الجمعة 3 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
روزاليوسف ضد التجريح فى الخصومة!

روزاليوسف ضد التجريح فى الخصومة!

قدم «محمد محمود باشا» استقالته إلى الملك «فؤاد» فى الثانى من شهر أكتوبر سنة 1929، ويقول مصطفى النحاس باشا فى مذكراته «تقبلت البلاد استقالة «محمد محمود» بالسرور والغبطة وأخذت الطبقات تهنئ بعضها بعضا بانتهاء عهد الديكتاتورية وعودة دستور الأمة والحياة النيابية إليها، ونشرت الجرائد أن الملك أصدر أمرًا إلى «عدلى يكن» باشا بتأليف وزارة انتقال تعيد الحقوق إلى أصحابها وتضع الأمور فى نصابها فزادت البلاد غبطة واستبشرت بعهد جديد».



وتقول السيدة روزاليوسف فى مذكراتها الصحفية: قامت وزارة جديدة محايدة برئاسة المغفور له «عدلى يكن باشا» على أن تعمل على تهدئة الخواطر وإجراء انتخابات جديدة تمهيدًا لعودة الدستور.

وفى مثل تلك الفترة التى تعتبر بحق مرحلة انتقال بين نظام ونظام، تلقى الصحافة المعارضة «فرجة» من الحرية أغلب ظنى أنها حرية مقصود منحها من جانب الحكومة لاستطلاع ما يختمر به الرأى العام وللوقوف على ما ضاقت به الصدور فى عهد مضى وما تختلج به النفوس لاستقبال عهد سيأتى.

وسواء صح هذا الظن أو لم يصح - وفى هذه الحالة تكون هذه الحرية أمرًا طارئًا يقضى به انصراف الوزارة الجديدة إلى تدبير شئونها، فإن الصحافة المصرية لقيت عهدا من الحرية بتولى الوزارة «العدلية» نسبة إلى عدلى - زمام الحكم فانتقلت الصحافة ثائرة صاخبة سادت شأن كل حبيس يلقى الحرية بعد أن أمضه الأسر طويلًا، فكانت «برطعة» صحفية لا ضابط لها ولا ميزان!

وتفسر روزاليوسف ذلك بقولها «كانت الصحف الموالية للوزارة الماضية وهى وزارة الأحرار الدستوريين تفرش الملاية بالطول وبالعرض «لعدلى يكن» ووزارته باعتبار أنها الوزارة  التى باشرت إقصاء «محمد محمود باشا» عن الحكم.

وكانت تكتيل للوفد المصرى ورجاله من كل كيل باعتبار أنه الخصم الذى لا سبيل إلى التفاهم معه!

وقد ذهب التطاول بإحدى هذه الصحف إلى حد إنها شبهت عدلى باشا بالعبد «التنتون» الذى يرخص ثمنه كلما تقدمت به السن، وعدلى باشا هذا هو الرئيس الأول لحزب الأحرار الدستوريين.

وكان موقفى أن أدافع عن الوفد كما هو دأبى دائمًا، وأن أرد التحية أحيانًا عن «عدلى يكن باشا» وهى تحية من النوع الذى أسلفنا ذكره بغير مبالغة فى الخدش والتجريح.

متخذة من ذلك وسيلة لإيغار صدر «عدلى باشا» على خصوم الوفد وهم الأحرار الدستوريون ولإيجاد فرصة مناسبة لشن الغارة عليهم وتصفية ما بيننا وبينهم من حساب قديم، فخرجت وإياهم عن جادة الاتزان وأسرفنا فى النيل من الشخصيات.

وكنت مضطرة إلى ذلك بحكم أن خصومى كانوا لا يتورعون عن منازلتى والوفد بأحط الألفاظ وأسوأ العبارات وقد أشرت إلى هذه الحال فى أحد الأعداد إذ قلت:

نحن آخر من يقول بالنزول بالخصومة السياسية إلى حضيض الشخصيات وفضح ما لا يجب فضحه من أسرار الناس وما يجب أن يظل فى ضمير البؤس والليلة الظلماء، ولكن إذا لم يعرف الخصم للخصومة السياسية حدها، فنحن فى حلِ من مقابلة الحصى بالطوب!

وكان موقفى هذا مع وزارة «عدلى يكن» لا يرضى الأستاذ مكرم عبيد - سكرتير الوفد - فكان دائم التذمر لأننا لم نهاجم الوزارة كما يريد أن تكون المهاجمة، وكانت الوزارة قد أجرت الانتخابات على الرغم من تخلف الأحرار الدستوريين عن دخولها، وكنت أرى أن الوزارة تؤدى مهمتها على الوجه المرغوب، وأن نصيب رئيسها لا يختلف عن نصيب رئيس الوفد من أقلام الصحف الموالية للوزارة الماضية.

وتستمر الذكريات والحكايات!