السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

بمناسبة مرور سنوات على إقرار دستور 2014

«روزاليوسف» تنشر النص الكامل للمبادئ العشرين المستحدثة للمحكمة الدستورية العليا

قال المستشار بولس فهمى رئيس المحكمة الدستورية العليا: إنه بالتزامن مع مرور 10 سنوات على دستور 2014 فإن هذا الدستور  يعد العقد الاجتماعى الذى ارتضى به الشعب ووافق عليه فى 18 يناير 2014، بجانب حرص القيادة السياسية ووعيها بأهمية إعلاء القيم الدستورية وتعميق مبادئ الدولة القانونية، ودعمها لإعلام الداخل والخارج، باستواءِ الدولة المصرية على مدارج الشرعية الدستورية، أثره الأكيد فى إلهام الجمعية العامة للمحكمة الدستورية العليا، فى تفعيل وإنفاذ أحكام وقرارات هذه المحكمة، للمبادئ التى استحدثتها الوثيقة الدستورية القائمة التى تقبل دوما تطويرا وتعديلا يتوافق مع اعتبارها وثيقة تقدمية تسعى لتحقيق المصلحة الفضلى للدولة والمواطنِ معًا، بالإضافة إلى تعميقِ مبادئِ الدولةِ القانونيةِ، ودعمِها لإعلامِ الداخلِ والخارجِ، باستواءِ الدولةِ المصريةِ على مدارجِ الشرعيةِ الدستوريةِ.



وأشار إلى أن قضاة المحكمة الدستورية العليا أسهموا فى تفعيل وإنفاذ أحكام هذا الدستور، من خلال دعاوى دستورية القوانين التى تحتاج رقابة دستورية عليها، وحيث تتنامى أحكام وقرارات المحكمة مع المبادئ المستحدثة فى هذا الدستور التى بلغت 20 مبدأ.

وشدد المستشار بولس فهمى رئيس المحكمة الدستورية العليا، على أن المحكمة تحقق طفرة كبيرة فيما يتعلق بالعدالة الناجزة وسرعة الفصل فى القضايا والطعون التى تنظرها، مشيرًا إلى أن المحكمة نجحت فى الفصل فى نحو 1473 قضية خلال العام القضائى الماضى متربعة فوق قمة القضاء الدستورى الدولى فى هذا المجال، وأن المحكمةُ الدستوريةُ العليا فى قضائِها تتخذ الدستور نِبراسًا لأحكامِها، وتَعمَلُ على إِدراكِ التوازنِ بينَ نصوصِ الدستورِ، لتحققَ بذلكَ وحدةً عضويةً متماسكةً بينَ أحكامِهِ؛ فحقوقُ وحرياتُ المواطنينَ تلتئمُ معَ واجباتهِم العامةِ، وهويةِ الدولةِ المصريةِ بُمقوماتِها الاجتماعيةِ والاقتصاديةِ والثقافيةِ، يعملُ على توكيدِها نظامُ الحكمِ بسلطاتِه الثلاثِ، والقواتُ المسلحةُ والشرطةُ والمجالسُ القوميةُ والهيئاتُ المستقلةُ والأجهزةُ الرقابيةُ تباشرُ اختصاصاتِها التى كَفَلَهَا الدستورُ، منضبطةً فى ممارستِها بالحدودِ التى انتظمَها بابُ سيادةِ القانونِ.

وشدد بولس فهمى على أنَّ المحكمةَ الدستوريَة العليا لا تَعْرِضُ لنصوصِ الدستورِ، مجردةً عنْ رقابتهِا القضائيةِ علَى دستوريةِ القوانينِ واللوائحِ، ومن ثم فإن قضاءِ هذهِ المحكمةِ فى شأنِ المبادئِ الدستوريةِ المستحدثةِ، سيقتصرُ بالضرورةِ على ما عُرِضَ مِنها علَىٰ المحكمةِ، ولا يمتدُّ إلى ما لم يُعَرضْ عليها بَعدُ.

واستعرض المستشار بولس فهمى أهم 20 مبدأ أقرته المحكمة الدستورية العليا، خلال الأحكام والقرارات التى أصدرتها فى القضايا التى نظرتها فى ضوء ما استحدثه دستور 2014.

