أحد الطوابير.

وفى الغالب فإن الحكائين يتميزون بخفة الدم والسخرية اللاذعة هذا بالإضافة طبعا إلى وضوح الهدف والعبرة مما يحكون، وذلك بأسلوب سهل وبسيط ومتسلسل يساعد على ترسيخ الأفكار فى الأذهان وهى موهبة قلما نجدها اليوم فى الكثير مما نسمع ونشاهد ونقرأ، فللإسف يعتقد الكثيرون أن العمق يتطلب التجهم والتعقيد والتقعر فى الحديث مما يجعل الحديث فى النهاية من النوع الذى يطلق عليه «مالوش رأس من رجلين» كما أن الشخص المتصنع العمق لا يأبه كثيرًا بما يراه من مظاهر الملل أو التثاؤب أو النعاس الذى قد يعترى الحضور حيث إن كل تركيزه يكون منصبًا فى أدوات العمق التى يحاول بها ومن خلالها التأثير على الجماهير.

تأتى أهمية الحكائين فى عصر المعلومات ومن خلال منصات التواصل الاجتماعى كتحدى لذائقة الجمهور الحديث الذى لا يستطيع أن يشاهد مقطعًا مصورًا طويلًا بتعريف هذا الزمان أى الذى تزيد مدته على ثلاث دقائق وهنا يكمن التحدى والسحر فى أسلوب الحكاء الذى يستطيع أن يبقى هذا المستخدم المتوتر الملول فى حالة انجذاب وتركيز لمدة قد تزيد على الساعة أو الساعتين ولذلك ادعو الحكائين المعاصرين ان يقوموا بتدريب مجموعة من الأجيال الجديدة على تلك الأساليب الرائعة حتى لا تندثر تلك الموهبة وتضمحل ويقل أعداد العارفين بها هذه الأيام وما يليها على حد سواء.