الأربعاء 3 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
معرض الكتاب والأمن الثقافى

معرض الكتاب والأمن الثقافى

الحالة المصرية الثقافية والأدبية والفنية كانت منذ آلاف السنين حاضرة بقوة فى العالمين القديم والحديث، هذا الوطن انصهرت بين جنباته العديد من الحضارات والثقافات الوافدة عليه، صدّرت مصر القديمة ولا تزال الفنون والثقافة والآداب بكل فروعها لكل أنحاء الدنيا، وفى العصر الحديث كانت لنا الريادة وكنا نقطة النور الثقافية المشعة التى تضىء سماء المنطقة العربية. 



حضرتُ الأربعاء الماضى افتتاح معرض القاهرة الدولى للكتاب فى أرض المعارض الدولية والذى يعتبر من أكبر أسواق العالم لبيع الكتب ومولدًا كبيرًا لتجمع المفكرين والمثقفين والشعراء ورجال السياسة.. معرض الكتاب حالة ثقافية فريدة اعتاد عليها الشعب المصرى بكل طوائفه وطبقاته، وهى فرصة ذهبية لكى يخرج الشباب والأسر لتسمع وتستمتع بندوات الشعر وغيرها من الفعاليات الفنية. 

هذه الدورة هى رقم  55 فى عمر هذا الكرنفال الثقافى، ويقام تحت شعار: «نصنع المعرفة.. نصون الكلمة»، وتم اختيار النرويج لكى تكون ضيف شرف هذه الدورة، وقد أحسنت وزارة الثقافة والهيئة المصرية العامة للكتاب اختيار هذا العنوان لهذه الدورة فنحن فى أمس الحاجة إلى المعرفة فى هذا العصر الذى لا يعترف بغير التقدم التكنولوجى المعرفى فى شتى المجالات العلمية، بالإضافة إلى أن الكلمة فى هذا العصر وعبر المنصات الاجتماعية ووسائل التواصل، يمكن أن ترفع دولًا وشعوبًا وتسقط أخرى وليس ببعيد ما نشاهده من خلال المحاولات المستمرة لبث الأفكار الهدامة المتطرفة والأكاذيب عبر الأخبار وأفلام الذكاء الاصطناعى التى تؤثر على المجتمع، وتنشر الشائعات وخاصة فى الوسط الشبابى الأكثر جلوسًا على وسائل ومنصات السوشيال ميديا.

هناك كثير من التحديات الكبرى التى تخوضها أمتنا العربية فى اللحظة الراهنة، وفى مقدمتها محاولة تزييف الوعي  العربي، ونلاحظ ونشاهد العدوان الهمجى الذى تتعرض له الأمة،  لا سيما الشعب الفلسطينى الشقيق وكل هذه الأكاذيب التى انتشرت فى الأيام الأخيرة على وسائل التواصل الاجتماعى لتضليل الرأى العام المصرى تحديدًا، فى هذا الإطار كانت هناك محاولات لتبصير الشباب بحقيقة الأمور، وأن مصر من أولى الدول التى وقفت إلى جانب الأشقاء الفلسطينيين على مر التاريخ، هذا جزء من الوعى الثقافى ننتظره فى معرض القاهرة الدولى للكتاب، من خلال الندوات السياسية والثقافية فى العديد من الفعاليات وخاصة فى دور العرض والأجنحة المهمة بالمعرض، هناك فرصة جيدة لنشر ثقافة الوعى لدى الشباب المصرى خصوصًا ما يتعلق بالقضية الفلسطينية والتى تشغل عقل وفكر معظم الشعب المصرى، وتعوّدنا أن نستمع إلى مفكرينا سنويًا داخل المعرض. 

أخذت جولة سريعة فى صالة الافتتاح الرئيسية شاهدت أجنحة وزارة الدفاع ووزارة الداخلية واستمتعت بشرح راقٍ من السادة الضباط من رجال القوات المسلحة والشرطة، وشاهدت هذا التناغم والمحبة بين الجميع من خلال تقديم رجال القوات المسلحة التهنئة لرجال الشرطة بعيدهم، وحمدت الله أن وكّل لهذا الوطن رجالًا صدقوا ما عاهدوا الله عليه، يحفظون أمن الداخل، ويصونون حدودنا ليلًا ونهارًا، وفى جناح الهيئة المصرية للكتاب رأيت مجموعة كبيرة، من كتب المفكرين والكتاب المصريين وموسوعات رواد الفكر والتنوير من طه حسين إلى العقاد وجمال حمدان إلى سمير فرج وغيرهم، وكلها تباع بأسعار مناسبة، وفى جناحى الأزهر الشريف والأوقاف، رأيت موسوعات دينية فى الفقه والتفسير وعلوم القرآن وكتبًا قيمة لمحاربة الأفكار المتطرفة والمتشددة، وهاتان المؤسستان تتمتعان برجال دين على قدر كبير من الوسطية والاعتدال فى هذا العصر.. مجهود كبير يُبذل ليظل هذا العرس الثقافى على قمة أسواق المعرفة فى الوطن العربى والعالم، هنيئًا لكل المصريين بهذا الحدث العظيم.. تحيا مصر.