كما أوضح المستشار بولس فهمي، رئيس المحكمة الدستورية العليا، على أن الدولة تبذل جهودا مكثفة فى ملف حقوق الإنسان وتشريعات عدة خرجت للحفاظ على حقوق المواطن وحرياته، وان مصر لديها مؤسسات بالدولة قائمة على تنفيذ هذه المبادئ الدستورية فى حقوق الإنسان والكرامة الإنسانية، فالسجون والمحبوسون يخضعون لإشراف النيابة العامة، وهى جزء من السلطة القضائية، وهى المنوط بها الإشراف على السجون، وصدرت عدة تشريعات فيما يتعلق بتأهيل السجون وحفظ الكرامة الإنسانية للمسجونين، وهناك قفزة هائلة فيما يتعلق بالسجون كمؤسسات عقابية تهدف إلى الإصلاح والتأهيل.

وذكر «بولس» فى معرض تفنيده لمفهوم حقوق الانسان المكفول بنص الدستور والقانون داخل المؤسسات العقابية الإشراف على المؤسسات العقابية فى أغلب الدول، يخضع لوزارة الداخلية أو جهة الأمن، ولكن عندما ينص الدستور المصرى على أنه يخضع لإشراف النيابة العامة، فهذه قفزة كبيرة جدا، فى مسألة حقوق الإنسان، ولا توجد مدينة فاضلة، إنما الدولة المصرية تحاول الوصول إلى أعلى مراتب الفكر الديمقراطى لتتواكب مع هذا الدستور، فهو وثيقة تقدمية لا يوجد شيء يحول دون تعديلها، موضحًا أن الدستور المصرى كفل حقوق السجناء بأن جعل الرقابة عليها للنيابة العامة، بالإضافة للطفرة التى شهدتها السجون المصرية فأصبحت مثالًا للإصلاح والتأهيل والحفاظ على كرامة السجناء.

من جانبه قال المستشار طارق شبل نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا والمتحدث الرسمي: إن الرقابة الدستورية اللاحقة للمحكمة على التشريعات ليست شعارًا ولكن حقيقة وواقع استقر فى وجدان الأمة وضمير الشعب وتجاوز فى مضمونه حدود الإقليم المصري، مشيرًا إلى العديد من القواعد والأحكام التى أقرتها المحكمة الدستورية العليا أصبحت محل استشهاد وثناء من جانب العديد من الكتاب والمشرعين الدوليين الذين يتناولون المسائل المتعلقة بالدساتير والقوانين.

لقد حرص المشرع الدستورى المصري، منذ صدور دستور 1971، وحتى دُستورنا الحالي، الصادر فى 18 يناير 2014، على النص على المحكمة الدستورية العليا، باعتبارها جهة قضائية مستقلة، قائمة بذاتها، مبينًا اختصاصاتها.

فحددت الفقرة الأولى، من المادة (192) من الدستور الحالي، تلك الاختصاصات على سبيل الحصر، فى ستة اختصاصات، تتمثلُ فى الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح.

وكذلك فى تفسير النصوص التشريعية، والفصل فى المنازعات المتعلقة بشئون أعضائها، والفصل فى تنازع الاختصاص، بين جهات القضاء، والهيئات ذات الاختصاص القضائي، والفصل فى النزاع الذى يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين، متناقضين، صادر أحدهما من أي جهة من جهات القضاء، أو هيئة ذات اختصاص قضائي، والآخر من جهة أخرى منها، وكذا الفصل فى المنازعات المتعلقة بتنفيذ أحكامها، والقرارات الصادرة منها.

وأعطت الفقرة الثانية من ذات المادة، للقانون، أن يعين الاختصاصات الأخرى للمحكمة، فصدر القانون رقم 137 لسنة 2021؛ مضيفًا اختصاصًا سابعًا لها، يتمثلُ فى الرقابة على دستورية قرارات المنظمات الدولية، وأحكام المحاكم الأجنبية، المطلوب تنفيذها، فى مواجهة الدولة المصرية.

وقال شبل: إن الرقابة التى تباشرها المحكمة، مردُها وأساسُها، مبدأ سمو الدستور؛ باعتباره القانون الأساسى الأعلى، الذى يُرسى القواعد والأصول، التى يقوم عليها نظام الحكم.

