الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
كاريكاتير ندمت عليه روزاليوسف!

كاريكاتير ندمت عليه روزاليوسف!

للمرة الثالثة يتولى عدلى باشا يكن رئاسة الوزارة، كانت المرة الأولى فى 16 مارس سنة 1921 والثانية فى 7 يونيو 1926 والثالثة والأخيرة فى 3 أكتوبر 1929 حتى أول يناير 1930.



الذى أعلن أن مهمة الوزارة الأساسية إعادة الحياة الدستورية وإجراء الانتخابات بحيدة ونزاهة.

وتكشف السيدة روزاليوسف فى ذكرياتها عن كواليس مهمة ومثيرة عن تلك الفترة فتقول:

كنت أرى أن الوزارة تؤدى مهمتها على الوجه المرغوب وكان موقفى هذا مع وزارة «عدلى» لا يرضى الأستاذ «مكرم عبيد» وكان دائم التذمر لأننا لا نهاجم الوزارة كما يريد أن تكون المهاجمة، وفى أحد الأيام أوحى الأستاذ «مكرم» بصفته المستشار المختار للنحاس باشا رئيس الوفد أن نلعن أبوخاش الوزارة لأنها أجرت الانتخابات ولم تزل باقية فى الحكم، وكان الإيحاء على شكل إنذار عن طريق غير مباشر، فكان أن صدر العدد 153 بتاريخ 13 ديسمبر 1929 وعلى غلافه الصورة الكاريكاتورية «عدلى باشا يكن يجلس واضعا ساقا فوق ساق» وقد كتب تحت الصورة: متى وكيف وماذا؟!

وكلام على لسانه يقول: الحمد لله عملنا الواجب لكن مش عارف سبب ده كله إيه، عاوز أقوم من الكرسى ومش قادر!!

وتقول روزاليوسف: كان للصورة دوى فى دوائر الوفد بين المتهافتين على الحكم أكثر من دويها فى الدوائر الوزارية واعتبروا أن هذه «جليطة» مما جعلني أندم على تورطي في إصدار تلك الصورة المجليطة، واحتملت هذا النقد اللاذع ولم أصرح باسم من أوحى إلينا بهذه الجليطة!

ومن ذلك اليوم شعرت لأول مرة بكابوس «مكرم عبيد» على الصحافة الوفدية وبان لى أن أصبعه تحرك أقدار الوفد!

وتحت عنوان «الجنتلمان عدلى يكن باشا» تقول روزاليوسف:

التقيت به مرة فى حياتى، كنت خارجة من وزارة المالية أجتاز الفناء الذى يفصل بينها وبين رياسة مجلس الوزراء وإذا بدولته ينزل من سيارته ويرتقى السلم الموصل إلى هذا الفناء، فوقفت حتى لا أعترض عليه صعود السلم ومر هو أمامى، فلم أتمالك نفسى من الحياء إذ تذكرت فصل الصورة إياها فأطرقت برأسى إلى الأرض برهة ثم تشجعت فرفعت رأسى والتقى النظران فإذا بالباشا تنطق شفتاه بابتسامه خفيفة لم يغرب عنى معناها، وإذا به يرفع يده بالتحية العابرة فأحنيت رأسى مسلمة، وما أن رفعتها حتى رأيته يبتعد نحو باب وزارة المالية فى قامته المديدة ومشيته الوئيدة الواثقة وفى يده عصاه تضرب الأرص فى رفق كأنها تتحسس مواطئ طرفها!

غاب الباشا رحمه الله وبقيت صورته فى مخيلتى ومن الصور ما تحتفظ به المخيلة عهدا طويلا، كان فى هذه المقابلة العابرة ما جعلنى أصدق أن الباشا رجل رقيق الشعور مرهف الحس إلى أبعد حد، وإذ ذاك فهمت لماذا يلح مكرم عبيد فى مهاجمة هذا الرجل، إذ إن مجرد الإحراج البسيط والوخز بأطراف الدبابيس كافيان لأن يجعلا «عدلى يكن» يزهد فى الوزارة ويؤثر عليها راحة البال والابتعاد عن ميدان التطاحن على «جاه» هو فى غنى عنه بحكم عائلته وبماضيه الأبيض فى تاريخ القضية المصرية!

كانت الأمة تترقب بفارغ الصبر انتهاء مهمة «عدلى يكن» ورجوع «النحاس» إلى الحكم وعودة دستور البلاد، وكان أن تولى النحاس باشا الوزارة فى أوائل يناير سنة 1930 ورجع دستور البلاد وصدر العدد 154 بتاريخ 7 يناير سنة 1930 وبداخله صورة كاريكاتورية تمثل «النحاس» ممسكا بدفه السفينة وعدلى باشا واقفا على الشاطئ يرجو له أطيب الأمانى وهو يقول:

أدى السفينة بصاريها ودفتها..

الخرق سديته، رُخرة النار وطفيتها

والوحل صفيته من قاعها لحافتها

أرخى قلوعها وسير يا «مصطفى» بيها

واجعل أمانينا مرساها ودفتها

وسارت سفينة الوزارة الوفدية بالقلع والمجداف تدفعها أنفاس أمة تتوق إلى الاستقرار وتحقيق أمانيها فى الاستقلال وحسن التفاهم مع الإنجليز!

وللذكريات بقية!