الأربعاء 1 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
صدمة روزاليوسف فى حكومة الوفد!

صدمة روزاليوسف فى حكومة الوفد!

فى أول يناير سنة 1930 قام مصطفى النحاس باشا بتأليف الوزارة بعد فوز الوفد بالأغلبية فى الانتخابات التى أجرتها حكومة «عدلى يكن باشا» بنسبة أكثر من 90٪ من مقاعد البرلمان.



وتتذكر السيدة روزاليوسف كواليس تلك الأيام قائلة:

«كان هدف الوفد الأول فى سياسته الخارجية المفاوضة مع الإنجليز على أساس جديد غير أساس مشروع معاهدة «محمد محمود- هندرسون» وكان هدف الوفد فى سياسته الداخلية وضع قانون يقدم إلى المحاكمة كل من يمس دستور البلاد ويعمل على النيل منه.

لهذا لم يكن عجبا أن يتشاءم المتشائمون فى قرب نهاية الوزارة الوفدية وانطلقت الشائعات تملأ الجو بكل عجيب نظرا إلى خطورة المهمتين اللتين تريد إنجازهما!

وارتفع سعر المنجمين وظهرت بعض المجلات تحمل على صفحاتها آراء وتخمينات وكنت فى عداد هذه المجلات.

وللمسألة حكاية، حضر إلى مصر فى ذلك العهد المستر «أوفاريل» مراسل الأهرام بلندن فى اجازة قصيرة واجتمع بنا ليسر إلينا أن الوزارة لن تعمر طويلا لأسباب لم يشأ أن يكشف عنها، فكان أن قوبلت أقواله بالعناد وأخذت تنشر أقوالا لمنجمين لم أعرف يوما لون «سحنتهم» وأنا ابتهل إلى الله أن يطيل فى حياة الوزارة للوطن - كما كنت أعتقد - ولمجلتى أيضا وذلك بحكم أننى كنت غارقة فى الديون من جراء المصادرات السابقة الذكر.

ومما هو جدير بالذكر أننى تلقيت يوم قيام الوزارة الوفدية تهانى عديدة من تجار الورق وحروف الطباعة فعجبت وانشغلت بمولد قيام الوزارة وسرت أتقدم «زفة الصحافة الوفدية» وهى تطلق أعذب الألحان ابتهاجا بفتح البرلمان وعودة الحياة النيابية، ثم سرعان ما أفقت بعد ذلك على إنذارات أصدقائى التجار أصحاب التهانى السابقة الذكر!

وتحكى روزاليوسف هذه الواقعة الغريبة بقولها:

بعد جلسة طويلة مع زميلى الأستاذ «التابعى» راجعنا فيها دفاتر الماضى والمستقبل وتحدثنا بلهجة رجال المفاوضة اتفق الرأى على أن أذهب إلى «مكرم عبيد» لأطلعه على المأزق الذى نحن فيه، فذهبت لمقابلة الأستاذ «مكرم» فى منزله ومعى رزمة من الإنذارات بالدفع الذى دونه «الغلق» والموت الزؤام للمجلة وصاحبتها!

استقبلنى «مكرم عبيد» وعلى وجهه تلك الابتسامة العريضة التى يُخيل إلى رائيها أنها تقول كل شىء وترحب بكل شىء وتجيب كل شىء، وهى فى الواقع لا تقول ولا ترحب ولا تفعل شيئا.

وبعد أن أوضحت إليه حقيقة موقفى من الدائنين وسردت له أنواع الخسائر التى تكبدتها أثناء قيام وزارة محمد محمود باشا أجابنى:

متأسف يا ست «روز».. لأن دولة الباشا مش عاوز يعمل زى «محمد محمود» ويدفع فلوس للجرايد!

وتأسفت بدورى لأنى أنزلت نفسى تحت تأثير حاجة مشروعة إلى طلب المساعدة، ولكن سرعان ما تلاشى هذا الأسف بتأثير فرحتى، نعم فرحت إذ رأيت القوم يحجزون أموال الدولة على أصحاب الجرائد، يضنون بالمليم على كل إنسان حتى على من فقد ما يملك فى سبيل الانتصار لقضيتهم!

وتكمل روزاليوسف قائله: قضى الوفد فى المعارضة ما يزيد على السبع سنوات، ولم يجلس خلالها على مقاعد الحكم إلا مرة واحدة فى سنة 1930 ولم يطل جلوسه عليها أكثر من ستة شهور تقريبا.. كانت هدنة بين انقلابين شهيرين: انقلاب محمد محمود سنة 1928 ثم انقلاب صدقى سنة 1930.

وقضت روزاليوسف هذه المدة ذاتها فى صفوف المعارضة التى لا تلين متحملة كل مشقات الجهاد والإصرار خلال هذين الانقلابين اللذين اختفت فيهما أكثر الضمانات.

وللذكريات بقية!