وهذه الرقابة الدستورية، لم تكن أبدًا، محض شعار يتشح به الوطنُ، وتزدانُ به الجماعة، إنما هى حقيقة وواقع، استقر فى وجدان الأمة وضميرُ الشعب.

بل جاوز قضاؤها، بمضمونه، حدود الإقليم المصري، وصار لافتًا بأهميته، أنظار كثيرين من رجال الفقه الدستوري، فى الدول الغربية.

ونوه شبل إلى أن الفقيه الأمريكى «ناثان براون»، الأستاذ بجامعة جورج واشنطون، قد ذهب فى مؤلفـه، (القاعدةُ القانونيةُ فى العالم العربي)، إلى أن: المحكمة الدستورية العليا المصرية، بالنظر إلى هيكلَها وولايتها، وكيفية تشكيلها، أثبتت قُدرتها أكثر من أي جهة قضائية غيرها، على أن تطور مداخل متماسكة، لمواجهة كل المسائل الدستورية الأساسية، التى تواجه بلدها.

وتنشر «روزاليوسف» النص الكامل للمبادئ الدستورية العشرين التى أقرتها المحكمة الدستورية العليا خلال مؤتمرها الصحفى العالمى والتى استخلصَتْها المحكمةُ منْ الأحكام الدستوريةٍ المستحدثةٍ عدة مبادئ، أعملتها علىٰ الدعاوَىٰ والطلباتِ المعروضةِ عليها، نعرض منها عشرينَ مبدأً، فى إشارةٍ موجزةٍ لكل منها وهى: 

(1) الفصلُ بينَ سلطاتِ الدولةِ يتكاملُ معَ التوازنِ بينَها، إذ نصَّتْ على هذا المبدِأ المادةُ الخامسةُ من الدستورِ.. وفى إطاره قضت المحكمةُ الدستوريةُ العليا بعدمِ قبولِ الدعوىٰ المحالةِ، طعنًا على دستوريةِ قرارِ مجلسِ النوابِ رقمِ 1 لسنةِ 2016، بعدمِ الموافقةِ على قرارِ رئيسِ الجمهوريةِ بالقانونِ رقمِ 18 لسنةِ 2015 بشأنِ الخدمةِ المدنيةِ، مع اعتمادِ نفاذهِ خلالَ الفترةِ منْ تاريخِ العملِ بهِ حتىٰ العشرينَ مْن ينايرَ سنةَ 2016.. حيث تسانَدتْ المحكمةُ فى قضائِها إلى أنَّ ذلكَ القرارَ لا يُعدُّ فى ذاتِهِ عَمَلًا تشريعيًّا يخضعُ لرقابةِ المحكمةِ الدستوريةِ العليا، إنما هوَ عملٌ برلمانيٌّ يتولاهُ مجلسُ النوابِ، فى نطاقِ اختصاصٍ محجوزٍ للمجلسِ بتقديرِ عدمِ ملاءمةِ إصدارِ التشريعِ، وقصرِ اعتمادِ نفاذهِ خلال الفترةِ السابقةِ على قرارِ مجلسِ النوابِ المشارِ إليهِ. ومنْ ثَّم؛ تكونُ سُلُطُات الدولةِ مُمثلةً فى رئيسِ الجمهوريةِ ومجلسِ النوابِ والمحكمةِ الدستوريةِ العلياِ، قدْ استقلَّ كٌّل مِنها بمباشرةِ اختصاصهِ المحددِ دستوريًّا، فى مواجهةِ تشريعٍ بذاتِهِ، كأثرٍ مِن آثارِ التوازنِ بيَن هذهِ السُلُطاتِ وذلك فيما يخص (الدعوى رقم 86 لسنة 38 قضائية «دستورية» بجلسة 2/7/2022). 

