الجمعة 3 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

بريد روزا

ابنتى تعانى دون شكوى

تحية طيبة من القلب لبريد روزا وبعد...



أنا سيدى الفاضل أم لفتاة بسن الزواج أعيش فى حيرة شديدة من أمري، بسبب تقدم عريسين للزواج من ابنتي، يفصل بين كل منهما شهرًا واحدًا تقريبًا، وزوجى رجل مسن قارب على الثمانين، فضل ترك إدارة بعض أمور حياتنا لي، أهمها مسئولية تربية وزواج نجلتنا الوحيدة، حيث رُزِقنا بها على كبر بعد عدة سنوات من المعوقات الإنجابية،، فتاة جميلة مهذبة وبسيطة، ليس لها خبرات تذكر، حاصلة على درجة الليسانس منذ ثلاث سنوات، تسبب خوفنا الشديد عليها وعدم السماح لها بالاختلاط كثيرًا، بجانب ظروف المعيشة بالمدينة واحتياج الشباب لتجهيزات أكثر كلفة من القرى، فى تأخر ارتباطها أثناء دراستها، أو بعدها مباشرة - لكن منذ أكثر من شهر ونصف الشهر طلب يدها شابًا كان زميلًا لها بالكلية، يعمل بشركة خاصة، راتبه الشهرى لا بأس به، وساعده والده وشقيقه الذى يعمل بأوروبا فى تأجير وتجهيز شقة الزوجية بحى راق قريب، ونظرًا لشهادة الفتاة فى حقه بحسن الخلق، والاجتهاد والتدين، كذلك فإن شعورها بأنه كان معجبًا بها أثناء دراستيهما الجامعية، مما جعلها تميل نحوه، فوافقنا عليه فى النهاية وتمت قراءة الفاتحة بحضور الأهل المقربين، ثم فاجأنا عريس آخر بعد وقت قصير من تقدم الأول، يعمل صيدليا بالتقدم لها، وهو لا يقل فى شىء عن خطيبها، بل أكثر استقرارًا منه، لأن والده يعمل مديرًا عامًا بمصلحة حكومية ووالدته طبيبة، له شقة يمتلكها وصيدلية وسيارة، إنسان هادىء الطباع وخجول، حضر رفقة والدته عن طريق شقيقة زوجى التى تعرف أسرته جيدًا، والحقيقة أستاذ أحمد أن ابنتى عندما علمت بالأمر لم تمانع فى التفكير بشكل عملى وترك خطيبها الحالى لأجل إرضائي، أما زوجى فيرى بأن خطيبها لم يقصر فى شيء، وله أولوية التقدم، وبأننا لا يجب أن نقهره، طالما أنه يحب ابنتنا وحتمًا سيقدرها، ورغم أننى لا أختلف كثيرًا معه فى وجهة نظره - إلا أن الشاب الثانى الصيدلى أصبح يضغط بشدة من كل الاتجاهات لفسخ خطبتها والارتباط بها، طالما أنها لم تعلن تمسكها بخطيبها صراحة، ولايزال هذا الارتباط لا يتخطى قراءة الفاتحة، وما أحزننى بشدة هو رؤية ابنتى تبكى أثناء خلوتها بغرفتها دون إبداء أسباب لبكائها، وهى إنسانة كتومة منذ صغرها، مرهفة الحس، أو غامضة بعض الشيء، فبماذا تنصحني!؟ 

إمضاء ى. خ عزيزتى ى. خ  تحية طيبة وبعد...

من الواضح أن هناك فجوة اتصالية كبيرة بينك وبين ابنتك، لأنه بالرغم من تفويض زوجك لكِ بإدارة شئونها - إلا أنها اختلت بنفسها وبكت دون معرفة السبب، وهذا دليل على تأزم حالتها النفسية وغياب التواصل المثمر بينكما، وبأنها لاتزال تحتفظ ببعض الأسرار المهمة التى لم تطلعك عليها، قد يكون من بينها رغبتها فى الارتباط بأحد الشابين المتقدمين لخطبتها دون الآخر - ولا ينصح بأى حال من الأحوال تلخيص دورك كأم فى مجرد إلمامك بشخصيتها، وقدرتك على وصفها بدقة فقط - بل يجب فعل ما هو أبعد بكثير، مثل تأثيرك فيها وتعديل توجهاتها المشوشة وصقل خبراتها، وإطلاعها على تجارب الآخرين فى الأمور الحياتية المختلفة، لضمان استوائها اجتماعيًا ونفسيًا، وأنتِ اكتفيتى بمراقبة تصرفاتها عن بعد دون الولوج إلى عالمها الخاص، مع ملاحظتك انطوائيتها وغموضها، وهى تركيبة غير مستحبة تمامًا فى الأبناء، أو على وجه الدقة، مرفوض استمرارها دون تطوير ودمج مجتمعى ومعرفى قدر الاستطاعة - وحتى إذا أخذنا فى الاعتبار وجود عامل وراثى يصعب معه التطويع، تبقى الأم دائمًا هى «ساحرة الوجدان» بقدراتها الخاصة فى تطبيب أبنائها، وتعديل بوصلتهم بمستشعرات فطرة أمومتها المقدسة،، لذا يجب أن تظلى قريبة منها، لا تتركيها وحدها دون معرفة السبب الحقيقى لحزنها والعمل على تلاشيه، وكسب أرض جديدة من الثقة المتبادلة بينكما، أما بالنسبة لتلك المقارنة المطروحة بين الشابين المتقدمين لخطبتها، فالأول أرى بأنه الأنسب حسب تفاصيل رسالتك، لأنه كان زميلًا لها بالدراسة شهدت فى حقه بكل خير، كذلك فإن حاسة الأمومة لديكِ رصدت إعجابها به وميلها نحوه، فلا تشتتيها بإدخال خيارات جديدة لن تزيدها إلا إرباكًا وحيرة، ولا تفرحى بموافقتها على أى رأى تطرحينه، لأن هذا أمر غير جيد يسلبها إرادتها فى الاختيار، ويدفعها للسلبية فى اتخاذ قراراتها المصيرية، كما أنه لا بأس فى رؤية زوجك بعدم قهر خطيبها لمجرد جاهزية الشاب الثاني، بشقة ملكًا له وصيدلية وما إلى ذلك - والأخير لم يكن منصفًا فى تصميمه على إزاحة الأول من طريقه للفوز بخطيبته قهرًا وظلمًا، وهو يعلم بتقدمه أولًا.. فعن أبى هريرة، عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: «لا يخطُبُ أحدُكم على خِطبةِ أخيه، حتى ينكِحَ أو يترُكَ» صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو حديث متَّفَقٌ عليه،، وهذا التصرف يعد نوعا من الأنانية والنفعية المطلقة - لا أرى فيه خير أو لصاحبه أمان. 

دمتِ سعيدة وموفقة دائمًا ى. خ