الإثنين 6 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
أم كلثوم فى المتحف الكبير

أم كلثوم فى المتحف الكبير

عندما يلتقى التاريخ والحضارة بالفن والثقافة فاعلم أنك فى مصر.. مهما تلقينا من صدمات وصعوبات يلوح دائما فى الأفق فرج الله الكبير، سبحانه وتعالى قادر على تغيير الأحوال مهما كانت ظروف الحياة. 



من الأخبار والأفكار الجيدة أن يقام حفل غنائى عالمى مساء أمس بمناسبة ذكرى مرور 100 عام على ظهور كوكب الشرق السيدة أم كلثوم.. فاطمة إبراهيم السيد البلتاجى الشهيرة بكوكب الشرق أم كلثوم والتى ولدت لأسرة متواضعة فى قرية طماى الزهايرة بمركز السنبلاوين محافظة الدقهلية، وكان والدها الشيخ إبراهيم، إمام ومؤذن مسجد فى القرية.

بدأت أم كلثوم الغناء وهى طفلة صغيرة مع والدها فى الموالد والأفراح، وفى عام 1922، انتقلت إلى القاهرة، وكانت نقطة انطلاقتها عندما تعرفت على الشاعر أحمد رامى، والملحن محمد القصبجى، لتصدر عام 1928 مونولوج «إن كنت أسامح وأنسى الأسية»، الذى حقق لها شهرة كبيرة ويدوى اسم أم كلثوم بقوة فى الساحة الغنائية، وبدأت تنافس أكبر المطربين فى ذلك العصر، وهما سلطانة الطرب منيرة المهدية، ومطربة القطرين فتحية أحمد.

صاحب فكرة إقامة الحفل الغنائى بين جدران وجنبات المتحف الكبير يستحق الإشادة والتقدير وبنظرة سريعة للقارئ الكريم فإن فكرة إنشاء المتحف المصرى الكبير بدأت فى تسعينيات القرن الماضى، وفى عام 2002 تم وضع حجر الأساس لمشروع المتحف ليُشيَّد فى موقع متميز يطل على أهرامات الجيزة الخالدة، حيث أعلنت الدولة المصرية، وتحت رعاية منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «اليونسكو» والاتحاد الدولى للمهندسين المعماريين، عن مسابقة معمارية دولية لأفضل تصميم للمتحف، وقد فاز التصميم الحالى المُقدم من شركة هينغهان بنغ للمهندسين المعماريين بأيرلندا Heneghan Peng Architects، والذى اعتمد تصميمه على أن تُمثل أشعة الشمس الممتدة من قمم الأهرامات الثلاثة عند التقائها كتلة مخروطية هى المتحف المصرى الكبير. وقد تم البدء فى بناء مشروع المتحف فى مايو 2005، حيث تم تمهيد الموقع وتجهيزه، وفى عام 2006، أُنشئ أكبر مركز لترميم الآثار بالشرق الأوسط، خُصص لترميم وحفظ وصيانة وتأهيل القطع الأثرية المُقرر عرضها بقاعات المتحف. 

وقد صدر قرار رئيس مجلس الوزراء بإنشاء وتنظيم هيئة المتحف المصرى الكبير، قبل أن يصدر القانون بإعادة تنظيم هيئة المتحف كهيئة عامة اقتصادية تتبع الوزير المختص بشئون الآثار، وقد أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسى قرارًا بتشكيل مجلس أمناء هيئة المتحف المصرى الكبير، وعضوية عدد من الشخصيات البارزة والخبراء الدوليين والمصريين.

وقد اكتمل تشييد مبنى المتحف، الذى تبلغ مساحته أكثر من 300 ألف متر مربع، خلال عام 2021، ليتضمن عددًا من قاعات العرض، التى تعتبر الواحدة منها أكبر من العديد من المتاحف الحالية فى مصر والعالم. ويُعد المتحف أحد أهم وأعظم إنجازات مصر الحديثة؛ فقد أُنشئ ليكون صرحًا حضاريًا وثقافيًا وترفيهيًا عالميًا متكاملًا، وليكون الوِجهة الأولى لكل من يهتم بالتراث المصرى القديم، كأكبر متحف فى العالم يروى قصة تاريخ الحضارة المصرية القديمة، حيث يحتوى على عدد كبير من القطع الأثرية المميزة والفريدة من بينها كنوز الملك الذهبى توت عنخ آمون والتى تُعرض لأول مرة كاملة منذ اكتشاف مقبرته فى نوفمبر 1922، بالإضافة إلى مجموعة الملكة حتب حرس أم الملك خوفو مُشيد الهرم الأكبر بالجيزة، وكذلك متحف مراكب الملك خوفو، فضلًا عن المقتنيات الأثرية المختلفة منذ عصر ما قبل الأسرات وحتى العصرين اليونانى والرومانى. 

أتوقع أن يكون هذا الصرح الذى يحتوى على تاريخ وحضارة الأجداد على مر العصور فى مصر، أن يصبح بإذن الله قبلة للسياحة العالمية فى السنوات المقبلة. 

ومن هذا المنطلق يستعد المتحف المصرى الكبير لاستقبال حفل «100 سنة أم كلثوم» بمناسبة مرور 100 عام على ظهور سيدة الغناء العربى أم كلثوم، حيث يتم غناء أشهر ما قدمت كوكب الشرق التى ما زالت خالدة فى وجدان كل الأجيال بالمنطقة العربية، وهذا الحفل يحييه كوكبة من ألمع نجوم الوطن العربي، الفنانة ريهام عبدالحكيم، والفنانة مروة ناجى، والفنانة إيمان عبدالغنى، بقيادة المايسترو والموزع الموسيقى محمد الموجى. 

نحن فى أشد الاحتياج إلى كل العقول التى تفكر خارج الصندوق، وأن نأتى بالأصوات الفنية الجميلة التى تؤثر فى الشباب حتى نستطيع الخروج من الأزمات التى تحاصرنا منذ اجتياح كورونا وبعدها الحروب التى تتعرض لها المنطقة العربية التى نحن جزء منها ومن السياقات المركبة للأوضاع الحالية. 

التركيز فى البرامج السياحية العالمية مهم جدا.. عندنا كل المقومات الجاذبة لنصبح رقما مهما فى السياحة العالمية، الاستقرار، والأمن، والمناخ الممتاز والناس الطيبة العاملين فى هذا المجال. 

«فيها حاجة حلوة» وفيه أمل فى بكرة بإذن الله طالما ظلت الأرواح فى الأجساد، وهذا ما أكده عمرو القاضى، رئيس الهيئة المصرية العامة للتنشيط السياحى الذى قال أن الفعاليات والحفلات الفنية والثقافية المتنوعة التى أقيمت فى مصر خلال السنوات القليلة الماضية لاقت رواجًا وإقبالًا واسعًا فى الداخل والخارج، لتقديمها بأسلوب محترف يرقى بأذواق الجماهير المحبة للفنون بمختلف أشكالها، وأرى أن هناك جهودا مضنية تبذلها مختلف القطاعات فى الدولة المصرية، سواء الحكومية أو القطاع الخاص لوضع خطط واستراتيجيات طموحة من أجل الترويج للسياحة المصرية، وإبراز صورة مصر الإيجابية إلى العالم، الأمر الذى يؤتى ثماره على الاقتصاد المصرى، وينعكس بشكل إيجابى على الدخل القومى لمصر.

 تحيا مصر.