(2) المساواة بين المرأة والرجل فى تولى الوظائف العامة

أبانَتْ هذا المبدأَ المادةُ الحاديةَ عشرةَ منَ الدستورِ، وعلى ضوئه قضَتْ المحكمةُ برفضِ الدعَوىٰ المقامةِ طعنًا على دستوريةِ النصِّ المنظمِ لتشكيلِ محكمةِ الأسرةِ، فيما تضمنَهُ مِنْ أنْ يكونَ أحدُ الخبيريَنِ المعينَينِ بتشكيلِ محكمةِ الأسرةِ «على الأقّلِ» منَ النساءِ، وتأسسَ قضاءُ هذه المحكمةِ علىٰ سندٍ من أنَّ النصَّ المطعونَ فيهِ شُيدَ على قاعدةٍ موضوعيةٍ، مُؤداها: أنَّ منازعاتِ الأسرةِ تدورُ فى غالبِها الأَعَمِّ حولَ النساءِ والأطفالِ، فيكونُ تمثيلُ المرأةِ كخبيرٍ فى تشكيلِ المحكمةِ التى تنظرُ تلكَ المنازعاتِ قائمًا على أسس مبررة، توخى بها المشرع تحقيق مصلحة مشروعة، بما يكون لهُ سندٌ منَ النصِّ الدستوريِّ المارِ ذكُره وفق (الدعوى رقم 56 لسنة 27 قضائية « دستورية» بجلسة 11/4/2015)

(3) حقُ المواطنينَ فى شغلِ الوظائفِ العامةِ علَى أساسِ الكفاءةِ دون مُحاباةٍ

 والذى قرِّرَ هذا المبدأَ المادة الرابعةَ عشرةَ مِنَ الدستورِ، وبِناءً على هذا المبدأ قَضَتْ المحكمةُ بعدمِ دستوريةِ تشريعٍ يقررُ أفضليةً خاصةً لأبناءِ العاملينَ فى الجهةِ التى يحكمُها ذلكَ التشريعُ بالتعيينِ فيها، وذكرتْ المحكمةُ فى أسبابِ حكمهاِ أنَّ النصَّ الطعينَ يتضمنُ تمييزاً تحكميًّــا، لا يستندُ إلى أسسٍ موضوعيةٍ، ذلكَ أنَّ الانتماءَ الأُسرىَّ لا يُمَثلُ مَزِيّةً استثنائيةً تمنحُ صاحبَها معاملةً تفضيليةً فى شغلِ الوظائفِ العامةِ، التى لا يكونُ شغلُها إلا علىٰ أساسِ الكفاءةِ، ودون محاباةٍ وفق ( الدعوى رقم 89 لسنة 42 قضائية « دستورية» بجلسة 4/6/2022). 

(4) تكريمُ شهداءِ الوطنِ وفق المادة السادسةَ عشرةَ منَ الدستورِ.

وعلى هديه قَضت المحكمةُ بعدمِ دستوريةِ نصٍّ تشريعيٍّ يحظرُ جمعَ الأمِّ بينَ المعاشِ المستحقِ لها عَنْ وفاةِ ابنِها الشهيدِ أثناءَ أدائِهِ الخدمةَ العسكريةَ، والمعاشِ المستحقِ لَها عَنْ زوجِها, وتسانَد قضاءُ المحكمةِ إلَى أنَّ النصَّ الطعينَ قدْ انطوَىٰ على إخلالٍ بالالتزامِ الدستوريِّ بتكريمِ شهداءِ الوطنِ انطلاقًا من ( الدعوى رقم 53 لسنة 34 قضائية «دستورية» بجلسة 1/2/2020).

(5) توفيرُ المناخِ الجاذبِ للاستثمارِ، حيث نَصَّتْ على هذا المبدِأ المادةُ الثامنُة والعشرونَ من الدستورِ، وفِى إطاره قَضَتْ المحكمةُ برفضِ الدعوىٰ المقامِة طعنًا على دستوريةِ قانونِ تنظيمِ بعضِ إجراءاتِ الطعنِ على عقودِ الدولةِ.

وَتَسَانَدَتْ فى قضائِها إلى أنَّ الاستثمارَ بوصفِهِ قاطرةَ التنميةِ الاقتصاديةِ، يتسعُ لمساهمةِ الوحداتِ الإنتاجيةِ للدولةِ وللقطاعِ الخاصِّ.

