السبت 30 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
شغف القراءة وسحر الكتابة

شغف القراءة وسحر الكتابة

فى كل عام ومع قدوم موعد عقد معرض القاهرة الدولى للكتاب استعيد ذكريات الماضى وبهجة الحاضر، ذلك المعرض الذى انتقلنا خلفه من أرض الجزيرة إلى أرض المعارض وأخيرًا إلى مركز القاهرة الدولى للمؤتمرات والذى إذا انتقل إلى كوكب المريخ لقمنا بشد الرحال خلفه، ومع وجود شبكات التواصل الاجتماعى أصبحنا نرى ونعرف الجديد من الكتب والإصدارات التى سيتم إطلاقها فى المعرض والحقيقة أن الفترة الحالية تشهد حالة ثقافية متميزة، نشعر بها فى كم الإصدارات وجودتها، يكتبها كبار الكتاب والمبتدءون أيضًا، نحس فيها بتنوع للأفكار ولتنوع النظرة للأمور السابقة والحالية والمستقبلية، من خلال منظور أو مناظير لم ننظر من خلالها من قبل ومن خلال طرق لم نطرقها من قبل.



لا يمكن أن أتحدث عن القراءة فشهادتى مجروحة ولكنها بالفعل تنقل الإنسان من الواقع إلى أطياف الخيال أو إلى عوالم متخصصة أخرى فى جميع المجالات العلمية والأدبية والإنسانية والاجتماعية وخلافه، شغف يجعلنا نتوقف أمام كل «فرشة جرايد» نمر بها أو فاترينة مكتبة هنا أو هناك لنعرف الجيد ونعيد التعرف على القديم، نقرأه بروح ووعى مختلفين عن القراءة الأولى، نعمل فيها العقل والمنطق ونسقط عليها الخبرات المتراكمة ونتساءل، لماذا كتب الكاتب هذا الكتاب ولماذا بوبه هذا التبويب ولماذا تناول هذه الجزئية وتغافل عن تلك ولماذا بهذا الأسلوب الأدبى أو العلمى دون الآخر ولماذا هذا السياق وإلى أين سيؤدى، أفكار كثيرة نحملها بداخلنا وتنمو أثناء رحلة القراءة لتفصلنا عن الواقع مثلما سيفعل الميتافيرس بالأجيال الجديدة، فصلا يتجاهل الزمان والمكان، ليلًا أو نهارًا،على شاطئ البحر أو فى عربة مترو مزدحمة ونعود فنتذكر أول آية و أول أمر من الله لرسوله أن «إقرا».

أما عن الكتابة فسحرها لا يمكن وصفه أو التعبير عنه، وهى عادة تأتى بعد القراءة والامتلاء، فنادرًا ما يستطيع كاتب أن يبدع قبل أن يشبع والا جاءت كتاباته ماسخة وعباراته خشبية لا روح فيها ولا معان كثيرة بداخلها، وعلى الرغم من ذلك فإن أغلب المبدعين لا يقرأون ما يكتبون بل يشعر أغلبهم بالحاجة إلى تغيير ما كتبوا أو على الأقل إضافة كلمة أو حذف عبارة ولذلك فإنهم فى الغالب يكتبون ويكتبون فقط، مثل الطالب الذى يقدم ورقة الإجابة إلى مراقب لجنة الامتحان دون أن يراجع ما كتب.

الكتابة وللعجب فإنها تحلق بالروح إلى آفاق ربما أرحب وأعلى من تلك الموجودة فى القراءة، ففى القراءة أنت ما زلت محكومًا ولو جزئيًا بالإطار الذى وضعه الكاتب أما عندما تكون أنت خلف مقود القيادة فإن الحركة والارتفاعات فى يدك تتحكم فيها بمفردك والحقيقة إننى وبعد سنوات من الكتابة أستطيع أن أقر بأن أكثر المستفيدين مما اكتب هو أنا وذلك على مستوى التعلم مثلما أتت الآية من سورة العلق «الذى علم بالقلم» وكذا أيضًا على مستوى التفريغ النفسى والارتياح والتحليق...نعم إنه السحر... سحر الكتابة.