(6): تحفيزُ القطاعِ الخاصّ نظَمَتْ هذا المبدأَ المادةُ السادسُة والثلاثونَ منَ الدستورِ وبِناًء على هذا المبدأ قَضَتْ المحكمةُ برفضِ الدعوىٰ المقامةِ طعنًا على دستوريةِ تشريعٍ يُلزِمُ المنشآتِ الخاضعةَ لأحكامِه بسدادِ نسبةِ 1% من صافى أرباحِها لصالحِ صندوقِ تمويلِ تدريبِ وتأهيلِ العاملينَ بالقطاعِ الخاصِّ وتسانَدَتْ المحكمةُ فى قضائِها أنَّ تحقيقَ العدلِ المنصوصِ عليهِ فى المادةِ ( 4 ) من الدستورِ، فى مجالِ علاقاتِ العملِ والنشاطِ الاقتصاديِّ، يتطلبُ مشاركةً حقيقيةً مِنْ جانبِ أصحابِ الأعمالِ للارتقاءِ بالمستوى الفنيِّ للعاملينَ لديهِم، وتأهيلهِم بما يَدفعُ بعجلةِ العملِ إلى الأمامِ، وينعكسُ أثرُه بالضرورةِ على جودةِ الإنتاجِ والخدماتِ التى تقدمُها منشآتُ القطاعِ الخاصِّ، ويسهُم بالتالى فى تحفيزِ القطاعِ الخاصِّ لأداء مسئوليته الاجتماعية، بما يؤدى الى تنميةِ الاقتصادِ الوطنيِّ، الذى حرصَ الدستورُ على توكيدِهِ.(الدعوى رقم 269 لسنة 31 قضائية « دستورية» بجلسة 5/3/2022).

(7): حمايُة الكرامةِ الإنسانيةِ أوضحَت هذا المبدأَ المادةُ الحاديةُ والخمسونَ من الدستورِ وفى إطاره قضَتْ المحكمةُ بعدمِ دستوريةِ النصوصِ الجزائيةِ التى تفترضُ قيامَ قرينةٍ قانونيةٍ، يُكَلفُ المتهمُ بنفيِها، خلافًا لأصلِ البراءةِ المعدودِ منَ الحقوقِ الطبيعيةِ، التى تصاحُب الإنسانَ منذُ وجودِه، ولا تنفصلُ عنه إلا بحكمٍ باتٍّ بالإدانِة، بما يستوجبُ إقامةَ سلطةِ الاتهامِ الدليلَ القاطعَ على ما ينقضُ هذا الأصلَ، الذى حَّرَم الدستورَ تعطيلَهُ أو الانتقاصَ منهُ، باعتبارِهِ حقًّا يرتُبط بالكرامةِ الإنسانيةِ.(الدعوى رقم 96 لسنة 27 قضائية «دستورية» بجلسة 7/3/2020).

(8): التعويضُ عن الحبسِ الاحتياطيِ فى أحوالِ انتفاءِ المسئوليةِ الجنائيةِ اذ نصَّتْ على هذا المبدأِ المادة الرابُعة والخمسونَ من الدستورِ وفى ضوئه قضَتْ المحكمةُ بعدمِ دستوريةِ حرمانِ الموظفِ، الذى يُحبسُ احتياطيًّا، مِنْ نصفِ أجرهِ، عنْ مدةِ حبسِهِ، فى مجالِ سريانِهِ على حالاتِ انتفاءِ المسئوليةِ الجنائيةِ بحكمٍ نهائّيٍ، أو قرارٍ قضائيٍّ لا يجوزُ الطعنُ عليهِ.

وتسانَدَتْ المحكمةُ فى قضائِها إلى عدمِ دستوريةِ نصٍّ تشريعيٍّ بقانونِ الخدمةِ المدنيةِ، يَحرِمُ المخاطبينَ بِهِ، من استيداءِ نصفِ الأجرِ الوظيفيِّ المحرومِ منُه الموظفُ خلالَ مدةِ حبسِهِ الاحتياطِيّ، فيما لَوِ انتفَتْ مسئوليتُهُ الجنائيةُ بصورةٍ نهائيةٍ، عنِ الوقائعِ التى حُبسَ عنْها، إذْ يَغُدو استردادُ الموظفِ نصفَ أجرِه، بمثابةِ تعويضٍ، عمَّا لَحِقَهُ من خسارةٍ، إنفاذًا للالتزامِ الدستوريِ الواردِ فى المادةِ ( 54) مِنَ الدستورِ انطلاقًا من نظر (الدعوى رقم 100 لسنة 43 قضائية « دستورية» بجلسة 4/11/2023). 

(9): حمايُة الملكيةِ الفكريةِ، قررتْ هذا المبدأَ المادةُ التاسعةُ والستونَ من الدستور؟،ِ حيث قَضَتْ المحكمةُ برفضِ الدعوىٰ المقامِة طعنًا على تشريعٍ، يقرُر منحَ اتحادٍ، يعمُل على حمايةِ حقوقِ الملكيةِ الفكريةِ، نسبةً مِنْ حصيلةِ التصرفِ فى الإنتاجِ الفكريِّ، الذى سقَطَ عنهُ حقُ المؤلفِ.

(10): الحقُ فى التظاهر، إذ نصَّتْ على هذا المبدأِ المادةُ الثالثةُ والسبعونَ من الدستورِ وفى إطاره قَضَتْ المحكمةُ بعدمِ دستوريةِ نصَّينِ تشريعيَينِ، فيما تضمناهُ مِنْ تنظيمٍ للإخطارِ بالتظاهرِ، يمنحُ وزيرَ الداخليةِ أوْ مديرَ الأمنِ سلطة منعِ التظاهرةِ، أوْ نقلِها، أو إرجائِها.

تسانَدتْ المحكمةُ فى قضائِها إلى أنْ ذلكَ التنظيمَ إنما يَتَحَولُ معهُ الإخطارُ إلى إذنٍ، يُوقعُ التشريعَ فى حمأةِ المخالفةِ الدستوريةِ، ويقيدُ الحقَ فى التظاهرِ بقيودٍ تنالُ مِن جَوهرِه وتُنُاقُضُ طبيعتَهُ ( الدعوى رقم 160 لسنة 36 قضائية « دستورية» بجلسة 3/12/2016)

(11) حظرُ حلِ هيئاتِ ومؤسساتِ المجتمعِ المدنِيّ أو مجالسِ إدارتِها إلا بحكمٍ قضائيٍ، حيث أبانَتْ هذا المبدأَ المادةُ الخامسةُ والسبعونَ منَ الدستورِ وعليه فقد قضَتْ المحكمةُ بعدمِ دستوريةِ تشريعٍ يُخَوَّلُ وزيَر التضامنِ الاجتماعيِّ، أوْ مَنْ يقومُ مقامَهُ، سلطةَ عزلِ مجالسِ إدارةِ الجمعياتِ والمؤسساتِ الأهليةِ.

وتسانَدَتْ المحكمةُ فى قضائِها إلى أنَّ التشريعَ المقضيَ بعدمِ دستوريتِهِ، الذى أدركَهُ الدستورُ القائمُ، يُسِلّطُ جهةَ الإدارةِ على هيئاتِ ومؤسساتِ المجتمعِ المدنيِّ، على نحوٍ يعوقُ الأهدافَ التى تسعَى لتحقيقِها، بما يُقوِّضُ نشاطَها، ويتصادمُ مع الالتزامِ الدستوريِّ بالحقِ فى تكوينِها على أساسٍ ديمقراطيٍّ بعد نظر الدعوى رقم 160 لسنة 37 قضائية « دستورية» بجلسة 2/6/2018.

(12): رعايةُ الدولةِ للشبابِ والنشءِ، إذ نص على هذا المبدأ المادةُ الثانيةُ والثمانونَ مِنَ الدستورِ وفيه قضتْ المحكمةُ بصحةِ تشريعِ يُعفِى الهيئاتِ الرياضيةَ مِن مقابلِ استهلاكِ المياهِ, على سندٍ مِنْ أَنَّ عدمَ استقطاعِ جزءٍ مِنَ المواردِ الماليةِ للهيئاتِ الرياضيةِ وبقائها مخصصةً لمزاولةِ أنشطتها المتصلةِ بالمصلحةِ العامةِ، التى تُعدُّ رعايةُ الشبابِ والنشءِ، وتنميةُ قدراتِهم المختلفةِ.

(13): رعايةُ مصالحِ المصريينَ فى الخارجِ، حيث نظم هذا لمبدأَ المادةُ الثامنةُ والثمانونَ من الدستور و بِناءً على هذا المبدأ قَضَتْ المحكمةُ بعدمِ دستوريةِ تشريعٍ يمنعُ مزدوجَ الجنسيةِ مَن الترشحِ لعضويةِ مجلسِ النوابِ، على سندٍ من أنَّ الدستورَ أوردَ الشروطَ الجوهريةَ المتطلبةَ فى طالبِ الترشحِ لمجلسِ النوابِ، فلا يجوزُ للمشرعِ العاديِّ الخروجُ عليها سواءً بتقييدِها، أوِ الانتقاصِ مِنها، بما يهددُها، أوْ يفرغُها مِنْ مضمونِها، وَمِنْ بَيِن هذهِ الشروطِ حملُ الجنسيةِ المصريةِ، على نحوٍ مطلقٍ مِن أيِّ قيدٍ أوْ شرطٍ، خلافًا لشروطِ ترشحِ رئيسِ الجمهوريةِ، أو مَن يُعَيَّنُ رئيسًا لمجلسِ الوزراءِ، وإذْ أضافَ التشريعُ المطعونُ عليهِ قيدًا أو شَرطًا، بالانفرادِ بالجنسيةِ المصريةِ، فإنهُ يكونُ قد خالفَ النصَّ الدستوريَّ فى شأنِ التزامِ الدولةِ برعايةِ مصالحِ المصريينَ المقيمينَ بالخارجِ، وتمكينهِم مِنْ أداءِ واجباتِهم نحوَ الدولةِ والمجتمعِ.

(الدعوى رقم 24 لسنة 37 قضائية «دستورية» بجلسة 7/3/2015).

(14): حرياتُ المواطنينَ وحقوقُهم لا تقبلُ تعطيلًا ولا انتقاصًا، أوضَحَتْ هذا المبدأَ المادةُ الثانيةُ والتسعونَ من الدستورِ.

(15): التزامُ الدولةِ بالمواثيقِ الدوليةِ لحقوقِ الإنسانِ، نَصِّتْ علَى هذا المبدِأ المادةُ الثالثُة والتسعونَ من الدستورِ. وفى إطاره قضَتْ المحكمةُ برفضِ الطعنِ علَى دستوريةِ مادتَينِ فى قانونِ العملِ، أوجبتَا اللجوءَ ابتداءً إلى طريِق المفاوضةِ الجماعيةِ فى منازعاتِ العملِ الجماعيِة.

(16): ضوابطُ الاختصاص التشريعيِ لرئيسِ الجمهوريةِ، أوضحَتْ هذا المبدأَ المادةُ السادسةُ والخمسوَن بعدَ المائةِ منَ الدستورِ وفى ضوئه حددتْ المحكمةُ مفهومَ حالةِ الضرورةِ التى تجيزُ لرئيسِ الجمهوريةِ إصدارَ قراراتٍ بالقوانينَ، إذا كان مجلس النواب غير قائم، فقالتْ بوجوبِ تلبيتِها للاحتياجاتِ التى يوجبُها صونُ مقوماتِ المجتمعِ الأساسيةِ، وحددَتْ الطبيعةُ الدستوريةُ لقراراتِ رئيسِ الجمهوريةِ بالقوانينِ، فقالتْ: إنها تلازمُها شرعيةٌ دستوريةٌ مؤقتةٌ، حتى تخضعَ لرقابةِ مجلسِ النوابِ فى الفصلِ التشريعيِّ الجديدِ، وبالإجراءاتِ المقررةِ فى النصِّ الدستوريِّ المشارِ إليهِ، ولا يَحولُ إقرارُها مِنْ مجلسِ النوابِ، دونَ خضوعِها لرقابةٍ قضائيةٍ تباشرُها المحكمةُ الدستوريةُ العليا، تشملُ الأحكامَ الشكليةَ والموضوعيةَ لتلكَ القراراتِ بالقوانينِ، وذلكَ إنفاذًا للالتزامِ الدستوريِّ بالتوازنِ بينَ سلطاتِ الحكمِ فى البلادِ.

( الدعوى رقم 126 لسنة 38 قضائية « دستورية» بجلسة 4/1/2020).

(17): اختصاصُ مجلسِ الدولةِ دونَ غيرِهِ بالفصلِ فى المنازعاتِ الإداريةِ، حيث قررتْ هذا المبدأَ المادةُ التسعونَ بعَد المائةِ منَ الدستورِ, وبِناءً على هذا المبدأ قَضَتْ المحكمةُ بعدمِ دستوريةِ نصوصٍ بقانونَيِ الضريبةِ العامةِ على المبيعاتِ والضريبةِ على الدخلِ، فيما تضمنَتْه مِنْ عقدِ الاختصاصِ للمحكمةِ الابتدائيةِ، بالفصلِ فى الطعونِ التى تقامُ منَ الممولينَ على قراراتِ لجانِ الطعنِ الضريبيِّ، باعتبارِ أنَّ هذهِ الطعونَ تدخُل فى عدادِ المنازعاتِ الإداريةِ التى يختصُّ مجلسُ الدولةِ بالفصلِ فيها دونَ غيرِهِ. 

(الدعوى رقم 70 لسنة 35 قضائية « دستورية» بجلسة 25/7/2015) .

(18): الحجيةُ المطلقةُ لجميعِ أحكامِ وقراراتِ المحكمةِ الدستوريةِ العليا، قررَتْ هذا المبدأَ المادةُ الخامسةُ والتسعونَ بعدَ المائةِ مِنَ الدستورِ.

وتعرضَتِ المحكمةُ لمفهوم الحجيةِ المطلقةِ لأحكامِها فى دعاوَى التنازعِ، ومنازعاتِ التنفيذِ، فعرَّفَتْها أَنّها تَلْحقُ– نِطاقًا – بِما قد تتضمَنُهُ هذهِ الأحكامُ مِنْ تقريراتٍ دستوريةٍ، تَعرِضُ لنصوصٍ – بذاتِها - مِنَ الوثيقةِ الدستوريةِ، لَها محلٌ مِنَ الإعمالِ علىٰ وقائعِ النزاعِ الموضوعيِّ، ومؤديةً - لُزومًا – إلى الفصلِ فى موضوعِهِ، بما يعكسُ بيانَ هذهِ المحكمةِ لمؤدَى تلكَ النصوصِ الدستوريةِ، وإفصاحِها عن دلالَتهِا، فيكونُ إلزامُها للكافةِ ولجميعِ سُلُطاتِ الدولةِ، بما أقَّرتْهُ فى شأنِها مِنْ مفاهيمَ متعينًا، ولا كذلكَ الحالُ بالنسبةِ لغيرهاِ مِنْ عناصرِ الحكمِ فى دعاوَى التنازعِ ومنازعاتِ التنفيذِ، التى يثبتُ لقضاءِ المحكمةِ فيها، قُوة الأمرِ المقضيِّ فيهِ، فتلحَقُ بمنطوقِها والأسبابِ المرتبطةِ بهِ ارتباطًا حتميًّا، قِبَلَ أطرافِ خصومةِ الموضوعِ، وفى مواجهةِ جميعِ المخاطبينَ بتنفيذِهِ وإعمالِ آثارِهِ دونَ غيرِهم.

(الدعوى رقم 65 لسنة 41 قضائية «منازعة تنفيذ» بجلسة 15/10/2022).

(19): مشاركُة المحاماةِ للسلطةِ القضائيةِ فى تحقيقِ العدالةِ، نصَّتْ على هذا المبدأَ المادةُ الثامنةُ والتسعونَ بعدَ المائةِ مِنَ الدستورِ، وعلى هديه قَضَتْ المحكمةُ برفضِ الدعوىٰ المقامِة طعنًا على تشريعٍ فى قانونِ المحاماةِ، لا يجيزُ قبولَ صُحُفِ الدعاوى أمامَ محكمةِ الاستئنافِ، ومَا يعادلُها منْ درجاتِ التقاضي، إلا إذا كانَ مُوَقَّعًا عليها مِنْ مُحامٍ، وإلا حُكِمَ بِبُطلانِ الصحيفةِ.

وأسستْ المحكمةُ قضاءَها على أن َّالتشريعَ المطعونَ فيهِ إنما يتوخَىٰ للخصومةِ القضائيةِ عناصَر جديتِها، مِنْ خلالِ إقامتِها من مُحامٍ يكونُ مهيأً لإعدادِ صحيفتِها، وهوَ ما لا يتضمنُ مصادرةً لحقِ الدفاعِ أو تقييدًا لحقِ التقاضي، بل تنظيمًا لكليهما، أوجبَه إعمالُ النصُّ الدستوريُّ المارُ بيانهُ.

(الدعوى رقم 28 لسنة 38 قضائية « دستورية» بجلسة 3/11/2018)

(20): ديباجةُ الدستورِ وجميعُ نصوصِهِ

تشكلُ نسيجًا مُترابطًا، وكلًّا لا يتجزأ.